وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع تكتيكي بجنود بالذخيرة الحية    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    السيد الغيطاني قارئا.. نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    بعد مشاجرة طلابها بالأسلحة البيضاء في آخر أيام الامتحانات.. السعيدية مدرسة العلماء وكبار المسئولين.. أبرزهم علي مصطفى مشرفة وعبد الرحمن عزام.. وتوفيق الحكيم وجلال الدين الحمامصي بالقائمة (فيديو)    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    100 جنيه للكيلو.. عودة أسعار الدواجن للارتفاع في أسواق كفر الشيخ    كوريا الجنوبية تبقى على معدل الفائدة بدون تغيير عند 3.5%    رئيس جهاز تنمية المشروعات يستقبل وفد «الجايكا» اليابانية    البحيرة: توريد 211 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    البورصة تصعد مع منتصف تعاملات اليوم الخميس    متحدث جيش الاحتلال: العلاقة مع مصر مهمة جدا لإسرائيل وممتنون لدورها في الوساطة    هيئة البث الإسرائيلي: وزراء حكومة الحرب سيدعمون مقترحا جديدا لإطلاق سراح الرهائن    نعش الرئيس الإيرانى يصل مدينة مشهد مسقط رأسه تمهيدا لدفنه    القاهرة الإخبارية: محافظات قطاع غزة لها نصيب من العدوان الإسرائيلي والمجازر    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    "5 أساطير سبقوه".. هل يسير صلاح على نهجهم وينضم للمنتخب الأولمبي؟    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    تريزيجيه: أنشيلوتي خطط للتعاقد معي.. وهذا موقفي من اللعب ل الزمالك    "بسبب مغادرة 5 محترفين".. خطاب عاجل من الزمالك لاتحاد الكرة لتأجيل هذه مباراة    رابط نتيجة نهاية العام لصفوف النقل بالقاهرة    تعليم القاهرة: تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال للعام الدراسى 2024 /2025    السيطرة على حريق نشب بمخزن أخشاب بالفيوم    الكل مضروب.. حوادث الامتحانات فى المحافظات لا تفرق بين طالب ومدرس    التصريح بدفن 3 جثث جديدة من ضحايا معدية أبو غالب    إصابة مسنة وشابين في انفجار إسطوانة بوتوجاز داخل منزل بمنطقة إمبابة    براءة السكرتيرة المتهمة في قضية طبيب الإجهاض بالجيزة    تعرف على إيرادات فيلم "بنقدر ظروفك" في أول أيام عرضه    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    "مظهر غير لائق".. يدخل أحمد الفيشاوي تريند "إكس"    تعرف على إيرادات فيلم "عالماشي" بعد 6 أسابيع من طرحه بالسينمات    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يجري زيارة ميدانية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    بالصور- وكيل صحة كفر الشيخ يفتتح عيادة علاج طبيعي لمرضى الكلى وشلل الأطفال    محمود محيي الدين: تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي أكثر من 3.4%    مصدر يكشف حقيقة تغيير مكان تسليم بطل دورى الأبطال بعد فوضى الكونفيدرالية    رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات الصرف الصحى بمركز طما بقيمة 188 مليون    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    البث العبرية: 70% من الإسرائيليين يؤيدون تبكير موعد الانتخابات العامة    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    استشهاد 8 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على وسط غزة    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    أتالانتا يضع حدا لسلسلة ليفركوزن التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالعبرى الفصيح .. الشرطة الإسرائيلية.. فساد ب«البدلة الميرى»
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 04 - 2010

«ينبغى أن نقتله، ليس هناك حل آخر».. بهذه العبارة القصيرة حسم الرائد (يانيف أشور) رئيس مباحث «نهاريا»، شمالى إسرائيل، تردداً سيطر على 4 من زملائه، وتابع (يانيف): «قنبلة المسامير التى زرعتها عصابة (ميخائيل مور) فى سيارة رئيس وحدة التحريات (ميكى ألكوبى)ليست الأولى ولا الأخيرة، هل نسيتم القنابل التى استهدفتكم، وكادت تقتل زوجاتنا وأطفالنا»!!
