برلماني: توجيهات الرئيس بشأن انتخابات النواب تعكس الإرادة الحقيقية للمواطنين    بسبب مخالفات "البريمو"، الأعلى للإعلام يستدعي مسئولي حسابات "بسمة وهبة" و"ياسمين الخطيب" و"أبو المعاطي زكي" على مواقع التواصل، والممثل القانوني لTEN    انتخابات النواب 2025| «حماة الوطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا كبيرًا بالإسماعيلية    البنك المركزي: إصدار 43.5 مليون بطاقة «ميزة» حتى يونيو 2025    صندوق تنمية الموارد البشرية السعودى: تمكين 74 ألف مواطن فى قطاع النقل    تراجع 4 آلاف جنيه بسعر الحديد اليوم الإثنين 17 -11-2025 فى مصر    الرئيس الأوكراني يصل إلى فرنسا لبحث تعزيز الدفاع الجوي لكييف    مصر والأردن تبحثان جهود تثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام    رئيسة وزراء بنجلادش السابقة تعتبر أن للحكم بإعدامها «دوافع سياسية»    كوريا الجنوبية تقترح إجراء محادثات عسكرية مع كوريا الشمالية لمنع الاشتباكات المحتملة على الحدود    جوارديولا يحسم موقفه من العودة ل برشلونة    ضبط 97 حالة تعاطى مخدرات بين السائقين خلال 24 ساعة    حالة الطقس.. تغيرات مفاجئة فى درجات الحرارة والقاهرة تصل ل30 درجة    اليوم.. العرض العالمي الأول ل«ثريا حبي» ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    مدبولي: تيسيرات لإجراءات دخول السائحين عبر تطبيق منظومة التأشيرة الإلكترونية    شريهان تدعو للموسيقار عمر خيرت: بحبك وأسأل الله أن يشفيك    نجاح أول عملية استئصال للكلى بالمنظار داخل المجمع الطبي الدولي بالأقصر    الأهلي يترقب موقف ديانج لحسم التجديد.. ويجهز البديل    كلاكيت خامس مرة.. فيفا يعلن إيقاف قيد النادي الإسماعيلي    عاجل- هبوط محدود للذهب في مصر مع تراجع الأونصة العالمية إلى دون 4060 دولارًا    قافلة زاد العزة تدخل الى الفلسطينيين بقطاع غزة    محافظ أسيوط: تشكيل لجنة لإنهاء إجراءات دفن 3 تلاميذ توفوا إثر حادث سير    وزير التعليم يتابع نسب الحضور بمدارس كفر الشيخ ويناقش الطلاب حول المناهج الدراسية المطورة    جولة مفاجئة لوزيرالتعليم في مدارس كفر الشيخ    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    رئيس جامعة قنا يفتتح فعاليات المعرض الزراعي الثاني    موعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر والرأس الأخضر    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    انطلاق الدورة الثانية لجائزة القراءة الكبرى بمكتبة الإسكندرية    تشكيل منتخب ألمانيا المتوقع أمام سلوفاكيا في تصفيات كأس العالم    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    إصابة أسرة في انقلاب دراجة بخارية بكورنيش النيل ببني سويف    ضبط 137 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    التعليم العالى تكشف كواليس مشاركة الجامعات فى بطولة العالم ببرشلونة    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    ضوابط استخدام وسائل الإعلام الحكومية في الدعاية الانتخابية وفق القانون    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    "المدن الخضراء بين الاستراتيجيات العمرانية والحلول المستدامة لمواجهة التغير المناخي"ورشة عمل ب"هندسة المطرية"    أسعار الذهب في مصر اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    مسؤول بحرس الحدود يشيد باعتقال مهاجرين في كارولينا الشمالية رغم اعتراضات محلية    خدمات المصريين بالخارج على منصة مصر الرقمية.. استخراج وثائق رسمية إلكترونيا وتصديقها من القنصلية    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    عاجل- الفصائل الفلسطينية تؤكد شروطها تجاه أي قوة دولية محتملة في قطاع غزة    أحمد صالح: محمد صبري كان موهوبًا ويرفض المجاملة والواسطة    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال البنا يكتب : الإخوان والسياسة (1-3)
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 04 - 2010

موضوع الإخوان والسياسة من أكثر الموضوعات جدلية واستثارة، ولكاتب هذه الكلمات رأى فيه قد يختلف عن الرأى الواقع، ولكن له مبرراته، وقبل أن يدلى بهذا الرأى، فإنه يقدم هذا المقال للإمام الشهيد المؤسس حسن البنا الذى كتب كافتتاحية العدد (139) من جريدة الإخوان المسلمين اليومية الصادر فى 20 من ذى القعدة سنة 1365ه الموافق 15 أكتوبر سنة 1946م، وصدر بمانشيت بعرض الصفحة (نحن والوفد).
