اختلف قضاة حول فتوى مجلس الدولة الأخيرة حول تولى المرأة منصب القضاء، لكنهم أكدوا أن الجدل الدائر حاليا بشأن هذا الأمر يراهن على قدرة المرأة فى خوض ذلك المجال ونجاحها فيه رغم تحفظات الجمعيات العمومية للقضاة ووقوفها ضد قرار تعيينها. كان خلاف ثار فى عام 2007 حول تعيين المرأة قاضية على منصة القضاء العادى، وتطرق وقتها إلى الجوانب الدينية والاجتماعية والقانونية التى تسمح للمرأة بتولى ذلك المنصب، وحُسم الخلاف باعتلاء 42 قاضية من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة منصة القضاء العادى، وعاد الجدل ليتجدد مرة أخرى مع الفتوى الأخيرة للجمعية العمومية لمجلس الدولة. أكد الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى، أن مسألة تعيين المرأة فى القضاء أكبر من مجرد خلاف قانونى أو دينى أو اجتماعى، لكن يعيب هذه المسألة غياب التدرج الطبيعى للقاضى الذى يمر به الرجل ولم تمر به المرأة حتى الآن، موضحا أن القاضى الرجل يتدرج فى سلك النيابة العامة وصولاً إلى منصة القضاء، أما المرأة فقد قفزت بشكل مفاجئ إلى تلك المنصة دون الحصول على خبرة الرجل وتمرسه الطبيعى. وقال درويش: «المسألة سياسية أكثر منها قانونية، فعندما صعدت تهانى الجبالى إلى منصة القضاء الدستورى، وهو أعلى مراتب القضاء المصرى، لم تمر بدرجات السلم القضائى الطبيعى، ولذلك فأنا أعتبر ذلك القرار خطأ سياسياً». وتساءل درويش عن أسباب رفض النيابة العامة قبول المرأة حتى الآن بها، مشيرا إلى أن هذا الأمر هو الطبيعى والمنطقى، منوها بأن تدرجها فيها وصولا إلى القضاء سيهيئ المجتمع لقبولها قاضية على المنصة سواء بالقضاء العادى أو القضاء الإدارى أو الدستورى. وأوضح أن وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة هى أولى درجات العمل بالقضاء الإدارى، مشيرا إلى أن القاضى الرجل أو المرأة يحتاج إلى الحصول على دبلومتين فى الدراسات القانونية خلال عامين فقط هما عمر وظيفة مندوب مساعد، ليصل إلى درجة مندوب ثم يظل يتنقل بين إدارات الفتوى وهيئة المفوضين ما يقرب من 10 سنوات حتى يعتلى منصة القضاء فى المحاكم الإدارية. وأضاف: «بعدها بحوالى 15 سنة يجلس بمحاكم القضاء الإدارى، ثم تلزمه 20 سنة أخرى حتى يعتلى منصة المحكمة الإدارية العليا». من جانبه تساءل المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، عن الهدف الحقيقى وراء الإصرار على تعيين المرأة فى مجلس الدولة، فى ظل رفض الجمعية العمومية والمجلس الخاص؟!، مشيرا إلى أن الإطاحة برغبة المجلس ليست فى صالح أحد، موضحاً أن إدارة العدالة منوطة بالقاضى فإذا كان الرأى تأجيل تلك الخطوة يكون على الجميع احترامها. وقال مكى: من حق المرأة أن تدخل كل المجالات لكن عندما نقول إن ذلك المجال أكثر ملاءمة لها من غيره لا نكون قهرناها أو حرمناها المساواة، خصوصا أن الواقع العملى يؤكد أنها لن تستطيع التنقل بين المحافظات وأنها لن تقدر على المبيت فى استراحات مشتركة مثل القضاة الرجال». وعن عمل المرأة فى القضاء العادى، أكد مكى أن التجربة مازالت تحتاج إلى تقييم ودراسة، مشيرا إلى أن رجال القضاء العادى مازالوا غير مرحبين بتلك التجربة حتى الآن. فى المقابل رفضت داليا النمكى، رئيس دائرة بمحكمة الأسرة التابعة لمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، اعتبار العمل الإدارى شاقاً على المرأة، مؤكدة أنه فرع من فروع العمل القضائى الذى أثبتت فيه المرأة جدارتها وتفوقها حتى الآن، وقالت: «لن أعلق على قرار مجلس الدولة، لكن بحكم تجربتى الشخصية كقاضية أؤكد أننى لم أجد أى صعوبات فى مجال عملى، بل إن هناك مساواة بينى وبين القضاة الرجال فى كل شىء سواء عدد القضايا التى أتولاها أو نوعيتها».