إزاحة الولاياتالمتحدة، للمرة الأولى، الستار عن الحجم الحالى لترسانتها النووية بإعلانها امتلاك 5113 رأسا نووياً اعتبره محللون سياسيون وعسكريون خطوة تسعى من ورائها واشنطن إلى إضفاء نوع من الشرعية على جهودها لمنع انتشار الأسلحة النووية، التى تهدف مؤخرا لمنع الإرهاب النووى ومحاولة إقناع الصين بإجراء حوار حول خلال ترسانتها النووية. واتفق المحللون على أن تلك الشفافية النووية تهدف من جانب آخر إلى إبعاد النظر عن برامجها لإنتاج أسلحة تقليدية نووية يمكن استخدامها فى الحروب بدلا من ترسانة الأسلحة النووية الكبيرة التى لا تستفيد من امتلاكها سوى فى «الردع النفسى» للدول النووية عن التفكير فى استخدام أسلحتها. وقال الخبير العسكرى محمد على بلال ل«المصرى اليوم» إن هذا الإعلان ليس جديدا فى حد ذاته، فحجم الترسانة النووية الأمريكية الروسية معروف لكلا البلدين. واعتبر أن الإعلان يهدف من شكله الظاهرى إلى إضفاء الشرعية والشفافية على جهود واشنطن لمنع الانتشار النووى، ولكنه من الناحية الواقعية - كما يرى بلال - يهدف إلى تطبيق استراتيجية «الرضوخ لمنع الانتشار النووى». وأوضح اللواء السابق تلك الاستراتيجية مضيفا: «إذا علمت الدول التى تسعى لامتلاك السلاح النووى أن واشنطن تمتلك 5113 رأسا نووى فإنها ستدرك أنه مهما بلغت قدرتها فإنه لا طائل لها بهذا الكم من الأسلحة النووية الأمريكية، وبالتالى ترضخ القوة النووية الصغيرة للقوى النووية الأكبر». ورغم أن واشنطن أعلنت عام 2008 أنه من حق كل دولة فى العالم امتلاك مفاعلات نووية، إلا أن الخبير العسكرى اعتبر أن واشنطن تتحكم فى الدخول للنادى النووى. وقال: «واشنطن قادرة على منع الدول من امتلاك أسلحة نووية باستخدام العقوبات الاقتصادية والسياسية ولكنها تسمح فقط للدول التى ترضى بامتلاك أسلحة أو مفاعلات نووية، ومثال ذلك سماحها للهند وباكستان وإسرائيل بامتلاك الأسلحة النووية». واعتبر اللواء محمد على بلال أن واشنطن تسعى من خلال السعى لتعديل اتفاقية منع الانتشار النووى إلى السيطرة على المفاعلات النووية فى العالم من خلال العقيدة النووية الجديدة التى هى فى حد ذاتها قديمة. ومن جانبه، اتفق المفكر السورى عمر كوش على أن العقيدة النووية الأمريكيةالجديدة لن تحول الولاياتالمتحدة إلى حمائم سلام عالمى، بالرغم من الجهود الدولية الواسعة التى يقوم بها الرئيس الأمريكى من أجل التخلى عن السلاح النووى. وتطرق إلى التغيرات التى طرأت على تلك الاستراتيجية النووية، مؤكدا أنها بدأت مع مجىء الرئيس جورج بوش وصعود نجم المحافظين الجدد، بالاعتماد على إمكانية استخدام «الذخائر النووية الصغيرة»، ذات القدرة التدميرية المحدودة، وهناك العديد من الخبراء العسكريين الذين يؤكدون أن الولاياتالمتحدةالأمريكية استخدمتها فى حروبها ضد العراق. وبدأ وزير الدفاع الأمريكى عام 2002 دونالد رامسفيلد عملية تحويل السلاح النووى إلى سلاح تكتيكى ميدانى، لكن الموضوع تجدّد عام 2005، حيث يرى الخبير السورى فى مقال بموقع قناة الجزيرة على الإنترنت أن ثمة برامج سريّة أمريكية لا تتوقف، تنتج أسلحة نووية تقليدية، قادرة على تدمير أهداف تحت الأرض. من جانب آخر، يرى محللون سياسيون أنه بعد توقيع اتفاقية «ستارت 2» مع روسيا، التى تنص على خفض الأسلحة النووية الاستراتيجية بمقدار الثلث تقريبًا لكل من روسياوالولاياتالمتحدة، تحاول واشنطن بإعلان حجم ترسانتها بعث رسالة طمأنة للصين، التى سبق أن دعتها واشنطن إلى إجراء حوار استراتيجى حول ترسانتها النووية. وتريد الولاياتالمتحدة العمل مع الصين لتبادل المعلومات حول السياسات النووية والترسانة النووية من أجل بناء الثقة بين البلدين للتوصل إلى صيغة لعالم خال من السلاح النووى.