شعرة صغيرة تفصل بين المجرم، الذى ينتهك القانون والضابط الذى يطبقه، كلاهما يستعمل السلاح، لكن طريقة الاستعمال تختلف بين رجال الشرطة والعصابات، غير أن المعارك الطاحنة بين الشرطة والمافيا الإسرائيلية، حولت ضباط المباحث الجنائية فى «نهاريا» إلى كتيبة إعدام تنتقم، وتقتل خصومها بدم بارد، فى وضح النهار، ودون انتظار محاكمة عادلة.
التصريح بالقتل الذى أصدره الرائد «أشور» بحق زعيم المافيا الإسرائيلى «ميخائيل مور» أسفر عن لائحة اتهام ضد 4 رجال شرطة، وخبير مفرقعات أُدينوا بمحاولة اغتيال «مور»، وزرع عبوات ناسفة فى سيارته، وفى بوابة منزله، بعدما فشلوا، فى اعتقاله، رسميا ومحاكمته لتمتعه بحماية قيادات الشرطة، وعدد من الوزراء وقادة الأحزاب المؤثرة التى تحصل، بحسب تقرير لجنة تحقيق رسمية إسرائيلية، على رشاوى ورواتب شهرية من المافيا.
ومع ذلك تتعاطف قطاعات من الرأى العام الإسرائيلى مع الضابط «أشور» وزملائه، وتشكلت جماعة ضغط بقيادة عضو الكنيست «أرييه بيبي» للإفراج عنهم، وإلغاء حكم الحبس الصادر بحقهم، بحجة أنهم ضباط صغار السن دخلوا فى مواجهة مع المافيا، ومع فساد المجتمع المتمثل فى قيادات الشرطة، وكبار المسؤولين.
لا يوافق عضو الكنيست «بيبى» على جريمة الضباط الأربعة، لكنه يعتقد أن «كتيبة الإعدام» تشكلت، بعدما وصلت المعركة بين الشرطة والمافيا لذروتها، فكلما تقدم الضباط شوطا فى التحريات، سقط قتيل منهم بقنبلة تزرعها المافيا فى سيارته، أو شقته. وفى كل مرة يقيد الحادث ضد مجهول.
وتدير عصابة « مور» نشاط المافيا بشمال إسرائيل، فتفرض الإتاوات على رجال الأعمال، وتحمى نوادى القمار والبارات، وتدير نشاط الدعارة، وتسيطر على تجارة السلاح، وغيرها من الجرائم. الغريب أن العصابة تفرض قانونها الخاص فى «نهاريا» منذ أوائل الألفية.
ففى 16 مايو 2000، ألقوا قنبلة على منزل رئيس وحدة المباحث الأسبق «يوجاف أليميليخ»، وفى الأسبوع نفسه، نفذوا هجوما شرسا بقنبلتين على قسم الشرطة الرئيسى عند مدخل المدينة، ولم يمر 30 يوما حتى فجروا مبنى القسم بالكامل بقنبلة شديدة الانفجار أطلقوها من قاذفة قنابل من مخلفات الجيش الإسرائيلى!
الضربات العنيفة التى لحقت بشرطة نهاريا فى مواجهة المافيا أسفرت عن نقل رئيس المباحث «يوجاف أليميلخ» نهاية 2004، وانتداب الرائد «أشور» الذى حاول مواجهة المافيا، ففرشت عصابة «مور» طريقه إلى «نهاريا» بالمتفجرات. القنبلة الأولى سقطت كالبرق فوق سيارة رئيس وحدة التحريات الجديد الذى نجا من الحادث بأعجوبة، وفى اليوم نفسه أزهقت قنبلة أخرى روح ضابط الدورية.
