مَن منا لا يحلم بانتخابات رئاسية حقيقية عام 2011، يتاح فيها للشعب المصرى أن يختار رئيسه، ولأول مرة فى تاريخه، من بين متنافسين مؤهلين وجديرين بهذا المنصب الرفيع. أنا شخصيا أحلم بأن يتنافس محمد البرادعى وعمرو موسى ومنصور حسن وكمال الجنزورى وغيرهم فى انتخابات 2011، غير أن الكل يعلم أن هذا الحلم غير قابل للتحقق إلا بعد تعديل المادة 76 من الدستور، التى تصادر - فى شكلها الحالى - على أى إمكانية لترشيح شخصيات مستقلة فى الانتخابات الرئاسية إلا بشروط تعجيزية . لذا يبدو واضحا تماما أن تعديل المادة 76 من الدستور يعد شرطا لا غنى عنه لتوفير منافسة حقيقية وجادة فى انتخابات 2011. ومع ذلك فمن الواضح أيضا أن توافر عنصر المنافسة الجادة لا يكفى وحده ضمانا لانتخابات جادة يتاح فيها للشعب المصرى اختيار رئيسه بحرية. لذا ينبغى أن يضاف شرط آخر لا يقل عن الأول أهمية، وربما يفوقه، ألا وهو المتعلق بالضمانات التى تكفل نزاهة وشفافية الانتخابات، وهو شرط غير قابل للتحقق بدوره إلا بعد تعديل مادة أخرى فى الدستور، هى المادة 88، لتمكين القضاء من السيطرة على العملية الانتخابية برمتها. لا أستبعد أن يضطر النظام الحاكم، تحت ضغط شعبى ودولى من المتوقع أن يتصاعد فى المرحلة المقبلة، لتعديل المادة 76 من الدستور، بل ربما تكون بعض أجنحته قد بدأت تطالب بالفعل، ربما همساً الآن، بدراسة جميع الاحتمالات المترتبة على هذا التعديل، وأتوقع أن يعلو صوتها كثيرا خلال الأسابيع والأشهر القادمة، لكننى أشك كثيرا فى أن يقدم النظام على تعديل المادة 88. ومن الواضح أن تعديل المادة 76، مع الإبقاء فى الوقت نفسه على المادة 88 كما هى، يتيح للنظام تحقيق هدفين رئيسيين، الأول: الالتفاف حول الضغط الشعبى والدولى المتصاعد بالسماح لمرشحين كبار بالنزول إلى ساحة المنافسة الانتخابية، والآخر: السيطرة فى الوقت نفسه على كل خيوط العملية الانتخابية والتحكم فى نتائجها بطريقة تمكنه من إنجاح المرشح المطلوب وإسقاط جميع الآخرين، بمن فيهم المرشحون الكبار!. وبهذا يمكن ضرب عصفورين بحجر واحد. لذا أستغرب حين ألاحظ تسابق البعض فى صفوف المعارضة إلى إعلان نفسه منذ الآن مرشحاً رئاسياً، رغم أن بعضهم لا يمكنه الترشح أصلا قبل تعديل الدستور، فضلا عن عدم وجود وجه للاستعجال. فهل الهدف قطع الطريق على محمد البرادعى كمرشح وحيد؟ ومن قال إنه مرشح أصلا ناهيك عن أن يكون مرشحا وحيدا؟ هل لأن البعض يخشى انضمامه إلى حزب فى اللحظة الأخيرة ليلحق بقطار الترشيح. لا أظن أن ذلك يمكن أن يحدث، سأكون أول المعترضين عليه علناً. والسؤال: لِمَ هذا السلوك المعيب، الذى يضر بمصداقية المعارضة وجديتها؟ وإذا لم تستطع المعارضة التخلص من أمراضها المزمنة فى لحظة فارقة كهذه فمتى تستطيع؟