بث مباشر.. انطلاق منتدى الأعمال المصري الإسباني بحضور ملك إسبانيا ورئيس الوزراء    انطلاق منتدى الأعمال المصري الإسباني بحضور ملك إسبانيا ورئيس الوزراء    يديعوت أحرنوت: الاستخبارات العسكرية تقدّر وجود 7500 عنصر على الأقل من حركة حماس والجهاد في مدينة غزة    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    وزير التعليم يستبدل مادة الأحياء بالتاريخ في ثانية ثانوي ويحدد مواد وأنشطة الطلاب 2025    نيللي كريم توضح سبب غيابها المحتمل في رمضان 2026    مدبولي: رفع مستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية مع إسبانيا يمثل مرحلة جديدة    من مصر لغزة.. انطلاق قافلة المساعدات الإنسانية ال40 ضمن «زاد العزة»    التعليم العالي: فتح التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات التكنولوجية    مصر تودّع بطولة العالم للكرة الطائرة بالخسارة أمام تونس    الليلة.. الزمالك والإسماعيلي في قمة «ولاد العم» بحثًا عن النقاط الثلاث    خالد الغندور: مصفطفى شلبي أفضل من شيكو بانزا    18 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    القبض على المتهمين بقتل أب ونجله في خصومة ثأرية بقنا    إصابة 8 أشخاص إثر تصادم 4 سيارات ودراجة نارية في مدينة السادات بالمنوفية    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكرم أشرف عبدالباقي في حفل افتتاح دورته الثانية    وزير الصحة يفتتح المؤتمر الدولي الثاني لكلية طب الأسنان بجامعة الجلالة    تكريم الإعلامي سمير عمر في ختام المؤتمر السنوي الأول للإعلام العربي ببنغازي    طموح بيراميدز يصطدم برغبة زد في الدوري الممتاز    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة مناطق في محافظة بيت لحم    نشرة مرور "الفجر ".. زحام بميادين القاهرة والجيزة    بعد ساعات من هربه.. القبض على قاتل زوجته بمساكن الأمل في ضواحي بورسعيد    مصروفات المدارس الخاصة صداع في رأس أولياء الأمور.. والتعليم تحذر وتحدد نسبة الزيادة    أسعار الفراخ فى البورصة اليوم الخميس 18 سبتمبر    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري عن 55 عامًا بعد صراع مع المرض    خواكين فينيكس وخافير بارديم وإيليش يدعمون الحفل الخيرى لدعم فلسطين    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    الرئيس السيسي يُوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي مع الإمارات    «متحدث الصحة»: نقص الكوادر الطبية مشكلة عالمية    قبل بدايته| استشاري مناعة توضح أهم المشروبات الساخنة في الشتاء    الرئيس السيسى يوافق على بروتوكول اتفاق لتجنب الازدواج الضريبى مع الإمارات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    جامعة حلوان تختتم فعاليات هاكاثون الأمن السيبراني Helwan Cyber Arena 2025    النشرة المرورية اليوم الخميس بمحاور القاهرة والجيزة    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    لميس الحديدي في برومو برنامجها الجديد: أنا لا أخاف، والإصرار سر بقائي (فيديو)    خلال ساعات.. رابط نتيجة تنسيق كليات جامعة الأزهر 2025    بعد تصدرها التريند.. تعرف على أبرز المحطات في حياة أيناس الدغيدي    بيان ناري من غزل المحلة ضد حكم مباراة المصري    مسلسل حلم أشرف يشغل مؤشرات بحث جوجل.. تعرف على السبب    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    وزير الخارجية يتوجه إلى السعودية لإجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في المملكة    "زوجها طبيب".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة بطلة الاسكواش نور الشربيني    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "أكسيوس": المباحثات الإسرائيلية السورية بشأن اتفاقية أمنية بين البلدين تحرز تقدما    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    وزير الاتصالات: رفع مساهمة الذكاء الاصطناعي بالناتج المحلي الإجمالي ل 7.7 خلال 2030    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    أمريكا: إصابة شخصين في حادث إطلاق نار بجنوب ولاية بنسلفانيا    رصد شبكات المقاومة ونشر القلق.. لماذا تقطع إسرائيل الاتصالات عن غزة ثم تعيدها؟    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    بعد خفض الفائدة بالفيدرالي الأمريكي..سعر الدولار الآن أمام الجنيه الخميس 18-9-2025    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لعبة أمريكا والشرق الأوسط منذ 1945.. الاستشراق على الطريقة الأمريكية

كتابٌ «مخيفٌ» آخر يضيفه المترجمُ والمثقف المصرىّ الكبير طلعت الشايب للمكتبة العربية. بعد كتابين مخيفين آخرين قدمهما قبل سنوات ضمن العديد من مؤلفات الشايب وترجماته الفكرية والأدبية الأخرى. كتابان كان لهما أن هزَّا ثوابتَ كانت قارّةً فى قلوبنا، وأربكا يقينًا كان يحمى معارف ومعلوماتٍ تنام ملء جفونها داخل أرواحنا، وخلخلا، فى أذهاننا، مكانةَ كُتّاب وأدباء وفنانين كبار، كنا نعتبرهم أيقوناتٍ أدبيةً وطواطمَ قِيَميةً عابرةً الزمانَ والمكان. الأول كتاب «المثقفون»، تأليف بول جونسون، والثانى كتاب البريطانية الشابة (مواليد 1966) فرانسيس ستونر سوندرز، الذى صدر عام 1999 تحت عنوان «مَن الذى دفع للزمّار؟»، ثم فى طبعته الأمريكية «الحرب الباردة الثقافية»، عام 2000، ثم ليصدرَ بمصرَ فى ثوبه العربىّ بترجمة الشايب القيّمة عام 2003، وينفد فى طبعاته الأربع، عن المركز القومى للترجمة.