واشتدت المعركة فى 2005، فألقيت العصابة قنبلة على شقة الضابط «رامى موسى» أثناء احتفاله بعيد ميلاد ابنه، وأخرى على شقة ضابط التحريات «مئير ناحوم». وحاولت العصابة اغتيال رئيس المدينة داخل مقهى مزدحم بالبشر، ثم رئيس المدينة السابق، وألقى القبض على 2 من أفرادها، أثناء محاولتهما زرع قنبلة فى شقة والد رئيس مباحث نهاريا «يانيف أشور»!!
كل هذه الجرائم المنسوبة ل «ميخائيل مور» وعصابته لم تسفر عن لائحة اتهام واحدة بحقه، ويكشف تقرير صادر فى 2007 عن لجنة زيلر الرسمية للتحقيق فى فساد جهاز الشرطة، عن أن قيادات الجهاز حصلوا على رشاوى بالملايين من المافيا، وأن زعماء المافيا تلاعبوا بتحقيقات رسمية أجرتها الشرطة فى جرائم اغتيالات وتجارة سلاح، وأحالوا ضباطاً إلى التقاعد، وساعدوا فى ترقية آخرين، بفضل علاقاتهم مع قادة حزب الليكود، آنذاك، وفى مقدمتهم «عومرى شارون» نجل رئيس الوزراء الأسبق، والوزير «تسحى هنجبى». وأسفرت تحقيقات اللجنة عن استقالة قائد جهاز الشرطة اللواء موشيه كرادى، وتوقيع جزاءات على ضباط آخرين.
الضغط النفسى الذى عانى منه ضباط مباحث «نهاريا»، وخوفهم على أرواحهم، وأرواح أبنائهم، وعجزهم عن إيقاف جرائم «عصابة مور»، دفع 5 منهم للتخطيط لهجوم مضاد على «ميخائيل مور»، لقتله أو إرهابه، ودفعه لأخطاء تقود للقبض عليه من جهة، وللانتقام من قيادات الشرطة المتواطئين معه من جهة أخرى، وإجبارهم على تقديم لائحة اتهام ضده، وتدمير عصابته.
فى البداية قرر الرائد «أشور» وزملاؤه إلقاء قنبلة على سيارة «مور» أثناء خروجه من بيته، لكنهم تراجعوا عن الفكرة لصعوبة تنفيذها دون القبض عليهم، فخططوا لزرع عبوات ناسفة يفجرونها عن بعد فى أماكن يتردد عليها. واستعانوا بخبير المفرقعات «ران كروتر» المشهور بلقب «المهندس». وفى 22 أكتوبر 2006، قرب الثالثة فجرا، التقى الضباط الخمسة فى غابة «يحيعام» على أطراف «نهاريا»، وغيروا لوحات سياراتهم، وانقسموا إلى فريقين، الأول زرع عبوة ناسفة أسفل سيارة «مور»، والثانى زرع عبوة فى مقبض نافذة بيت يملكه، ويتردد عليه ابن أخيه.
وفى تمام السابعة صباحا انفجرت العبوة الثانية فى منزل «مور»، وتسببت فى أضرار مادية طفيفة، وتنبه «مور» للخطر الذى يحدق بحياته، فاستعان بالشرطة لإبطال مفعول العبوة الأولى. والطريف أن الضابط «أشور» وزملاءه، تولوا التحقيق فى القضية، باعتبارهم المسؤولين عن فرض القانون فى نهاريا!!
وبالطبع لم تسفر التحقيقات عن شىء، وتوجهت الشبهات نحو العصابات المنافسة، غير أن الصدفة قادت النيابة العامة قبل شهور للإيقاع بأحد الضباط المشاركين فى العملية، فوافق أشور على الإيقاع بزملائه الأربعة، مقابل أن يصبح شاهد ملك فى القضية، وفى 25 أكتوبر الماضى صدر حكم ضد الضباط الأربعة بالسجن لمدة عام مع الشغل، وعام آخر مع إيقاف التنفيذ، وخرج شاهد الملك من القضية بحكم مخفف.
