بلال فضل: السعدنى كتب تاريخا ساخراً فريداً من نوعه

أسس محمود السعدنى ما يمكن تسميته ب«مدرسة السخرية» فى الصحافة المصرية، ويشهد له الجميع بالريادة والبراعة فى هذا الفن السهل الممتنع، ومثلما اعترف مجايلوه بتميزه وخفة دمه الساحرة أقر الكتاب الساخرون الشباب بفضله عليهم.
يقول الكاتب بلال فضل: حينما أتحدث عن السعدنى ليس هناك ما يقال يمكن أن يوفى فضله ويرد «جمايله»، ويكافئ محبته وجدعنته، فهو كاتبنا الأجمل والأسخر والأمصر والأمتع إلى جميع ما يصح ولا يصح من أفعال التفضيل وأرى أن هناك تقصيراً كبيراً فى حقه فعلى كثرة ما أنتج من كتب لم تتصد دور النشر الحكومية على كثرتها لمسؤولية جمع أعماله الكاملة،
كما لم تجمع أى جهة آلاف المقالات التى كتبها طيلة ستين عاماً من الصحافة لتوثقها فى كتب، كان يمكن أن تحقق أعلى المبيعات، وتكون تاريخا ساخراً فريداً من نوعه لمصر، ولم يحدث ولو على سبيل الخطأ إعادة تمثيل عمل من أعماله المسرحية البديعة التى صدرت قبل أعوام عن الهيئة العامة للكتاب ولم يتم تكرار طبعها ثانية برغم نفادها،
ويلفت فضل النظر إلى أن مسلسل الولد الشقى ظل متعثراً طيلة سنين برغم أنه لو أنتج لكان بهجة للناظرين، أيضاً برامج السعدنى التليفزيونية التى أمتعت الملايين اختفت فى مكتبات الإذاعة، أعمال السعدنى الأدبية هى الأخرى لا تزال تتعرض لظلم فادح سواء من حيث نشرها أو نقدها أو تحويلها إلى أعمال تليفزيونية،
فلا يزال وجه السعدنى كاتب القصة والرواية والمسرحية غير معروف جيداً للملايين من عشاقه ككاتب ساخر، وليس الوجه الأدبى للسعدنى فقط الذى يحتاج إلى استجلاء وإنصاف بل الوجه الفكرى أيضا بحاجة إلى إعادة قراءة وتأمل لما تحتويه أعماله من أفكار لامعة تخلو من الرطانة والتقعر والنقل من مصادر أجنبية..
ويكفى كمثال على ذلك كتبه: حمار من الشرق، مسافر على الرصيف، أمريكا يا ويكا، مصر من تانى، فهو مولانا السعدنى أبو البهجة ولا يمكن أن يظهر إلا فى مصر ولم يجسد الروح المصرية بكل فرادتها وعظمتها وغرائبيتها أحد مثله.