جريمة قتل

عفواً لا أقدر أن أدافع عن قضية الشاب المصرى الذى قُتل ومُثل بجثته فى ضيعة «كترمايا» اللبنانية، فما فعله بشع وما فُعل به أبشع.
أدافع عن قضايا المصريين بالخارج، أعرف أن كثيراً منهم لا يلقى معاملة لائقة، أهيب بالخارجية دائماً أن تسلك مسلك القوة فى الدفاع عن مصالحنا وأبنائنا. لكن الحكاية اللبنانية لا تحتمل مزايدة فالخطأ مزدوج.
قرأت حواراً قصيراً مع الأم الثكلى فى «المصرى اليوم» بالأمس، تلك التى فقدت فى ثوان قليلة أمها وأباها وابنتيها، نظرت إلى صورة البنتين مع أمهما تتصدر الصفحة الأولى، استمعت إلى التفاصيل وكيف «صفى» الشاب دماء القتلى فى «البلاعة» وسألت نفسى: أما كان سيحدث له نفس الشىء هنا فى مصر؟! خاصة لو وقع ذلك فى الصعيد؟! نحن نحصد قتلى وجرحى إذا اعتدى مسلم على مسيحية أو العكس أو حتى أحبها - أذكّركم بنجع حمادى وهى لاتزال ماثلة أمامنا ودماؤها لم تبرد بعد. صحيح أن الانتقام كان بشعا، صحيح أن التمثيل بالجثة يعنى غياب القانون اللبنانى والأمن والعدالة.. صحيح.. لكن دعونا لا نخرج الأمور عن سياقها ونضعها فى حجمها الملائم.
تلك حادثه فردية، لا تحمل جنسية بل تحمل خصائص نفس بشرية مريضة.. فعل بشع ورد فعل أبشع.
أما إذا كنا نريد استخدام تلك القضية لفتح ملفات المصريين فى الخارج.. فذاك أمر آخر.. وتلك ملفات واسعة ومتشعبة. عندها علينا أن نبحث عن حقوقهم فى الخليج، من يعيشون بنظام الكفيل وبعضهم حبيس أو سجين بلا محاكمة. أو من يحرمون من مستحقاتهم المالية كنهاية خدمة او رواتب، أو من يعملون بأقل مما يستحقون مقارنة بنفس المؤهلات من جنسيات أخرى. أو من يسافرون على عقود وهمية يثبت بطلانها بعد ذلك.. تلك ملفات لابد من مناقشتها.. ليس فقط فى الخليج، بل فى أوروبا والولايات المتحدة، يعانى المصريون من مشكلات كبيرة، بعضها بسبب الهجرة غير الشرعية والبعض الآخر بسبب تيار مكافحة الإرهاب الذى أصبح يأخذ العاطل بالباطل دون تفرقة.
 فى الحالات السابقة جميعا يجب أن نقف ونحاسب المسؤولين ونحاسب المواطنين أنفسهم إذا ارتكبوا أخطاء، ونرفض العنصرية والإساءه لكرامة المصرى. فى الحالات السابقة جميعا يجب أن نطالب بدولة قوية تحمى مواطنيها فى الداخل والخارج. ونطالب لهم بالعدل والمساواة فى التعامل. الجريمة المصرية - اللبنانية بشعة بكل المقاييس وباعتراف الدولتين المصرية واللبنانية.
القضية لا علاقة للسياسة بها، أو لخلية حزب الله.. فالمنطقة اللبنانية «كترمايا» منطقة سنية وليست شيعية، وبالتالى فلا شبهة للانتقام فى الجريمة.. إنها جريمة قتل بشعة. يجب أن يحاسب مرتكبوها بقوة وحسم، كى يكون ذلك رادعاً لكل من يفكر فى الانتقام بيده بعيداً عن القانون فى أى دولة وفى أى مكان.
إنها جريمة قتل بشعة وليس أكثر.