وبعد هذا المقال سنعرض وجهة نظرنا.
نحن وطنيون..
أول ما بدأت فكرة الإخوان ودعوتهم فى الظهور والتركز، وكان ذلك فى سنة 1927 و1928 الميلادية، كان هدفها الأول مقاومة تيارى الإلحاد والإباحية اللذين قذفتنا بهما أوروبا واللذين أخذ كثير من الكتاب والهيئات والحكومات يروج لهما ويعجب بهما ويدعو إليهما دعوة قوية عنيفة اضطربت لها نفوس الغيورين على ما بقى من تعاليم الإسلام وزلزلت زلزالاً شديدًا.
كانت وسيلة الإخوان إلى هذا المعنى تكوين جبهة من النفوس المؤمنة الفاهمة لتعاليم الإسلام فهمًا صحيحًا تعمل على تطبيقه فى نفسها وفى كل ما يحيط بها وتدعو إليه غيرها.
                               ■ ■ ■
وتقدم الزمن بالدعوة وأهلها فاصطدمت بهذه الأوضاع الفاسدة فى طرائق الحكم ووسائله وأساليبه فى مصر، ورأت أن الإسلام الحنيف يعتبر الحكم الصالح جزءاً من تعاليمه ويضع له قواعده ونظمه وأساليبه ووسائله وحدوده وأنه يجعل من واجبات المسلمين أفرادًا وجماعات أن يعملوا على إيجاد الحكومة الصالحة، ولهذين السببين: تعذر قيام إصلاح اجتماعى مع وجود حكومات غير صالحة، واعتبار الإسلام العمل على إصلاح الحكم فريضة من فرائضه، لهذين السببين أدخل الإخوان المسلمون فى برنامجهم العمل لإصلاح الحكم بإقامته على دعائم من توجيه الإسلام، لا العمل للحكم نفسه، وشتان ما بين الوضعين.
وكانت الوسيلة إلى ذلك الكتابة والنصح والمذكرات بعد المذكرات للحكومات المتعاقبة فى كل الشؤون الحيوية المهمة.
                               ■ ■ ■
وتقدم الزمن بالدعوة وأهلها مرة أخرى فوجدوا أنه من المستحيل أن تقوم فى مصر أو غيرها من الأقطار الإسلامية حكومة صالحة مادام هذا الاستعمار الأجنبى جاثمًا على صدر هذه الشعوب، والحكومات يأخذ بمخانقها ويحول بينها وبين الحرية والعزة والكرامة والرقى، كما وجدوا أن الإسلام قد فرض على أبنائه أن يعيشوا أحرارًا كرامًا، وألا يسمحوا لأحد كائناً من كان أن يدوس أرضهم أو يطأ بلادهم أو يتحكم فى شؤونهم،
 وأوجب عليهم حينذاك أن يجاهدوا من حاول هذا معهم بالأنفس والأموال، وجعل الجهاد عليهم فى هذه الحالة فريضة عين لا يغنى فيها أحد عن أحد، ولهذين السببين كذلك: تعذر قيام حكومة صالحة فى ظل الاستعمار، وافتراض الإسلام الجهاد فى سبيل الحرية على أبنائه، أدخل الإخوان المسلمون فى برنامجهم العمل على مقاومة الاستعمار وتحرير أرض الوطن من موبقاته وخبائثه لا ليكون جزاؤهم على هذا وهدفهم من ورائه أن يحتلوا هم مكانه من التحكم والسلطان واقتعاد كراسى الحكم ولكن لتظفر الأمة والحكومة بحريتها وعزتها وكفى، فيقوم فيها حكم صالح يفسح المجال لإصلاح اجتماعى صالح،
وكانت وسيلة الإخوان ومازالت فى مقاومة الاستعمار تذكير الأمة بمجدها وإذكاء روح الحماسة والقوة فى أبنائها ومطالعتها بسوء آثار هذا الاستعباد فى مرافق حياتها وإرشادها والعمل معها بكل وسيلة مشروعة فى هذا السبيل وحين اشتمل برنامج الإخوان على هذه المعانى كان الإخوان يتمنون أن يعملوا لها وأن يوفقوا إلى تحقيقها، لا لوادى النيل وحده، ولكن فى كل قطر من أقطار العروبة والإسلام التى نكبت بمثل ما نكب به هنا الوادى تمامًا من الفساد الاجتماعى والفساد الرسمى بفعل هذا الاستبعاد الأجنبى، وذلك بحكم أن عقيدة الإخوان الإسلامية تجعلهم يقرون بالأخوة الكاملة لكل مسلم مهما كان وطنه وأرضه، ويحبون الخير لكل إنسان فى الأرض، والله يقول لنبيه «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ».
