لو وزعنا ألف شيخ وداعية فى كل ميدان من أكبر ميادين العالم وأعطيناهم أقوى الميكروفونات ليصححوا صورة الإسلام ويخلصوه من شوائب الإرهاب التى ألصقها به بن لادن ورفاقه ما استطاعوا أن يحدثوا تأثيراً مثل الذى أحدثه الفيلم الهندى الرائع «اسمى خان»، نحن لم نقتنع بعد بأن الفن هو أقوى سلاح فكرى وأروع وسيلة تعبير وأعظم رسالة إقناع وصل إليها الإنسان، فقد أصبحنا بفضل تيارات التزمت الوهابية التى ترسخت فى وجدان وعقل الوطن مجتمعاً كارهاً للفن، يحرم نفسه من جمال الفن وروعته تحت ركام التجهم والتزمت والشكليات الزائفة. بطل فيلم «اسمى خان» مريض بالتوحد لايعرف المجاز أو ما وراء العيون، يفهم ظاهر الكلمات، ومثالى إلى أقصى الحدود، علمته أمه أن الناس نوعان إما طيب وإما شرير بغض النظر عن دينه، وليس معنى كونه مسلماً أن يكره الهندوس أو أى ديانة أخرى، بعد وفاة أمه سافر إلى أمريكا حيث هاجر شقيقه الأصغر، أحب هندوسية مطلقة تعمل فى كوافير، تعلق ابنها الوحيد برضوان خان، لمسته عصا هذا المتوحد السحرية ببراءته ومثاليته وقلبه الأبيض فحمل اسمه بدلاً من اسم أبيه، بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر تعرض هذا الطفل لاضطهاد أصدقائه الأمريكان الذين ترجموا الإسلام كله إلى تنظيم القاعدة واختزلوا أهله فى بن لادن، فى مشاجرة بعد تدريب كرة قدم تطورت الأمور وتوفى الطفل إثر ركلة طائشة، حملت الأم زوجها خان كل المسؤولية فلولا اسمه المسلم ما قُتل الطفل، طردته من حياتها فتساءل ببراءة متى يعود، فكان الرد بعد أن تفهم بوش وتنقل للعالم أنك لست إرهابياً، ولأنه يفهم العبارات بحذافيرها فقد نفذ الأمر بكل دقة. تابع رضوان خان خطى الرئيس بوش وتعقبه فى لقاءاته الجماهيرية، صرخ من وسط الحشود: «اسمى خان... لست إرهابياً»، لم يخف صلاته تقية من نظرات المتعصبين العنصريين، قرأ الفاتحة بصوت عال وسط المحتشدين بالزهور والشموع أمام أطلال مركز التجارة العالمى، تم القبض عليه وتعذيبه، لم يفهم لماذا يعذبونه ؟، وبماذا يعترف ؟، ليته يعرف لكى يتخلص من هذا العذاب. بعد الإفراج عنه احتضنته أسرة مسيحية فى جورجيا، وعندما تعرضت للإعصار لم تجد إلا قلب خان الرحب لكى تتدفأ به، لملم خان شمل الناس على جميع عقائدهم بمأساته، وصل فى النهاية إلى أوباما وحكى قصته وشرح للمضللين أن دينه ليس مرادفاً للإرهاب، وأن البشر نوعان، منهم من يمنح الخير، ومنهم من يزرع الشر، وأن بوتقة الوطن تصهر كل الخلافات الدينية وتبقى فى النهاية حياة تستحق أن تعاش بدون ضغائن أو أحقاد.