قال الدكتور سراج لاشين، المدير الأسبق لمدينة مبارك للأبحاث العلمية: إن السياسة وتدخلات أمانة السياسات بالحزب الوطنى أفسدت المدينة، وإن إقالة الدكتور محمد السعدنى المدير السابق للمدينة مؤخرا كانت أسبابها سياسية. أضاف «لاشين» فى حواره مع «المصرى اليوم»: لا توجد أسرار تتعلق بالأمن القومى داخل المدينة».. وإلى نص الحوار. ■ متى أنشئت المدينة؟ - صدر قرار إنشاء المدينة فى عهد وزير البحث العلمى الأسبق، الدكتور عادل عز عام 1993 وقطعت إجراءاتها شوطا كبيرا لإيجاد تمويل ومكان لإقامتها، وبدأ العمل بها فى عام 2000. ■ كيف تم إعداد الباحثين الذين عملوا بها؟ - حوالى 60 باحثا سافروا على نفقة مصر للدراسة فى أفضل معاهد أمريكا وألمانيا بتكلفة 500 ألف دولار للباحث الواحد وبعض الباحثين تم تدريبهم فى المركز القومى للبحوث. ■ كم باحثا ممن سافروا على نفقة الدولة عاد إلى مصر؟ - كلهم عادوا لأننا وضعنا لهم خطة قبل سفرهم، وبموجبها تم تجهيز معامل بالمدينة على أعلى مستوى حتى يعملوا فى بيئة شبيهة بالتى درسوا بها، لكن للأسف رجع بعضهم يحمل جنسية الدولة التى سافر إليها. ■ لماذا حصلوا على جنسيات أجنبية؟ - لأنهم كانوا بارعين فى مجالات بحثية معينة وتحرص الدولة المتواجدون بها على منحهم الجنسية، أملا فى بقائهم بها للاستفادة من أبحاثهم. ■ هل هناك شروط معينة يجب أن تنطبق على من يتولى منصب مدير المدينة؟ - المعين بقرار جمهورى لابد أن يكون قضى فترة 5 سنوات بعد حصوله على درجة أستاذ. ■ ما تعليقك على الخلافات التى أثيرت بين الوزير هانى هلال ومحمد السعدنى المدير السابق للمدينة؟ - «السعدنى» لم يعين بقرار جمهورى، لأنه وقت توليه المدينة كان قضى فى الأستاذية سنتين فقط ولم يتوفر فيه شرط التعيين بالقرار الجمهورى وعندما استوفى السنوات الخمس لم يصدر له قرار تعيين. ■ ما تقييمك لفترة إدارة الدكتور السعدنى للمدينة؟ - كان فيه تراجع فى أدائها وأرى أن المشاكل بدأت منذ توليه، وكانت كل الناس «بتتخانق» مع بعضهم وهاجر جزء من الباحثين للخارج فى الفترة الأخيرة التى ازدادت فيها المشاكل، وتحولت من مدينة علمية لمدينة سياسية لأن لجنة السياسات بالحزب الوطنى تدخلت فيها. ■ ماذا تقصد بتدخل السياسة والحزب الوطنى فى أمور المدينة العلمية؟ - الدكتور السعدنى عضو بأمانة السياسات بالحزب الوطنى وجاء إلى المركز بالسياسة، وخلافاته مع الوزير سياسة، وسبب إقالته أيضا سياسة وليست لها علاقة بالبحث العلمى. ■ هل تقصد أن هناك مصلحة ما جعلت هلال يأتى بالسعدنى لإدارة المدينة وبعد ذلك غضب عليه؟ - اسأل الوزير لماذا ترك كل أساتذة المركز القومى للبحوث الذين نشأوا فى الموطن الأصلى للبحث العلمى فى مصر وأتى بأستاذ جامعى، فى الوقت الذى تولى فيه كل المديرين السابقين المدينة بخبرة أقلها 19 سنة على درجة أستاذ قبل توليه المدينة ويأتى الوزير بالدكتور السعدنى مديرا رغم أنه أمضى سنتين فقط فى الأستاذية؟! ولم يزر المدينة قبل توليه إدارتها ولا مرة وأنا لم أره فى المدينة على الإطلاق. ■ ما السبب فى رأيك وراء إقالة «السعدنى»؟ - لأنه ذهب لمجلس الشعب ينتقد سياسة «هلال». ■ ما الأسباب التى أدت لتراجع دور مدينة مبارك العلمية؟ - منذ تولى د. السعدنى وهو أستاذ بجامعة الإسكندرية إدارة المدينة، قطع الصلة بين المدينة والمركز القومى للبحوث، الأب الشرعى، الذى يضم شيوخ العلماء فى مصر وهو لا يعرف أحدا فى مركز البحوث ولم يزره على الإطلاق وتم «تسييس» المدينة وجرفها فى طريق آخر لا نعرفه. ■ الدكتور السعدنى قال ل«المصرى اليوم» إن المدينة ازدهرت وقت توليه منصبه وكانت لها إنجازات عديدة.. فما رأيك؟ - المشروعات التى تحدث عنها السعدنى بدأت منذ إنشاء المدينة وليست نتاج فترته. ■ قال السعدنى إن المدينة بها أسرار أمن قومى وتسعى إسرائيل لمعرفتها.. فما تعليقك؟ - كلام غير معقول ولا يوجد أى سر بالمدينة، ولو كان بها سر مرتبط بالأمن القومى ستكون مدينة حربية وليست علمية. ■ وما تعليقك على ما قاله حول ضغط «هلال» على الباحثين للتعاون مع إسرائيل؟ - لا يعقل أن الوزير يوجه أحداً للتعاون مع جهة ستضر بالأمن المصرى. ■ هل كان هناك تعاون بين المدينة وأى جهات إسرائيلية فى فترة توليك إدارة المدينة؟ - لا لم يكن فى وقتى أى تعاون مع جهات إسرائيلية، لكن فى فترة الثمانينيات أيام وجودى بالمركز القومى للبحوث كان هناك مشروع شراكة بحثية، تموله أمريكا، وكانت شروطه أن تكون إسرائيل جهة أساسية مع دولتين عربيتين، وتكون هناك فائدة لكل الدول المشاركة فى التعاون البحثى، وذهبت إسرائيل مرتين بطريقة شرعية من مطار القاهرة إلى تل أبيب مباشرة لزيارة المعاهد الإسرائيلية لإجراء الأبحاث وجاء الباحثون الإسرائيليون مصر. ■ فى أى المجالات كان هذا المشروع؟ - فى تطوير إنتاج البطاطس. ■ ما مجالات التعاون الأخرى التى تعاونّا فيها مع إسرائيل؟ - فى أبحاث الطحالب والزراعة أيام الدكتور يوسف والى. ■ هل كانت كل هذه المشروعات معلنة؟ - كانت تحت الرقابة ولم يكن هناك شىء خفى. ■ لكن إسرائيل عدو تاريخى للعرب؟ - العلم ليس له وطن ولا دين، وكيف أمتنع عن التعامل مع إسرائيل وفيها أحسن علماء العالم. ■ هل تم إجبار الباحثين على إتمام التعاون مع إسرائيل؟ - لا إطلاقا. ■ هل يتدخل الوزير فى أمور الباحثين بشكل مباشر ليفرض عليهم توجهات سياسية؟ - لا أعتقد. ■ كيف لا يتدخل وهو من تدخل لحجب جائزة الدولة التقديرية عن الدكتور هانى الناظر؟ - هذا تدخل بالفعل، لأنه وضع معياراً جديداً فى الجائزة التى تقدم لها «الناظر» ليعوقه عن الحصول عليها وتسبب فى ظلمه. ■ هل يفعل الوزير ذلك حتى لا يخلفه أحد من هذه الشخصيات فى الوزارة؟ - «ماتحملنيش أكتر من طاقتى فى الحديث، أنا باحث متفرغ وفى حالى». ■ لكن نريد أن نضع أيدينا على الأزمة؟ - أنا قلتها أكثر من مرة.. مشكلة البحث العلمى فى مصر هى الإدارة وليست الباحثين ولا التمويل. ■ ما تقييمك لفترة د. هانى هلال فى وزارة البحث العلمى؟ - هلال معظم وقته أعطاه للتعليم العالى، واهتمامه بالبحث العلمى محدود ولم يعطه حقه.. لك أن تتخيل طوال فترة تولى الناظر رئيساً للمركز القومى للبحوث أن الوزير لم يزر المركز سوى 3 مرات خلال 4 سنوات، ولا تتعدى زيارته الدقائق المعدودة. ■ هل تعتقد أن هناك خطة للبحث العلمى تم وضعها منذ تولى الدكتور هانى هلال؟ - لا توجد خطة للبحث العلمى فى مصر محددة الأهداف.. كله كلام «عايم». ■ هل تأثر البحث العلمى منذ ضم وزارة التعليم العالى والبحث العلمى فى حقيبة واحدة؟ - من الأفضل وجود وزارتين منفصلتين أو وجود وزير يعطى أولوية للبحث العلمى ويتابعه مثل الدكتور مفيد شهاب الذى تولى الحقيبتين معا وأتقن العمل فيهما رغم أنه رجل قانون. ■ ما الحل الأمثل لإنقاذ البحث العلمى؟ - إصلاح طريقة الإدارة، بداية من إدارة وزير البحث العلمى عن طريق توفير إدارة مختلفة للبحث العلمى، ومتفرغة، تستطيع أن تتعاون وتنفذ الأبحاث العام الماضى، كان عندنا 3 باحثين فى المركز القومى للبحوث ابتكروا مصلا ضد أنفلونزا الطيور ولم يتم تنفيذه فى مصر، رغم اعتراف دول العالم به، وتركناه وقمنا باستيراد مصل من الخارج.. والباحثون المصريون الذين ابتكروا المصل هاجروا للخارج ولن يعودوا. تواريخ: ■ صدر قرار جمهورى بإنشاء مدينة مبارك للأبحاث العلمية والتكنولوجية سنة 1993 وافتتحها الرئيس مبارك فى أغسطس عام 2000.تولى إدارة المدينة منذ إنشائها: ■ الدكتور عبدالمنعم حمودة، أستاذ كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، من 1995 إلى 1998. ■ الدكتور حسين معوض، أستاذ بالمركز القومى للبحوث، من 1998 إلى 2000. ■ الدكتور أحمد الديوانى، أستاذ بالمركز القومى للبحوث، من 2000 إلى 2001. ■ الدكتور سراج لاشين، أستاذ مركز البحوث القومى، من 2001 إلى 2003. ■ الدكتور مدحت سيف النصر، أستاذ بالمركز القومى للبحوث، من 2003 إلى 2006. ■ الدكتورة مهى الدملاوى، رئيسة قسم الهندسة الوراثية بالمدينة سابقاً، من 2006 إلى 2007. ■ الدكتور محمد السعدنى، أستاذ جامعة الإسكندرية، من 2007 إلى 2010. ■ الدكتور ياسر رفعت، عميد معهد الهندسة الوراثية بالمدينة والقائم بأعمال مدير المدينة الحالى. يمكن مشاهدة فيديو الحوار على موقع «المصرى اليوم»: