لا يحتاج النصر المجيد الذى حققه رجال القوات المسلحة المصرية فى أكتوبر 1973، إلى مزيد من أدلة الإثبات واليقين، فالشهادات التى تأتى من داخل إسرائيل وحدها تكفى على كفاءة الجيش المصرى، وإعجاز جيشه الباسل، لكن الحرب كانت بداية ووسيلة وليست غاية، كان تحرير الأرض هو الغاية، واستعادة الكرامة هى الهدف، وإعادة الإيمان والثقة فى المقاتل المصرى هى الإنجاز. بدأت التجربة المصرية لاستعادة سيناءالمحتلة بالقوة العسكرية، ومرت بالمفاوضات السياسية، وانتهت بالتحكيم القانونى الدولى، ومازالت القوة العسكرية تحمى كل ما تحقق، وبقى التاريخ وحده والتحولات السياسية والمتغيرات الدولية فى العالم، أكبر شاهد على بعد نظر صانع القرار فى مصر، الذى ربط بين الأداء العسكرى المبهر، والأداء الدبلوماسى الكفء، ويكفى دليلاً على كل ذلك أن يقول قائل إن ما كان معروضاً على العرب ورفضوه وقتها أكثر بكثير، مما يقبلون به الآن ويسعون إليه.. لكن سيناء لم تكن تنتظر فى لهفة أحضان الجنود الذين يعيدون زرع العلم المصرى فوقها، ولا دماء الشهداء التى روت الرمل، لتبقى صحراء جرداء، عادت بعبور عسكرى عظيم، وكانت تنتظر عبوراً تنموياً لا يقل أهمية عن الانتصار، لكن 28 عاماً مضت على ذكرى تحريرها، وخلال هذه السنوات الطويلة مرت على مسامعنا عشرات الخطط والمشروعات التى تتحدث عن زرع سيناء بالبشر، وإقامة المصانع التى تحول رمال أرض الفيروز إلى بلورات ورقائق إلكترونية، وأرضها الطيبة إلى مزارع غناء، حتى بدأ الحديث أول مرة عن المشروع القومى لتنمية سيناء فى التسعينيات من القرن الماضى، لكن السؤال: ماذا تغير؟ أين توقف المشروع؟ «المصرى اليوم» تفتح ملف تنمية سيناء، وتقدم كشف حساب لما تحقق وما تأخر وما تعطل، وتغوص فى عمق الوضع السياسى والاقتصادى والاجتماعى لسيناء الحبيبة، بالتوازى مع عرض الشهادات حول عظمة الانتصار العسكرى، وكفاءة الإنجاز الدبلوماسى.