الأنسب والأكثر إفادة أن أفكر أنا وأنت بعيداً عن الأشخاص قليلاً، وأن نسعى سوياً لبلوغ أمل انتخابات برلمانية محترمة قائمة على تنافس متكافئ بين قوى يصب تنوعها واختلافها وتحركاتها فى صالح عملية انتخابية نزيهة تدفع البلاد خطوة للأمام، وأن تضغط من أجل انتخابات رئاسية جادة بين مرشحين حقيقيين مناسبين لقيمة ومقام الرئاسة فى مصر وتدار بنزاهة وتكافؤ أيضاً، وقتها لن يضيرك من يربح ومن يخسر على المستوى الشخصى، فالرابح ساعتها سيكون الوطن. ربما كان الزخم الذى صاحب حركة البرادعى مدفوعاً بكونه أملاً كبيراً فى منافس جاد يليق بقيمة ومقام الرئاسة، وعلى الأقل مؤهل لصياغة بديل ثالث عن المعارضة التقليدية والإخوان يمكن أن يقف فى وجه الحزب الحاكم. لكن البرادعى وأنصاره مقتنعون بأن لا بديل أمامهم سوى الضغط بوسائل ربما كانت مهمة إلا أن نتائجها لا تقترب من رجل الشارع، وتنحصر فقط فى مخاطبة الرأى العام عبر البيانات، واستخدام الإعلام للإيحاء بحراك سياسى كبير، ربما لم يكتمل أساسه بعد، ويتحرك حتى اللحظة وكأنه «حمل كاذب»، فى الوقت الذى يتمسك فيه البرادعى بنفى فكرة الترشح للرئاسة، مركزاً على الضغط من أجل تعديل الدستور أولاً. الاختبار الحقيقى للرجل فى الشارع، وفى قدرته مع أنصاره على استغلال جميع العناصر والظروف لتحقيق أكبر انتشار بين الجماهير يساعدهم على الضغط من أجل مطالبهم التى يبدو أن تحقيقها العملى مرهون فقط بقبول من النظام، أو ضغط دولى عليه يدفعه للقبول أو تخفيف ما يمكن تخفيفه من قيود. لكن هناك انتخابات برلمانية قادمة قبل انتخابات الرئاسة بعام كامل، ويمكن أن يستفيد الوطن كله من حماس البرادعى ومؤيديه، فى خوض اختبار المنافسة، وهنا تحديداً أقترح على البرادعى وحملته الاتفاق على لائحة انتخابية تخوض الانتخابات البرلمانية فى كل الدوائر دون استثناء وتنافس الحزب الوطنى وتزاحمه على كل مقعد بما فيها المقاعد المخصصة للمرأة، وأن يختار البرادعى وأنصاره 444 مرشحاً غير النساء يخوضون الانتخابات كمستقلين فيما يربط بينهم جميعاً مبادئ البرادعى ودعمه، ويكون ذلك اختباراً أولياً لشعبيته، ولقدرته وأنصاره على إدارة معركة انتخابية، وفى الوقت نفسه تنغيصاً حقيقياً ومباشراً على النظام بمزاحمة حقيقية، يمكن أن تنال نجاحاً ما وتترسخ كبديل ثالث، خاصة مع تزايد الحديث عن الصفقات التى يعقدها الوطنى مع المعارضة التقليدية. مثل تلك الإجراءات العملية تضمن من ناحية إثبات جدية البرادعى وأنصاره فى النضال من أجل الإصلاح، وتضمن كذلك وسيلة ضغط كبرى على الحزب الوطنى فى معاقله، ومزيداً من التركيز من جانب الإعلام والمنظمات الغربية على نزاهة الانتخابات البرلمانية، وقد تنتهى بفوز عدد من أعضاء اللائحة بقدر من المقاعد، يساعد البرادعى فى معركته اللاحقة حول الإصلاح والرئاسة. ربما كان الدستور يضع العراقيل أمام ترشيح البرادعى كمستقل فى انتخابات الرئاسة، لكن مثل تلك العراقيل غير موجودة فى انتخابات البرلمان ويمكن ل444مرشحاً أن يخوضوا الانتخابات البرلمانية تحت شعار «مرشح مستقل على مبادئ البرادعى»، ويمكن أن يكون فيها برادعى فى كل دائرة انتخابية على مستوى الوطن..هذا هو الجد بعينه، وغيره مجرد شعارات..! [email protected]