مازالت إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما تمارس ضغوطاً على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للتراجع عن قراره الموافقة على بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة فى القدسالمحتلة، وذلك فى إطار مساعيها لبث الروح فى محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية من جديد، فعلى الرغم من تصريح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أمس الأول بأن التوتر الذى يشوب العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية لا يهدد التحالف الاستراتيجى الوثيق القائم بين البلدين، وأن التزام أمريكا بأمن إسرائيل «غير قابل للاهتزاز»، أعلن مكتب الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز أن المبعوث الأمريكى الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، أرجأ جولته، التى كانت مقررة أمس إلى المنطقة، وسط التوتر الذى تشهده العلاقات بين البلدين الحليفين، الذى كان السفير الإسرائيلى لدى واشنطن ميخائيل أورين وصفه بأنه «الأسوأ منذ 35 عاماً». وكان من المنتظر أن يزور ميتشل إسرائيل والضفة الغربية هذا الأسبوع لإطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن الزيارة تم إرجاؤها فى اللحظة الأخيرة، واختلفت الروايات حول الموعد المقبل لها وأسباب الإرجاء، فمن ناحيتهما قال مسؤولان أمريكيان أمس، إن المبعوث الأمريكى أرجأ رحيله يوماً واحداً، وأضافا أن «ميتشل ينوى الآن مغادرة واشنطن، لكن هذا غير مؤكد»، فيما قال دبلوماسى فى السفارة الأمريكية فى تل أبيب إن إرجاء زيارة ميتشل «مسألة لوجيستية.. حدث تغيير فى برنامج ميتشل فى واشنطن، وعليه المشاركة (خلال ساعات) فى مشاورات، وبالتالى ليس لديه الوقت للمجىء إلى هنا كما كان يرغب». وقالت مصادر لشبكة «سى.إن.إن» الإخبارية الأمريكية إن ميتشل أجل جولته بانتظار رد إسرائيل على مطلب واشنطن التراجع عن قرار الاستيطان، فى «المناطق المتنازع عليها فى القدسالشرقية»، فيما اعتبرت مصادر فى ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلية أنه إذا لم تحل الأزمة الراهنة بين إسرائيل والولايات المتحدة فما من جدوى فى زيارة ميتشل فى الوقت الراهن، بينما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فى وقت سابق «لم نبلغ بعد بموعد الزيارة المقبلة، لكننا نأمل أن يعود ميتشل ومعه جواب وقرار بإلغاء قرار البناء الاستيطانى فى القدسالشرقية». وعلى أى حال، فإن قرار إرجاء زيارة ميتشل للمنطقة جاء بعد إعلان نتنياهو أمس الأول رفضه وضع أى قيود على بناء منازل لليهود فى القدسالمحتلة وحولها، فى تحد لواشنطن يزيد العلاقات بين البلدين تأزماً، حيث قال إن هناك إجماعاً شبه تام بين الأحزاب السياسية الإسرائيلية على أن يبقى ما وصفه بالأحياء اليهودية فى القدس وحولها «جزءاً من دولة إسرائيل» فى أى اتفاق للسلام قد يتم التوصل إليه، وهو ما اعتبره مراقبون تلميحاً مبطناً لواشنطن بأن نتنياهو يعتقد أنه يتمتع بتأييد سياسى فى الداخل يمكنه من مقاومة الضغوط بشأن القدس. جاء ذلك فى الوقت الذى أثارت فيه الانتقادات القوية التى وجهتها الإدارة الأمريكية على غير المعتاد لحليفتها القديمة مخاوف لدى الجماعات الموالية لإسرائيل، حيث أعربت لجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية (مجموعة ضغط) عن قلقها، مطالبة الإدارة بأخذ إجراءات فورية لخفض حدة التوتر مع الدولة العبرية. وفى غضون ذلك، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن نتانياهو طلب عقد لقاء مصالحة مع بايدن خلال زيارته لواشنطن الأسبوع المقبل، فى خطوة تهدف إلى تهدئة التوتر فى العلاقات بين البلدين، إلا أن الصحيفة لم تذكر مزيداً من التفاصيل.