(أنباء عن صفقة بين الوطنى والوفد تقضى بضمان 23 مقعداً للوفد مقابل عدم التعاطف مع البرادعى. إن صحت الأنباء فالقصة هكذا) قاهرة عام 1950، بميادينها الفسيحة وشوارعها المغسولة بالماء والصابون، الباشا جالس فى المقعد الخلفى للسيارة وقد بدا رائق المزاج لسبب أو آخر، فيما يقود السيارة الأسطى محمود وقد لزم الصمت وراح يفكر فى طلبات العيال، عند باب القصر يُخرج الباشا جنيها كاملا ويقول للأسطى محمود فى أريحية: خد يا أسطى محمود وسع على العيال. الأسطى محمود يتلقى الجنيه مسرورا وهو يقبل يد الباشا ويتمتم بالدعاء. يمر بالمصادفة ضابط أسمر مصرى الملامح، متوهج العينين، شديد الكبرياء. يرى يد الباشا المكتنزة وهى تدس الجنيه فى يد السائق الخشنة التى ترتجف من الفرحة، فيطفر الدمع فى عينيه ويقول: - الوضع ده لازم يتغير، يا خسارتك يا مصر! ....... قاهرة عام 2010 التى انقسمت إلى قسمين: قاهرة أبناء البطة البيضا المحاطة بالأسوار، وتتميز بالورود والنظافة والهدوء والقصور الفخمة والشوارع الفسيحة، وقاهرة أولاد البطة السودا الغارقة فى المجارى والزبالة والزحمة والشوارع المكسرة. تتبدل الأدوار ويصبح أبناء الأسطى محمود هم السادة، وأبناء الباشا يمسحون زجاج سياراتهم فى انتظار الأوامر. فيما يقف رجل طويل القامة له عينان متعبتان وصلعة أبوية ويبدو عليه الوقار ينظر للمشهد فى حزن شديد. ابن الأسطى محمود يستدعى ابن الباشا: - تعال يا ولد.. أنا عاوزك فى موضوع. فيسارع الولد والفرحة تقفز من عينيه من الرضا السامى المفاجئ. - شايف الراجل الطويل اللى واقف بيبص لنا ده؟ فيجيب ابن الباشا فى لهفة: أيوه يا زعيم، شايفه. - أنا ما بحبوش (يقول فى حقد) - وأنا كمان يا زعيم باكرهه لله فى لله (يقولها فى تملق). - شوف يا ولد، احنا حنعمل صفقة، نقسم البلد بينا ونستبعده خالص. - (الطمع يتحرك فى صدره ويقول): خير ما فكرت يا زعيم - (فى ألاطة): بص يا ولد، شايف الأهرامات دى؟ هذه لى. شايف النيل والسد العالى والبحر الأحمر والضبعة؟ هذه لى. شايف المصانع والأراضى والبيزنس والعمولات؟ هذه لى. شايف قناة السويس وتحويلات المصريين فى الخارج والغاز؟ هذه لى. - (ينظر إليه ابن الباشا فى قهر وانكسار) وأنا يا زعيم، ماليش حاجة خالص؟ - (فى أريحية وهو يلقى ببعض الأوراق النقدية فى وجهه): اسمع يا ولد، أنا عارف إنك غلبان وبتبص لى فى النعمة، خد(التلاتة وعشرين) جنيه دول شبرق بيهم نفسك ووسع على العيال اللى معاك. - (تلاتة وعشرين) جنيه بحالهم. أحمدك يا رب! (ابن الباشا يُغمى عليه من الفرحة وحينما يستعيد وعيه ينهال على اليد الممدودة لثما وتقبيلا). فيما الرجل الطويل القامة ينظر إلى المشهد فى حزن وقرف شديد، ويقول: - الوضع ده لازم يتغير، يا خسارتك يا مصر.