                               ■ ■ ■
وحين أخذ الإخوان يعملون لتحقيق هذا البرنامج الواسع لم يخطر ببالهم أنهم حزب سياسى، أو أنهم يسلكون سبل الأحزاب السياسية إلى تحقيق هذه الأهداف، كما لم يخطر ببالهم أن يناوئوا حزبًا أو يخاصموه أو يحتكوا به لأنهم يرون فى دعوتهم متسعًا للجميع، ويرونها أكبر من أن تقف موقف الخصومة الحزبية من أحد.
وحين بدا لهم أن يخوضوا معركة الانتخابات البرلمانية لم يريدوا أن يكون ذلك باسم الهيئة، بل أصدرت الهيئة قرارًا بالإذن لمن شاء من الإخوان أن يرشح نفسه بذلك على أن يكون بصفته الشخصية لا بصفته الإخوانية، حرصًا على ألا تقحم الهيئة بصفتها العامة فى خصومة الأحزاب السياسية.
كما لم يريدوا من وراء نجاحهم فى هذا الميدان أكثر من أن يعملوا لبرنامجهم بأقرب الوسائل الرسمية، وسيلة التشريع فى البرلمان.
ومن كل هذا الذى تقدم يبدو الفرق الواسع بين الوطنى والسياسى، فالوطنى يعمل لإصلاح الحكم لا الحكم، ولمقاومة المستعمر للحصول على الحرية لا ليرثه فى السلطة، ولتركيز منهاج وفكر ودعوة، لا لتمجيد شخص أو حزب أو هيئة، ولهذا يحرص الإخوان المسلمون على أن يكونوا دائمًا وطنيين لا سياسيين ولا حزبيين، ولقد انغمر الإخوان فى محيط العمل الوطنى وساهموا فيه أعظم المساهمة فى الفترة الأخيرة بمناسبة انتهاء الحرب وتحفز الأمم والشعوب للحصول على حقوقها المغصوبة باعتبار أنها الفرصة السانحة التى لا يمكن أن تعوض وأن هذا هو موسم العمل لهذه الناحية بالذات.
وحاولت بعض الهيئات والجرائد والمجلات أن تصور هذا النشاط بأنه خروج من الإخوان عن برنامجهم وتعرض لما لا يعنيهم، وأنه خلط بين الدين والسياسة وفاتهم أنه إذا كان العرف قد جرى فى مصر على أن السياسة مهنة لبعض المحترفين، فإنه ليس فى الدنيا عرف يحرم الوطنية على المواطنين وأن الوطنية أجمل ما تكون إذا اقترنت بالدين، فحدث إذن عن نتائجها الباهرة ولا حرج.
من هنا كان الإخوان يضربون صفحًا عن مقابلة تهجم الأحزاب أو الهيئات عليهم بتهجم مثله، لأن مهمتهم تقويم هذا البناء المعوج لا مجاراته على عوجه.
ومن هنا كذلك كانوا على استعداد كامل دائمًا لوضع يدهم فى أيدى أى هيئة تعمل لصالح هذا البلد أو لخير الدين أو الوطن، وكانوا أسبق الناس فى ترديد الدعوة إلى الوحدة وضم الجهود، وخاصة فى مثل هذه الظروف التى تقرر فيها مصائر الأمم، وتعرض قضايا الشعوب والأوطان، ولكنهم فى هذه الأوضاع كلها سيكونون كما رسموا لأنفسهم وطنيين فقط، لا سياسيين، ولا حزبيين، والعاقبة للمتقين، «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.