عرّفنا الكتابُ على مشروع «مارشال»، الذى تبنّته أمريكا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، فى محاولة منها لتدشين صفوف مناصرة لمشروعها نحو الهيمنة على العالم، فى مقابل مناهضة الفكر الشيوعىّ الذى ظلّ يسيطر، روحيًا، على كثير من دول العالم آنذاك. لعبت المخابراتُ الأمريكية CIA، دورًا غير نبيل فى صراعها مع الاتحاد السوفيتىّ لصياغة الحياة الثقافية والفنية فى الغرب، ليس فقط عن طريق تقديم مساعدات اقتصادية للدول الأوروبية لئلا تسقط فى شَرَك الأحزاب الشيوعية، بل بتوسّلها الأساليب الثقافية والقوى الناعمة: السينما، الكتب، الغناء.. إلخ، والأسوأ، عن طريق تجنيد نُخَب أدبية وفكرية وفنية ذات ثِقل عالمىّ لضخّ الفكر المناوئ للفكر السوفيتى فى عقول العامة.
تهاوت أمام عيوننا قاماتٌ فكرية سامقة، حتى وإن علمنا أن بعض أولئك الأدباء كان يؤدى دوره التعبوىّ دون أن يدرى أنه مجنَّد فى حرب باردة تعمل على كسب العقول لمحو ما بها، تمهيدًا لخطّ مدونات جديدة تصبُّ فى صالح النموذج الأمريكىّ الذى رسمته الولايات المتحدة لنفسها بالهيمنة الثقافية على منابر الكتب والفن والموسيقى والسينما، وحتى كتب الأطفال لم تنجُ من تلك التعبئة الخفية.
الكتابُ «المخيف» الجديد هو الطبعة الثالثة (المنقّحة) من كتاب «الاستشراق الأمريكى»، تأليف الأمريكى دوجلاس ليتل، وصدر بالعربية مؤخرًا عن المركز القومى للترجمة فى ترجمة طلعت الشايب فى أكثر من 700 صفحة من القطع الكبير.
افتتح الشايب الكتاب بعبارة مخيفة قالها هيرمان ميلفيل، وهذا «صنمٌ» آخر يتهاوى فى روحى. فلم أكن لأصدق أن صاحب «موبى ديك»، الرواية التى أربكتنى بجمالها وشجوها، يقول: «نحن الأمريكيين متفرّدون وشعبٌ مُختار، إننا إسرائيلُ زمانِنا، نحملُ سفينةَ حرياتِ العالم، لكَمْ تشككنا فى نظرتنا إلى أنفسنا، ولطالما ساوَرَنا سؤالٌ عمّا إذا كان المسيحُ السياسىُّ قد جاء، ولكننى الآن أقول إنه قد جاء متمثّلاً فينا نحن، ولا يبقى سوى أن نعلنَ خبرَ مجيئه»!!
يقدم الكتابُ، حسب المؤلف الأمريكى اليسارىّ، «فرصةً لاستكشاف الخطأ فى سياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط فى الفترة من سبتمبر 2001 إلى سبتمبر 2007». ويروى تاريخَ وتفاصيل العلاقة الملتبسة بين الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط منذ عام 1945، بعدما حطّت الحربُ العالمية الأخيرة أوزارها. عن الصورة النمطية لمفهوم مصطلح «الاستشراق». وكيف أن المفهومَ الاستشراقى فى القرنين الثامن والتاسع عشر رسم لليهود والمسلمين صورةَ المتخلّف المتعصّب المُخادع غير الموثوق به، وإنهم/ وإننا هكذا بالفطرة والجينات التى لا مجال لتغييرها.
وظل هذا المفهوم المُعادى للسامية والإسلام، فى آن، سائدًا وقارًّا حتى العام 1900. ثم جاءت محرقةُ الهولوكوست النازية ومشاريعُ «الحل الأخير» لإبادة اليهود لتُخفِتَ الروحَ المعادية للسامية وتعيد رسم صورة جديدة لليهود لدى العقل الجمعى للعالم، بوصفهم شعبًا مأزومًا مضطهدًا مغلوبًا على أمره، فانتقل بذلك من خانة «المتخلف الهمجىّ» إلى خانة «الضحية الضعيفة»، بجرّة قلم، ليبقى المسلمون والعربُ وحدهم فى ذلك المربع الملعون. وبالتالى تمَّت «غربنة» اليهود، و«شيطنة» المسلمين.
