رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    البابا تواضروس: لبنان لها مكانة خاصة لدى المصريين    سفيرة الاتحاد الأوروبي: ندعم طموح مصر في أن تكون مركزًا رقميًا إقليميًا    بعد غلق الباب.. تعرف على موعد نتيجة تظلمات «سكن لكل المصريين 5»    البابا فرانسيس .. وإستابون !    بصحبة زوجته والقط.. أول صورة لجو بايدن بعد إعلان إصابته بالسرطان    محمد صلاح.. والكرة الذهبية    الهلال السعودي يسعى لخدمات برونو فيرنانديز    مدافع أرسنال يخضع لعملية جراحية    السيطرة على حريق داخل مصنع أسمدة بالتبين    خروج عربات قطار بضائع عن القضبان في الدقهلية    الأيادى تصنع الخلود فى يوم المتاحف العالمى    «الشهاوى» مشرفاً على إبداع التنمية الثقافية    "الإغاثية الطبية بغزة": لا يمكن للاحتلال أن يكون موزعا للمساعدات وهو يقتل المدنيين    زياد بهاء الدين: محمد سلماوي نموذج للولاء للصداقة والاهتمام بالثقافة والعمل العام    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟ أمينة الفتوى تجيب    وزير الصحة يؤكد إلتزام دول إقليم شرق المتوسط بالمشاركة الفعالة نحو عالم أكثر أماناً صحياً    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    إزالة 230 حالة إشغال وتعدٍ ب السوق التجارية في إدفو ب أسوان    مصرع طفل غرقا بترعة نزلة حنا في بني سويف    أزمة بين عبدالله السعيد وعضو مجلس الزمالك.. وتدخل من الجنايني (خاص)    الرئيس الفلسطيني يزور لبنان الأربعاء ويلتقي نظيره جوزيف عون    خلال لقائه البابا تواضروس.. الرئيس اللبناني: مصر بكل ما فيها قريبة من قلب شعبنا    أول صورة لجو بايدن مع زوجته بعد إعلان إصابته بالسرطان    ب"طعنة في القلب".. إعدام قهوجي قتل شابًا أمام مقهى بالجيزة    أسما أبو اليزيد ل الفجر الفني:" شخصيتي في مملكة الحرير مختلفة وكريم محمود عبدالعزيز طاقة إيجابيه"    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    ب 157.1 مليون جنيه.. مصر على قمة شباك تذاكر السينما في السعودية (تفاصيل)    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    محمد صلاح يكشف كواليس تجديد عقده مع ليفربول    مؤسس تليجرام يتهم الاستخبارات الفرنسية بمحاولة التدخل في الانتخابات الرومانية.. والثانية ترد    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    وزيرة التنمية المحلية تبحث مع المركزي للتنظيم والإدارة مجالات التعاون بين الجانبين    قتلى وجرحى بانفجار في جنوب غرب باكستان    الكاتب الصحفي كامل كامل: تقسيم الدوائر الانتخابية يضمن العدالة السياسية للناخب والمرشح    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    «لا نقاب في الحرم المكي».. عضو مركز الأزهر توضح ضوابط لبس المرأة في الحج    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعميق حاسة العمل عند المسلمين (4- 7)

الدلالة «الاقتصادية» للعمل كمصداق للإيمان ومعيار للثواب والعقاب
فهمنا من المقالات السابقة الدلالة «الإسلامية» للعمل كمصداق للإيمان ومعيار للثواب والعقاب فى الحياة الأخرى، ولكننا لم نتطرق إلى دلالة هامة جدًا هى الدلالة «الاقتصادية»، التى تكاد تبرز «النظرية الاقتصادية الإسلامية» التى أعيى الباحثين التوصل إليها وإبرازها، ألا وهى أن العمل هو أصل القيمة «وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى»، ومع أن هذا المبدأ هو ما اهتدت إليه الاقتصاديات الرأسمالية نفسها، إلا أن تصورها لا يأخذ كماله بالصورة التى عرضها الإسلام.
إن فكرة أن العمل هو أصل القيمة فى الاقتصاديات الرأسمالية ليس لها أى صلة ب«أخلاقية»، وإنما أبرزته باعتباره جهد الفرد صاحب المبادأة والإقدام الذى يكافأ عليه بالربح.
ونتج عن تجرد العمل من العنصر الأخلاقى ثلاث نتائج:
الأولى: خلل فى العلاقة ما بين الرأسمالى العامل، والأجير العامل. إن كلاً منهما يمثل العمل، ولكن الخلاف يحدث عند قسمة «عائد العمل»، فالرأسمالى يستأثر بنسبة أكبر بكثير مما يستحقه بحيث لا يدع للعامل إلا ما يكفل له حياة الكفاف، وأدى هذا إلى توتر العلاقة ما بين العمال والرأسمالية والصراع الاقتصادى الذى عكر صفو السلام فى المجتمع.
