من قرية فقيرة فى مركز المنشأة فى سوهاج، جاء إلى أسوان باحثا عن باب للرزق الحلال، وفى تلك المدينة الواسعة المزدحمة بالسائحين اختار صلاح محمود أن يبيع فضة فى سوق أسوان، فمن تجار الفضة السودانى القديمة، اشترى كميات ليبيعها للسائحين، الذين يقبلون عليها إقبالاً كبيراً: «الفضة السودانى القديمة هى الأصل، كنت بجيبها زمان من تجار سودانيين جايين على بواخر السد العالى، وأغلب المشغولات الفضية اللى كانت تيجى من السودان على أشكال فرعونية زى الجعران وعين حورس وتوت عنخ آمون والسلاسل المطعمة بحجر الفيروز ودى بضايع السياح بيطلبوها كتير، وزمان كان سعرها كويس، إنما دلوقتى بيوصل سعر الجرام ل7 جنيه وأكتر، ومش لاقية حد يشتريها كمان». الباخرة التى كانت تأتى من السودان لم يستفد منها السودانيون فقط، فالبائعون المصريون كانوا أكثر استفادة: «كانت البواخر بتجيب بضايع أسعارها رخيصة وكانت فاتحة قدامنا أبواب رزق كتير، خصوصا إن السودانيين كانوا بييجوا عندنا أسوان فى الوقت اللى السياحة فيه بتقف فى شهور الصيف، لأنهم متعودين على الجو الحر فى الجنوب، وأكتر سلعة كانت رائجة هى الفضة.. كنا بنشتريها مشغولة وسبائك خام، لكن دلوقتى سوقها وقف ومبقاش حد بيشتريها ولحد دلوقتى أنا ببيع فى مشغولات عندى من عشر سنين». يرى صلاح أن أيام التبادل التجارى مع السودان كانت التجارة أكثر رواجا، وكان البائعون مثله يشترون ويبيعون أكثر من الآن: «كنا بنروح على الميناء نبيع للسودانيين بضاعتنا وبناخد بضايعهم نبيعها هنا يعنى المنفعة متبادلة». ووصف صلاح ما يحدث فى الحياة الاقتصادية حاليا بأنه «وقف حال» عليه وعلى غيره، فحتى الفضة التى هرب بها من الكساد الاقتصادى أصيبت تجارتها هى الأخرى بكساد: «ماحدش مستفيد من وقف الحال اليومين دول لكن هانعمل إيه الحياة ماشية، وبعد ما وقفت تجارة الفضة مع السودان بقينا بنبيع على حسب البورصة يعنى بعد ما أسعار الفضة ارتفعت ومابقاش فيه عليها الطلب، اشتغلت فى بيع الكليمات والعباءات السورى والخليجى، ولما غليت هى كمان وسوقها وقف اشتغلت فى الحجر وبقيت ببيع التماثيل وقطع الأحجار التذكارية، هاعمل ايه المحل ده مصدر رزقى الوحيد وكله على الله». كل مهنة يعمل فيها ولا يستمر لعدم تحقيق أى مكاسب، هى حالة سيئة لكنها لا تحبط صلاح فهو ينتقل من عمل إلى آخر بسهولة، ودون أن يكلف نفسه عناء العيش دون عمل، ومع ذلك يتمنى أن ينظر إليهم المسؤولون بعين الرحمة ويوفروا لهم فرص عمل تضمن لهم مكسبا منتظما: «ياريت المسؤولين يعرفوا إن السياحة مش هى النشاط الوحيد فى أسوان، لازم يكون فيه وظائف للشباب ويسهلوا فتح البازارات والمحلات ولازم يفتحوا أبواب رزق للشباب ويتحكموا فى الأسعار عشان الحالة بقت صعبة».