سيضحك أحفادنا وأبناؤنا علينا بعد سنوات، وسيتهموننا بالجنون والعبط حين يشاهدونرفوف مكتباتنا، ويسمعون عن الأهوال التى كنا نعانيها لتوفير غرفة للكتب المكدسة أوتأجير عربة نصف نقل عند العزال لحمل أطنان كراكيب مكتباتنا، سيتندرون على معرضالكتاب وهم يزورونه فى رحلة مدرسية كأثر تاريخى فى شارع صلاح سالم، سيستلقون علىقفاهم من الضحك عندما نسألهم عن شنطة المدرسة لأنهم لم يسمعوا بهذا الاسم الغريب،لسبب بسيط هو أن كل كتبهم الدراسية لهذه السنة والسنوات المقبلة والماضية ومراجعهموقواميسهم قد صارت فى حجم كف اليد ككتاب إلكترونى اسمه كيندل!. لو دخلت على موقع «أمازون» وهو أشهر موقع لبيع الكتب عبر الإنترنت ستجد هذاالجهاز العبقرى الذى أحدث ثورة فى عالم النشر الإلكترونى، كانت أهم هدية تبادلهاالأمريكان لرأس السنة هذا العام هو «كيندل» الكتاب الإلكترونى المعجزة الذى سيحققموقع أمازون منه مكاسب تقدر بمليار دولار هذا العام!، بحوالى 200 دولار وبجهاز وزنهربع كيلوجرام وحجمه مثل كتب سلسلة «اقرأ»!، تستطيع تخزين آلاف الكتب واستقبالها إلكترونياً من الموقع وتصفحها بسهولة،والمهم القراءة بطريقة مختلفة عن قراءة اللاب توب، فشاشة الإل سى دى العادية تضىءمن خلف الشاشة فى اتجاه العين وهى بذلك مجهدة للعين مع الوقت الطويل، ولكن مع هذاالكتاب الورقى الكيندل أو السونى...إلخ، يختفى هذا العيب، فالقراءة سهلة مثلها مثل قراءة الكتاب الورقى، ولذلك فمن المتوقع أن يهتز عرشالكتاب المطبوع، وتقل سطوة الناشرين حين يكون فى إمكان أى كاتب أن ينشر كتابه الخاصويتبناه الموقع ويرسله إلى القارئ، وبالطبع إذا كان الكتاب مختلفاً والناشر مختلفاًفمن الطبيعى أن يختلف القارئ. القارئ الإلكترونى نتاج طبيعى لهذه الثورة الإلكترونية، قارئ يحمل مكتبة فىجيبه، دون أسلاك سيقرأ أحدث الكتب والمجلات والمدونات، يشحن الكيندل كل أسبوعينوهذا معناه قراءة سهلة وميسرة على البلاج وفى الأتوبيس وفى محطة الانتظار، سيحملناالكتاب الإلكترونى والحبر الإلكترونى والورق الإلكترونى إلى آفاق أرحب وعوالم أشملوحياة أكثر حيوية وحرية. أتمنى أن يوفر لنا معرض الكتاب المقبل جناحاً لهذه الكتب الإلكترونية، لا نطمحفى أن نشترى مثل الأمريكان لكن مجرد الفرجة لها ميزة، يكفى أن نعرف أن حرية تداولالمعلومات صارت فرضاً لا يستطيع كائن من كان ولا هيئة أو مؤسسة، مهما بلغت سطوتهاالسياسية أو الدينية، أن تمنع أكسجين حرية التفكير، فالقارئ هو والكيندل فى غرفة منالعالم الافتراضى يطلب كتابه بضغطة زر فتصله البضاعة عبر الإنترنت فيقرأ ويحللويتفاعل، ويصرخ وداعاً للمصادرة، ووداعاً للوصاية، واللعنة على كل الحواجز والأسواروالسجون.