الثانية: إن مجالات العمل التى يطلق عليها الاستثمار، فى إشارة واضحة إلى الكسب، تركزت فى المجالات التى تحقق أقصى الربح، وهى عادة ما تعنى بإشباع شهوات النفوس، ويوضح تعامل الرأسمالية للفنون أنها دون مبالغة عمدت إلى الهبوط بها، وأدى استمرار هذا المنهج «التنازلى» إلى حد وصل إلى جعل كل أنواع الشذوذ التى تشمئز منها القلوب أمرًا مطلوبًا ومقررًا ويجب أن يكون محل تسليم، وأن يسير «العرى» قدمًا حتى يكاد يكشف من جسد المرأة أكثر مما يستر.
والثالثة: إن اختلال العلاقة ما بين الرأسمالية والعمال الذى أشرنا إليه آنفاً لم يقتصر على مجال العاملين، ولكنه غطى المجتمع، ففى الوقت الذى تدفع فيه آلية الرأسمالية عجلة الإنتاج إلى المزيد، فإن حرمان العمال من حقهم فى «قيمة العمل» يحول دون قدرتهم على شراء السلع «المتلتلة» فى الأسواق، وتحقق المثل المشهور من أن (الفحام يبرد لكثرة إنتاج الفحم، وأن الخباز يجوع لكثرة إنتاج الخبز)، فالإنتاج متكاثر، ولكن بقدر تكاثره بقدر ما يزداد العجز عن استهلاكه، ويدفع هذا الرأسماليين للتخلص من عدد من العمال، فتظهر البطالة التى اعتبرت ظاهرة لا مناص عنها فى الإنتاج الرأسمالى.
ولكن الرأسمالية فى سبيلها لحل مشكلتها اهتدت إلى سلعة لا يمكن إنتاجها أن تغرق السوق، وفى الوقت نفسه فإنها تمتص بطالة المتعطلين، هذه السلعة هى «السلاح» لأنها سلعة عقيمة لا تعرض فى الأسواق، وإنما تتخاطفها الحكومات إن لم يكن لاستخدامها فى بلادهم فلبيعها لمختلف دول العالم، فوجدت الرأسمالية فى ذلك ملاذاً حال دون وقوعها فى الفاشية أو الاشتراكية، ولكن بأى ثمن؟ الثمن هو الهلاك والتدمير، وهو «صناعة الحرب»، ونجد أكثر صور هذه الظاهرة مأساوية فى الولايات المتحدة التى أصبح اقتصادها رهناً بصناعة السلاح، وأصبحت سياستها لذلك إضرامًا للحروب.
■ ■ ■
لم تقتصر الدلالة الاقتصادية لكون العمل مصداق الإيمان ومعيار الثواب والعقاب، على أنها أنقذت المجتمع الإسلامى مما سقط فيه الإنتاج الرأسمالى الذى آمن بالعمل ولكن دون أخلاقياته الإسلامية، إن الدلالة امتدت إلى حماية المجتمع الإسلامى من ظاهرة مخيفة هى «الربا».
ولأن الموضوع فنى وعميق، فنقول لغرض التبسيط إن الإنتاج الرأسمالى الذى هو العمل دون التزام بأخلاقيات جعلته ينجح نجاحًا عجزت فيه وسيلة النقود عن أن تستوعب الإنتاج، وكانت العملة حتى ذلك الوقت تعتمد على الذهب، وكان هذا يعطيها قدرًا من الثبات، لأن مقدار الذهب محدود فى العالم، ولكن لما توحش الإنتاج الرأسمالى لم يعد الذهب قادرًا على استيعاب الإنتاج، وفى سبعينيات القرن العشرين أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تلتزم بالذهب عندما عجزت العملة سواء كانت بالذهب مباشرة، أو بعملة ورقية مضمونة تصدرها الدولة بالذهب.
من أين إذن ستجد الرأسمالية العملة التى تستوعب الإنتاج المتكاثر للرأسمالية؟ والرد أنها وجدتها فى البنوك، وقد نشأت البنوك فى الصاغة وتجار الذهب الذين ائتمنهم بعض الحكام والأغنياء على ذهبهم، فأودعوه عندهم للحفظ، واستكشفت البنوك أن أصحاب هذه الأموال قلما يطلبون أكثر من 10 إلى 20 فى المائة، وأن الباقى يظل مددًا طويلة، ففكروا فى الاستفادة من هذا المال المحفوظ بتسليفه إلى محتاجين مقابل فائدة، ولما نجحت الفكرة عملت البنوك على إغراء الناس بإيداع أموالهم «وديعة» لسنة أو اثنتين أو أكثر لقاء تعاطيهم فائدة، وبهذا توفر لهذه البنوك أموال ضخمة كان يمكن لها أن تطلقها لتعمل فى السوق بدلاً من أن تظل حبيسة لدى أصحابها.