يتكون الكتاب من تسعة فصول، تناول الأولُ المفهومَ الاصطلاحى لكلمة «الاستشراق» على النمط الأمريكى، وصورة الشرق الأوسط فى عقل أمريكا، ومحاولاتها أمركة الشرق الأوسط، والصراع العربى - الإسرائيلى (48-67)، ثم الصورة القبيحة التى تكونت فى ذهن الأمريكان عن العرب بوصفهم وحوشًا إرهابيين منذ جريمة منظمة «أيلول الأسود» فى ميونخ عام 72، وحتى عاصفة الصحراء أوائل التسعينيات.
ويتناول الفصل الثانى قيمة النفط بوصفه ضرورةً حيويةً فى السِّلم، وسلاحًا جبارًا فى الحرب. وعن مطامع أمريكا فى نفط الشرق الأوسط وبنائها سياساتها انطلاقًا من مصالح البترول والهيمنة على منابعه. أما الفصل الثالث فيتناول العلاقة بين أمريكا وإسرائيل التى بدأت بحال نفور وكراهة، لتتطور مع السنوات إلى علاقة حميمة تتوجّها عروة وثقى تربط بين مصيريهما، وهل منشأ تلك العلاقة دينىٌّ أم استراتيجى.
ويحكى الفصل الرابع قصة المبادئ الأربعة التى رسمت تاريخَ العالم الحديث: مبدأ ترومان، مبدأ إيزنهاور، مبدأ نيكسون، ثم مبدأ كارتر. ويسلط الفصل الخامس وعنوانه «تعاطفٌ مع الشيطان»، الضوءَ على الحقبة الناصرية فى مصر والمنطقة العربية ومحاولات النهوض بالقومية العربية. فيما يناقش الفصل السادس فكرة تحديث حكومات الشرق الأوسط من المنظور الأمريكى، فى العراق وليبيا وإيران، والثورات الدموية والبيضاء التى اجتاحت المنطقة.
ويتناول الفصل السابع محاولات أمريكا التخلص من أعراض حرب فيتنام، والحروب المحدودة التى انتهت بجورج بوش وحرب الخليج. ويطرح الفصل الثامن محاولات أمريكا لإرساء عمليات سلام بين العرب وإسرائيل، التى انتهت بمعاهدة كامب ديفيد وما أعقبها من تداعيات. أما الفصل الأخير فيطرح تصارع العقائد وفكرة الإسلام الراديكالى والطريق نحو مأساة الحادى عشر من سبتمبر التى سنظل ندفع ثمنها إلى أن تقوم الساعة، ومقايضات النفط والأرض والسلام، لينتهى الكتابُ بالمفهوم الجديد للاستشراق فى نهاية القرن العشرين.
أجمل ما فى هذا الكتاب الضخم، والأكثر ثراءً، هو تلك الملاحق التى أضافها المترجمُ لكتابه، حتى لتُعتبر تلك الملاحقُ موسوعةً متكاملة ومرجعًا مهمّا لكل راغب فى الإبحار عميقًا فى أزمة العرب والغرب الأبدية.
فبالإضافة إلى الهوامش والببلوجرافيا التى وضع فيها الشايب مسردًا شاملا بالإنجليزية لجميع أسماء الأعلام والأماكن والمصطلحات والاختصارات، كذلك أسماء رؤساء أمريكا منذ عام 45، لكى يسهّل على الباحثين مهمتهم، أورد المترجمُ الفقرات الكاملة التى اقتبس منها المؤلفُ من كتاب «فلسفة الثورة»، كذلك النص الكامل لقرار تأميم قناة السويس، وتعليق عبدالناصر على تهديد أمريكا بوقف المعونة، وخطاب السادات التاريخىّ فى الكنيست الإسرائيلى، وكذلك خطاب أوباما فى جامعة القاهرة 2009.
كذلك يقدّم الشايب تصحيحًا لترجمة الفقرات التى اقتبسها المؤلف من قصيدة أدونيس «قبر من أجل نيويورك»، التى اعتمد فيها المؤلف على ترجمة مغلوطة للقصيدة تحت عنوان «جنازة نيويورك» نُشرت فى «نيويورك تايمز» يونيو 2002.
هذا بالإضافة إلى المقدمة القيمة التى كتبها المترجم ويطرح فيها رؤية موضوعية حول طبيعة الأزمة العربية - الأمريكية. هذا كتابٌ من الضخامة والثراء والشمولية المعرفية بحيث لا يجوز معه عرضٌ أو تقديمٌ أو نقدٌ أو دراسةٌ، وليس من بدٍّ من قراءته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.