لكى نحاول الإجابة عن هذا السؤال، نتساءل أولاً عمن له مصلحة فى الهجوم على المتظاهرين فى كل مرة تحدث فيها مظاهرات أو اعتصامات على مدى الخمسة عشر شهراً الماضية، سواء فى ميدان التحرير أو محمد محمود أو مجلس الوزراء أو وزارة الداخلية أو ماسبيرو أو إمبابة أو البالون أو العباسية.. حيث يقع مئات الضحايا بين قتلى وجرحى من الثوار فى كل من هذه المواقع. بالقطع ليس للبلطجية مصلحة مباشرة فى قمع المظاهرات وقتل الأبرياء، ولا يهمهم الحفاظ على الأمن، خاصة أن هذه المظاهرات كانت دائماً سلمية لا تهدف إلى التخريب وتعكير الأمن، مما يؤكد أن هؤلاء البلطجية لا يقومون بخدمة تطوعية للوطن، بل إنهم، ولا شك، مأجورون يعملون لحساب جهة لها مصلحة فى ذلك، فما هى هذه الجهة التى تستعين بهم ولديها القدرة على أن تمدهم بالسلاح والدعم، وتضمن لهم عدم القبض عليهم أو مساءلتهم؟ هل هو المجلس العسكرى الذى يريد القضاء على الثورة واستمرار النظام السابق حتى لو استعان فى ذلك بالبلطجية لاتخاذهم ستاراً لما يحدث والإيهام بأن هناك طرفاً ثالثاً خفياً! ومهما قال المجلس العسكرى إنه لا صلة له بهذه الأحداث، فإن أحداً لا ينخدع بهذا القول لأن الواقع يؤكد غير ذلك. وهناك فصيل آخر له مصلحة فى إجهاض الثورة، وهو ما نسميه الفلول، أى رجال النظام السابق سواء من الحزب الوطنى المنحل أو المسؤولين السابقين، الذين يهمهم استمرار النظام السابق لاستعادة سطوتهم ومصالحهم، ومازال معظمهم طلقاء يتمتعون بكامل حريتهم وأموالهم التى تمكنهم من الاستعانة بالبلطجية، ولكن هؤلاء لا يستطيعون وحدهم القيام بذلك إلا بمساعدة ومباركة المجلس العسكرى الذى إذا لم يكن راضياً عن ممارساتهم لما توانى عن حماية الثورة كما يدعى، ولأمكنه القضاء على هؤلاء البلطجية فى أسرع وقت ممكن لما لديه من إمكانيات هائلة، بدليل أنه عندما أراد إنجاح انتخابات البرلمان بمجلسيه ومن قبلها الاستفتاء لصالح التيار الإسلامى، لم يظهر بلطجى واحد، ولم تحدث حادثة واحدة وقتها! وهناك فصيل ثالث ظهر فى الأحداث الأخيرة بالعباسية، وهم أنصار حازم أبوإسماعيل الذى هدد علانية بأنه فى حالة عدم قبول تظلمه فى ترشيحات الرئاسة فسوف يحدث ما لن تحمد عقباه! وبالفعل قام أنصاره بالاعتصام بميدان العباسية، ورفضوا كل النداءات بعودتهم إلى ميدان التحرير، وحاولوا اقتحام مقر وزارة الدفاع كما ظهر فى وسائل الإعلام والفيديو الذى أذاعه المجلس العسكرى، ولا ندرى ما الذى يهدفون إليه من اقتحام هذه الوزارة، إلا أنهم يقصدون إحداث الفوضى والاضطرابات التى يمكن على أثرها إلغاء أو تأجيل انتخابات الرئاسة التى أقصى عنها حازم أبوإسماعيل كأنهم يرفعون شعار «على وعلى أعدائى» أو «نحن أو الفوضى» كما كان يقول «مبارك» قبل تنحيه!! إننا فى انتظار من سيحسم المعركة لصالحه، هل أعداء الثورة الذين يزدادون شراسة كلما مر الوقت، أم هل يستيقظ الثوار ومن يساندهم من قوى الثورة المخلصة ويتحدون ويتكاتفون لإنقاذ الثورة قبل فوات الأوان؟ إن العزيمة الصادقة تصنع المعجزات، وكما قامت ثورة 25 يناير بما يشبه المعجزة كما شهد العالم كله، فليس من الصعب عليها استكمال هذه المعجزة بالروح ذاتها التى بدأت بها الثورة. * عضو مجلس القضاء الأعلى سابقاً