تلمع السيارة السوداء طراز «مازيراتى» تحت شمس ظهر يوم ربيعى فى برشلونة.. وفجأة تبدأ فى الاهتزاز وتعدو مسرعة إلى الخارج.. وعلى عجلة القيادة يجلس ليو ميسى. ميسى «الجديد». فلم يعد يتبقى سوى القليل من ميسى عام 2009 الذى كان يعود إلى برشلونة من كل مشاركة مع المنتخب الأرجنتينى بقلب كسير. ويؤكد مسؤول رفيع فى برشلونة، يحتك بصورة يومية مع المهاجم الأرجنتينى «فى الماضى كان يعود فى حالة معنوية سيئة من الأرجنتين بسبب المنتخب.. الآن تغيرت الأمور». ولم يتم الوصول إلى هذه النتيجة بالصدفة، فالأجواء المحيطة بميسى مهيأة كى لا تنال منه الانتقادات، وكى يركز أفضل لاعبى العالم على هدفيه لعام 2010: الفوز بكأس العالم فى جنوب أفريقيا والتتويج هدافا لأوروبا. وأكد أحد أكثر الأشخاص دراية باللاعب وواحد من القليلين الذين يتعاملون معه ومع دييجو مارادونا المدير الفنى للمنتخب الأرجنتينى إن هذين الهدفين «هما الهاجسان اللذان يسيطران عليه حالياً». كما يؤكد ذلك جابرييل ميليتو مواطن ميسى وزميله فى النادى الذى يتولى تدريبه جوسيب جوارديولا. وقال المدافع الذى يأمل ميسي أن يراه إلى جواره فى جنوب أفريقيا «إننى مقتنع بأن ليو سيقدم بطولة أكثر من رائعة فى كأس العالم. سيقدم الكثير للمنتخب. فقط يجب انتظار قدوم تلك اللحظة». أما ميسى فقال فى تصريحات له هذا الأسبوع «أود صنع تاريخى الشخصى»، وأضاف «أنا مازلت كما كنت دائما: أحاول أن أعزل نفسى عن كل شىء، واللعب وتقديم ما لدى داخل الملعب». ويعد ذلك وصفا متواضعا بعد شهر مارس الذى أدهش فيه العالم بتسجيله ثلاثة أهداف «هاتريك» مرتين، وعدة أهداف لا تنسى تنم عن مهارات رائعة. لكن المؤكد أن ميسى ليس هو نفس الشخص الذى كان عليه قبل أشهر قليلة. فعلاقته بخطيبته أنتونيللا باتت أقوى، وهو يخرج من وقت لآخر من بيئته الأرجنتينية فى منزل الأسرة فى ضاحية جافا الهادئة قرب الشاطئ، ليزور برشلونة الصاخبة، رغم أنه لم يظهر منذ شهور فى مطعم «لاس كوارتيتاس» الأرجنتينى الذى اعتاد التردد عليه منذ أعوام. ويبدى مالكو المطعم أسفهم على الشهرة الكبيرة التى بلغها اللاعب «لم يعد من الممكن أن يجلس لتناول العشاء فى هدوء»، ويفتقدون الأيام التى كان يأتى فيه لتناول طعام إيطالى، ثم كوكاكولا وآيس كريم بطعم الفواكه والشيكولاتة. فى تلك الأشهر، قامت عائلة ميسى بإقامة شركة للترويج لصورة اللاعب والرد على التعليقات التى ترد من الأرجنتين، تلك التى تصفه بأنه «بارد الإحساس» تجاه بلاده أو «لا يحفظ النشيد الوطنى» أو «يلعب فقط من أجل المال». وستتولى «ليو ميسى مانيجمينت» فرض رقابة صارمة على مقابلاته وصوره كى لا يشكك أحد فى وطنيته، أو بحلمه فى التتويج بطلا مع الأرجنتين فى كأس العالم التى ينطلق فى غضون عشرة أسابيع. ويلعب والده خورخى وشقيقه الأكبر رودريجو دورا كبيرا هناك. وبعيداً عن تلك الأمور، يشعر ميسى بسعادة وأمان وقوة أكبر، فزملاءه فى برشلونة يجلونه كلاعب وكإنسان وليس من بينهم من يبدى استغرابه لما يحصل عليه من أموال، وهو يفكر فقط فى اللعب، لأنه يعرف أنه عندما يفعل فإنه يضمن الفوز على جميع الأصعدة. لذا، فعندما يتوقع ميسى أن جوارديولا قد يفكر فى استبداله خلال إحدى المباريات، فإنه يتوقف آليا عن النظر إلى مقاعد البدلاء، ويبتعد بأكبر قد ممكن. ويؤكد خوانجو براو الذى يعد أكثر من شقيق للأرجنتينى ويتولى منذ أعوام كل التفاصيل المتعلقة بحالته البدنية: «إن مفتاح ميسى هو ميسى. لا يوجد غيره».