فى الوقت الذى تتواصل فيه عملية فرز الأصوات فى الانتخابات السودانية التى يتقدم فيها الرئيس المنتهية ولايته عمر البشير فى مراكز الاقتراع فى الداخل والخارج، وجّهت بعثة المراقبة الأوروبية ومركز كارتر ضربة قوية للانتخابات، قائلة إنها لم تتفق مع المعايير الدولية للنزاهة لكنها تمهد للديمقراطية فى السودان، بينما استبقت المعارضة النتائج وتحدثت عن تزوير واسع النطاق، مؤكدة أنها لن تعترف بالنتائج إن حقق فيها الحزب الحاكم انتصارات كبيرة، فيما دعا الصادق المهدى، رئيس حزب الأمة الذى قاطع الاقتراع، إلى إجراء انتخابات بديلة بما يزيد من حالة البلبلة داخل البلاد. وقالت فيرونيك دى كايسر، رئيسة اللجنة المنبثقة عن الاتحاد الأوروبى لمراقبة الانتخابات فى السودان، إن الانتخابات «واجهت صعوبات فى مطابقة المعايير الدولية» لانتخابات ديمقراطية، وأضافت: «لم تكن مطابقة لكل المعايير الدولية وإنما لبعضها فقط، واعتبرت الخطوة التى أنجزت خطوة حاسمة من أجل مواصلة تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وهذا يعنى مواصلة عملية السلام»، موضحة أن نسبة المشاركة كانت مرتفعة جدا بوصولها إلى 60% وأن التجاوزات فى الجنوب أكبر من الشمال.بدوره، قال مركز كارتر إن الانتخابات لا ترقى للمعايير الدولية، موضحا أن نجاحها فى نهاية الأمر يعتمد على الخطوات التى سيتخذها القادة لتعزيز التحول الديمقراطي. وعلى صعيد متصل، هددت المعارضة بأنها لن تعترف أبداً بنتائج انتخابات تُظهر أن حزب المؤتمر الوطنى الحاكم حقق فوزا كبيرا فيها، وقالت إن الاقتراع شهد عمليات تزوير على نطاق واسع، ولم تقتصر الانتقادات الموجهة للانتخابات على أحزاب المعارضة لكن الأحزاب التى شاركت قالت إن التقارير الأولية عن النتائج من ممثلى الأحزاب والمراقبين للإحصاء كانت أبعد من أن تصدق. وقال عبدالعزيز خالد، أحد المرشحين للرئاسة: «كنت أتوقع أن يكون هنالك تزوير، ولكن ليس إلى هذا الحد»، أضاف: «أنا مذهول، فهذه فوضى وليست انتخابات».بدوره، قال الحزب الاتحادى الديمقراطى، إنه تلقى تقارير بشأن وقوع مخالفات وتجاوزات فى جميع أنحاء البلاد، وقال صلاح الباشا، مسؤول الاتصال فى الحزب: «كل شىء فاسد تماما. لقد سئمنا، ولن نعترف بهذه الانتخابات»، موضحا أنه كان يتوقع فوز حزبه بحكم 6ولايات لكن يبدو أن الحزب لم يفز بأى ولاية. وبينما لم يصدر أى تعليق رسمى من قبل الحزب الحاكم بشأن مزاعم المعارضة بتزوير نتائج الانتخابات التى يتوقع إعلان نتائجها الثلاثاء المقبل، فإن أحد أعضاء الحزب أكد أن المعارضة تسعى للتغطية على خسارتها، مضيفا: «كل الأحزاب الخاسرة تقول ذلك»، بينما قال غازى صلاح الدين، المسؤول البارز بالحزب، إنه فى وقت ما يجب منح الشعب حق التظاهر كاملا ولكن ليس فى هذه الأيام لاحتمال اشتعال الموقف ووقوع اشتباكات بين المتظاهرين. من جانبه، دعا الصادق المهدى لإجراء انتخابات بديلة عقب إجراء تقرير مصير الجنوب والتوصل لسلام بدارفور، واتهم المهدى فى تصريحات نقلتها صحيفة «الرأى العام» السودانية جهات دولية بالسعى لتفتيت البلاد عبر استثمار الواقع والخلاف بين الشريكين، وحمّل الحزب الحاكم حال استمراره فى السلطة، المسؤولية التاريخية بانفصال الجنوب وتحوله لدولة عدائية. واعتبر المهدى أن حزبه خرج من الانتخابات منتصراً باتخاذه قرار المقاطعة، موضحا أن بعض المراقبين غير مهتمين بالتفاصيل، وبعضهم يتحدث بمجاملة وآخرين برؤية سطحية». وفى جوبا، سجل مراقبون سودانيون أخطاء من جانب الحركة الشعبية التى يتزعمها سلفا كير، وتحدثوا عن وجود «اتجاه مزعج فى جوبا لوضع عراقيل أمام المراقبين حالت دون ممارسة حقهم فى مراقبة العملية الانتخابية». وأشارت النتائج الأولية للانتخابات السودانية إلى تقدم الحزب الحاكم فى عدة مناطق شمالى ووسط وغربى البلاد، كما تفوق مرشحو الحزب على منافسيهم من الحزب الاتحادى وحزب الأمة، وتقدم المؤتمر الوطنى فى ولاية القضارف، ونال البشير 95% من أصوات الناخبين بنهر النيل و96 %بالولاية الشمالية عطبرة، كما تقدم بفارق كبير فى أصوات السودانيين المقيمين بسلطنة عمان والولايات المتحدة. بينما عززت الشرطة من تواجدها تحسبا لوقوع أى أعمال أو تظاهرات قبيل إعلان النتائج. وبدأت تقارير رسمية سودانية التحدث عن شكل الحكومة الجديدة، وقالت وكالة الأنباء السودانية، إن المطلوب تشكيل الحكومة بسرعة «لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التى تواجه البلاد، وعلى رأسها قضية دارفور واستفتاء الجنوب والمشاكل الاقتصادية، وفى الوقت الذى يريد فيه الجنوبيون فى ظل الظروف التى مرت بها الانتخابات الانفصال، يرغب البشير فى بقاء الجنوب حتى لا تخسر الحكومة 40% من عوائد النفط. وبينما تعتبر إعادة انتخاب البشير لفترة رئاسية جديدة أمرا شبه محسوم فى ظل تفوقه على جميع المنافسين الرئاسيين فإن الانتخابات والدعم الذى لاقته من قبل الغرب يؤكد أن المجتمع الدولى فضل الديمقراطية من أجل استقرار السودان بحسب ما ذكرت مجلة «تايم» الأمريكية. وتأتى الانتخابات قبل 8 أشهر من الاستفتاء المقرر لتحديد مصير الجنوب، فى الوقت الذى دعا فيه العديد من المحللين الغرب أن ينأى بنفسه عن الاقتراع.