هى فى غاية الدقة والانضباط.. تدقق فى جميع الأوراق.. تفحص المستندات الخاصة بالقضايا جيداً.. تقرأ جميع الملفات المنظورة أمامها.. تستطيع أن تضبط ساعتك على مواعيدها، اتسمت بالشدة فى التحقيقات خلال عملها بهيئة النيابة الإدارية كما اتسمت بالحزم فى إصدار القرارات والتوصيات، فى أى قضية تحقق فيها طوال 6 سنوات هى مدة عملها فى النيابة الإدارية. كانت تحلم باعتلاء منصة القضاء وقد تحقق الحلم وهى الآن قاضية فى محكمة شمال القاهرة الابتدائية. يأتى عملها بمحكمة الأسرة بمصر الجديدة ضمن 42 قاضية كان مجلس القضاء الأعلى قد وافق فى أبريل 2007 على تعيينهن فى المحاكم المختلفة بالقاهرة والجيزة سواء كانت الاقتصادية أو المدنية أو التجارية أو محاكم الأسرة. إنها المستشار أمنية اسماعيل الهوارى.. القاضى بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية. وقبل ذلك فهى أم ترعى ابنيها «على وكريم» وأسرتها، ومع هذا لا تقصر فى عملها بمحاكم الأسرة، تكون أول الحاضرين فى الدائرة رقم 35 بمحكمة الأسرة التى تعمل بها، وتكون آخر المنصرفين منها. هى بمثابة شعلة نشاط مستمر منذ التاسعة صباحا حتى الثانية بعد الظهر موعد إنتهاء الجلسة التى تنعقد 3 أيام أسبوعيا، كما تواصل عملها فى باقى أيام الأسبوع بقراءة أوراق الدعاوى وإعداد التقارير والأحكام فى المنزل. «المصرى اليوم» حاورتها ورصدت يوماً كاملاً فى حياتها داخل المحكمة، كما تطرقت للأمور المختلفة فى حياتها وكيفية قدرتها على التوفيق بين العمل الشاق فى القضاء والمنزل، فى ظل الأزمة المثارة حالياً حول تعيين دفعة جديدة من القاضيات فى مجلس الدولة. حياتها اليومية تسير بشكل عادى وطبيعى فقبل اعتلائها منصة القضاء كانت مثالاً للانضباط والشدة والحزم فى تحقيقات النيابة الإدارية تلك الهيئة التى كانت تنتمى إليها وبعد تعيينها قاضية مازالت تتسم بنفس هذه الصفات فهى منضبطة المواعيد فى الساعة التاسعة صباحاً تكون أمام باب المحكمة تتوقف سيارتها وتهبط منها إلى قاعة المحكمة حيث تبدأ فى قراءة أوراق القضايا بسرعة فائقة وتدقق فى جميع تفاصيلها لتعتلى المنصة فى الدائرة 35 بمحكمة الأسرة بمصر الجديدة برئاسة المستشار أحمد خفاجى وعضوية على فرجالة لتصدر الدائرة أحكاماً فى قضايا أحوال شخصية مختلفة منها النفقة والخلع والطلاق وقضايا الحضانة والنزاعات الأسرية. تقول المستشار أمنية الهوارى: «كان حلمى منذ دراستى للحقوق أن أكون قاضية، وكانت البداية عملى فى هيئة النيابة الإدارية 6 سنوات، فحققت فيها فى جميع المخالفات الإدارية، عملت بنيابة شبرا الخيمة الإدارية، وكانت أصعب القضايا وقتها قضايا القروض من دون ضمانات، والأخطاء الطبية. فى تلك الفترة تم الإعلان عن تعيين دفعة من القاضيات، فتحقق الحلم باعتلاء منصة القضاء». لا يختلف يوم المستشار أمنية عن الكثير من النساء العاملات، فيومها يبدأ فى السابعة صباحا برعاية طفليها «على» ذى العامين، و«كريم» 6 شهور، وهما كما تصف، أهم شىء فى حياتها بعد عملها. فالعمل بالنسبة لها شىء مقدس. وتضيف: «أغادر منزلى فى الثامنة والنصف صباحا، أصل محكمة مصر الجديدة فى التاسعة صباحا، ليبدأ يوم عمل شاق فى نظر القضايا المنظورة أمام الدائرة التى أعمل بها. ما بين مذكرات ومرافعات وإعداد تقارير وتمهيد لإصدار أحكام، يتوزع اليوم. العمل يستمر من التاسعة حتى الثانية بعد الظهر، ليكون عدد ما تنظره دائرتى خلال أيام السبت والأحد والاثنين أكثر من 100 قضية يوميا. أما باقى أيام الأسبوع فأقوم بإعداد التقارير وإصدار الأحكام فيها بعد قراءتها جيدا فى المنزل». عقب الانتهاء من الجلسة فى الثانية بعد الظهر تعود سعادة المستشارة مسرعة إلى منزلها لرؤية ابنيها «على وكريم» وتظل معهم حتى الثامنة مساء، بعدها تشاهد البرامج التى تهتم بمتابعة ما يحدث فى مصر. ثم تخصص 3 ساعات لقراءة القضايا وكذلك الأحكام الخاصة بمحاكم الأسرة سواء كانت هذه الأحكام سابقة أو حديثة من أجل الاستفادة بمثل هذه الأحكام فى القضايا المنظورة أمامها. كما أنها تخصص جزءا من وقتها لقراءة الكتب القانونية. ويبقى السؤال كيف ترعى الأبناء فى ظل كل هذه المهام؟ تجيب قائلة: «هناك تعاون من جانب البيت فى الرعاية لكن أنا أتابع أولادى بشكل يومى. وحريصة على الجلوس معهما والاطمئنان على صحتهما بجانب أعباء العمل. وحريصة على أن يكون هناك خروج من المنزل مرة أو مرتين أسبوعيا فى ظل ضغط العمل وزيادة عدد القضايا المنظورة أمام المحكمة التى أعمل بها، واسعى الى تحقيق جو أسرى لهم يحقق لهم السعادة. والحقيقة أن زوجى يقف بجوارى ويساندنى ويتفهم دورى فى المجتمع وطبيعة عملى الشاق. فإذا كان الجلوس على المنصة ممتعاً لى كقاضية، فهو شاق للغاية». لا تتفق معالى المستشارة مع ما يردده البعض من عدم صلاحية المرأة لتولى القضاء. وتؤكد أن القاضيات أثبتن نجاحهن فى تولى هذا المنصب الرفيع، وأثبتن أنهن لا يختلفن عن الرجال فى شىء، وأن لديهن الخبرة والكفاءة اللازمة له. وأضافت: «الذين يعارضون فكرة تعيين المرأة فى مجلس الدولة، لا يملكون أى حجج أو أسانيد تؤيد موقفهم. ومعظم الدول الإسلامية نفذت هذه التجربة ونجحت فيها. كما أثبتت التجربة فى مصر بهيئة النيابة الإدارية وقضايا الدولة والقضاء العادى نجاحها. والمهم فى الاختيار هو كفاءة الشخص وسماته لا جنسه».