مازالت قضية الضباط الأربعة حديث الساعة فى المجتمع الإسرائيلى، ويطالب عضوان فى الكنيست بالعفو عنهم بقرار رئاسى، غير أن القضية طرحت أسئلة صعبة حول الفساد داخل جهاز الشرطة، وبين كبار السياسيين المتعاونين مع المافيا، وسؤالا أهم حول تأثير الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية فى ارتفاع منسوب العنف والإجرام فى الشارع الإسرائيلى، فالجندى الإسرائيلى الذى يقتل فلسطينيا، ويفلت بجريمته، لن يصعب عليه أن يقتل مواطنا إسرائيليا، ويتوقع، أيضا، الإفلات من العقاب كما يقول عالم الاجتماع الإسرائيلى «سامى سموحة».
ويرى الكاتب الإسرائيلى «أفى كوهين» فى مقال مهم نشرته «يديعوت أحرونوت»، أن الفساد يسرى فى أوصال جهاز الشرطة، وقال: «قرأنا عن رجال شرطة مغتصبين، ومرتشين يسمحون لسفاح بالهروب جريا على الأقدام من قفص المحكمة، وضباط لصوص، وآخرين يسرقون بالإكراه، وضابط يقتل بالإيجار لصالح المافيا فى غير أوقات العمل الرسمية»!
لكن الفساد الذى يشير إليه كوهين يمكن توقعه فى أجهزة شرطة مختلفة حول العالم، أما الملفت فى إسرائيل أن نجاح المافيا فى اختراق قيادات المجتمع الأمنية والسياسية، أسفر عن تحول قطاع من الضباط الصغار إلى عصابات تنتقم من رؤسائها، وتقتل المجرمين بلا محاكمة، وتتجاهل أن دور الشرطة فى أى بلد ديمقراطى هو تطبيق القانون، والقبض على المجرم، وتقديمه إلى محاكمة عادلة، مهما كانت بشاعة جريمته.
ودفعت فضيحة «كتيبة الإعدام» الإسرائيلية مسؤولا رفيعا فى الشرطة، رفض ذكر اسمه، للمطالبة فى «معاريف» بإلغاء الشرطة، وتسريح ضباطها، طالما أن الوضع تطور إلى هذا المستوى المنحط»، على حد تعبيره. غير أن وزير الأمن الداخلى اسحق أهارونوفيتش له رأى آخر، فقد أدلى بتصريحات الأسبوع الماضي، على هامش مؤتمر لتقييم عمل جهاز الشرطة خلال 2009، رأى فيها أن ضعف الرواتب والميزانيات، السبب فى انهيار جهاز الشرطة، وتعاظم نفوذ المافيا.
وقال «إن رجال الشرطة فى إسرائيل لا يستطيعون العيش، والإنفاق على عائلاتهم من الراتب الهزيل الذى يتلقونه، وأنا شخصيا أخجل من الرواتب التى يحصلون عليها». وطالب الوزير الدولة بتعويض الضباط برواتب تتناسب مع حجم العمل الذى يقومون به.
 وأكد، فى تصريحات نشرتها «هاآرتس»، أن «الشرطة لا تحصل على الميزانيات الضرورية لمواجهة المافيا. ففى العام الماضى خشينا أن ينهار الجهاز، فبعثنا لعصابات المافيا برسالة واضحة، تقول (لقد توقفنا عن ملاحقاتكم)»!! وتطرق الوزير فى نهاية المؤتمر لقضية الضباط الأربعة، وقال: «لقد كانوا فى أمس الحاجة لمساندة الدولة وجهاز الشرطة، لكن قيادات الدولة والشرطة تخلت عنهم، فقرر الضباط تنفيذ القانون بأيديهم»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.