ويصور بعض الاقتصاديين الأكاديميين هذه الأجزاء كالآتى: إذا اعتبرنا أن نسبة السيولة أو النقد الذى يجب أن يتوفر لدى البنك هى 20%، وأن البنك تلقى وديعة قيمتها ألف جنيه، فمعنى هذا أن البنك يجب أن يحتفظ ب200 جنيه فى خزينته ويقرض أو يستثمر ال 800 الباقية.
ومرة أخرى لم تقف العملية عند هذه الدرجة؛ ذلك أن الذين اقترضوا من البنك سوف يودعون ال 800 جنيه لدى بنك آخر، وما إن يضع البنك الآخر يده على ال800 جنيه حتى يبقى عنده 160 جنيهًا (نسبة 20%) ويقرض أو يستثمر 640 جنيهًا وهذا المبلغ يسلك طريقه نحو بنك ثالث ليحتفظ بمبلغ 126 جنيهًا ويستثمر 512 جنيهاً وهلم جرا، حتى تكون النتيجة أن وديعة الألف جنيه قد أوجدت أو كما يقولون «خلقت» أربعة آلاف جنيه.
وقد يسأل سائل: ومن أين ستأتى البنوك بتلك الأموال «الائتمانية» كما أطلق عليها، والرد أن البنوك ليست فى حاجة للنقود، لأن شيكاتها تعد نقودًا، فقد منحها القانون صفة أداة وفاء، وهو لا يعطى نقودًا.. ولكن دفتر شيكات، وفى العالم الرأسمالى تتم كل العمليات الاقتصادية والمالية بشيكات مسحوبة على بنوك، ولا يحمل عملة إلا العرب الذين يزورون الغرب.
وتجتمع البنوك كل ليلة مساءً، بعد أن تغلق أبوابها لتجرى مقاصة فيما بينها بحيث يعرف كل بنك الشيكات المسحوبة له، والشيكات المسحوبة عليه ليسوى فى الدفاتر.
كلها أرقام.. كلها أوراق.
الحقيقة أن هذا الاستكشاف الذى يطلق عليه «الائتمان» والذى مكن البنوك من أن «تضخ» أو «تخلق» نقودًا لا حصر لها كان ثورة فى آليات التبادل، وبعد أن كانت البنوك تبحث عن الودائع أصبحت الودائع توجد أو تفتعل بنوكاً، أو شركات ورقية يطلقون عليها شركات الفقاقيع، وكانت الأزمة الأخيرة التى نشأت فى أمريكا نتيجة تهاوى نظام رهن البيوت مثالاً لذلك، فقد أرادوا أن يجعلوا من كل أمريكى صاحب بيت، وأى موظف حتى لو كان صغيرًا كان يمكن أن يملك بيتاً برهن راتبه، وكثرت هذه الرهون حتى أصبحت مبالغ جسيمة فاستثمروها مرة أخرى، ثم استثمروها مرة ثالثة، كما كفلوها بشركات تأمين، وفى النهاية فقد المالك الأصلى للبيت وسط غابة الرهونات المتوالية، ولما ظهر وعجز عن الوفاء كان لابد لهذا البناء «الورقى» أن يتهاوى وأن يهز معه اقتصاديات العالم بأسره.
وهذا لا ينفى أن البنوك قامت- وتقوم- بخدمات كبرى بحيث لا يمكن للاقتصاد أن يمضى دونها، ونقطة الضعف فيها هى «الائتمان» دون عمل بمعنى أن البنك الرأسمالى لا يعنيه ماذا سيفعل العميل بالقرض مادام هذا القرض يغطيه رهن، ولا يفرق عنده أن يقيم به «خمارة» أو ينفقه على رحلة فى الخارج أو يصرفه لعرس ابنه أو ابنته.
هذه كلها لا تعنى البنك ولكنها تمس التوازن الذى يجب أن يتحقق ما بين قدر العملة وقيمة الإنتاج لأنه إذا زادت العملة دون إنتاج، فإن هذا سيؤدى إلى التضخم، وقد تؤدى إلى البطالة والأزمة، ولكن الإسلام يربط ما بين المال والإنتاج، ويجعل العمل أصلاً للقيمة فلا يقدم بنك قرضًا ما لم يتأكد أن المشروع إنتاجى ناجح ونافع، وعندئذ يمكن أن يقدم القرض مع احتفاظه بقدر من الإشراف وليس «المشاركة» لأن البنك لا يمكن فى هذه الحالة أن يشارك،
ومن حقه أن يتقاضى نسبة محددة من عائد الربح طبقاً لحسابات «جدوى المشروع»، ولا نرى فى تحديد النسبة ما يجعلها تتحول إلى ربا ويمكن ألا تجاوز 10%، وبهذا يتأكد البنك من أن القرض يسهم فى الإنتاج وأنه يأخذ حقه المشروع، أما أن يأخذ نصف أو ربع العائد فهذا يدل على أن البنك الإسلامى «ربوى» أكثر من أى بنك ربوى آخر.
[email protected]
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.