ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    «المحامين» تدعو ل«وقفة احتجاجية» غدًا وتواصل استطلاع الآراء حول «رسوم التقاضي»    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 22 يونيو 2025 محليًا وعالميًا    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 22 يونيو 2025    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 22 يونيو 2025 (تحديث الآن)    الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لأهداف معادية في قم وأصفهان    استهداف مجمع نووي في أصفهان للمرة الثانية منذ بدء الهجمات على إيران    تفعيل أنظمة الدفاع الجوي في العاصمة الإيرانية طهران    أول تعليق من ترامب بعد ضرب إيران منذ قليل: قصفنا فوردو ونطنز وأصفهان    إنتر ميلان يحقق فوزًا قاتلًا على أوراوا الياباني في كأس العالم للأندية    فلامنجو والبايرن أول المتأهلين لدور ال 16    «هو عارف الحقيقة».. محمد بركات يرد على تصريحات ميدو بعد هجومه على الأهلي    شديد الحرارة ورياح.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الأيام المقبلة    انتهاء أعمال البحث.. العثور على جثمان «بدر» تحت أنقاض عقارات حدائق القبة وارتفاع عدد الضحايا ل 12    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 تظهر ب4 محافظات اليوم.. استعلم فور اعتمادها    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    نرمين الفقي: عن قلة الأعمال الفنية: «ربنا بيعوضني خير»    رفقة والدها.. أول ظهور لملك زاهر بعد تعافيها من وعكتها الصحية (صور)    وجهات نظر    من غير مكملات.. أهم الأطعمة الغنية بفيتامين د    ابعد عنها بعد الساعة 10مساءً.. 6 أطعمة تسبب الأرق    الزمالك ينهي اتفاقه مع شركة ملابس جديدة    وزير الخارجية: إغلاق جزء كبير من المجال الجوي العراقي ألحق أضراراً اقتصادية جسيمة    مكي: تواجد جون إدوارد في الزمالك خطوة على الطريق الصحيح    مريم نعوم: كان هناك حيرة كبيرة على نهاية «لام شمسية» ومصير «وسام»    رسالة حاسمة من الخطيب للاعبي الأهلي قبل لقاء بورتو    بسبب حكم غيابي.. احتجاز زوجة مدرب منتخب مصر في الإسكندرية    تصل للمؤبد.. احذر عقوبات صارمة لبيع المنتجات المغشوشة    الوقت وحده سيخبرنا.. ترامب يعلق مجددا على ضرب إيران    إنطلاق امتحانات المواد الأساسية لطلاب الثانوية العامة بأداء اللغة العربية اليوم    نتيجة الشهادة الإعدادية بمطروح: الفتيات يتفوقن على البنين والمدارس الحكومية تتفوق على الخاصة    عاجل- السيسي لبزشكيان: مصر ترفض التصعيد الإسرائيلي ضد إيران وتؤكد أن لا حل للأزمة إلا بوقف النار ودولة فلسطينية مستقلة    كأس العالم للأندية| التشكيل الرسمي ل فلومينينسي وأولسان في الجولة الثانية    الملاعب الضخمة والمقاعد الفارغة: كأس العالم للأندية تواجه أزمة جماهيرية في أمريكا    وزارة التضامن الاجتماعي بكفر الشيخ يشهد فاعليات ختام البرنامج التدريبي    صبحي موسى ومأزق التنوير العربي    د.حماد عبدالله يكتب: السينما المصرية!!    تنسيقية شباب الأحزاب تعقد صالونًا حول مرور 7 سنوات على تأسيسها    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات من شوارع عاصمة البحيرة.. صور    وزير الخارجية الإندونيسي: 97 مواطنا على استعداد للعودة من إيران    نقابة الأطباء تنعى الدكتورة نشوى بدوي شهيدة الواجب: رحلت وبقيت رسالتها تحيا بيننا    كيف تحافظ على برودة منزلك أثناء الصيف    حكاية خلاف دام 5 سنوات بين عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وانتهى بقبلة على اليد    أكاديمية الشرطة تستقبل الملتقى الثانى للمواطنة الرقمية بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة    ننشر حيثيات وقف القضاء الإداري لعمومية نقابة المحامين اليوم    جاهزين لأسواء السيناريوهات.. خلية أزمات ومراقبة المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية وتوفير احتياجات الدولة من المواد البترولية والغاز الطبيعي    ارتفاع عدد المتوفين بعقار حدائق القبة المنهار ل 10 أشخاص    لإيمانها بأهمية دعم الاقتصاد الوطني.. طلعت مصطفى أبرز المكرمين من وزارة المالية لدعم تحديث منظومة الضرائب    باحث في الأمن الإقليمي: ضربات إسرائيل لإيران مقدمة لحرب أكبر ونطاق أوسع    ميناء دمياط يستقبل 11 سفينة ويغادره 8 خلال 24 ساعة    إدراج جامعة بدر في تصنيف التايمز لعام 2025 لمساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    يسرا ومصطفى شعبان في طليعة نجوم الفن العائدين.. هل سيكون النجاح حليفهم؟    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم اتمنى القرب منك سيدى ودون فراق?!    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ «أبو إسماعيل» والحاج هتلر وآية الله الخوميني
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 05 - 2012

أثار المرشح الرئاسي المستبعد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل جدلاً لا ينتهي، فبين من يراه إخوانيًا متخفيًا في صورة سلفية، ومن يؤكد أنه معبر أصيل عن الحركة السلفية الرجعية، ومن يجزم بأنه «هتلر» المصري، تاهت حقيقة الرجل ولم يتبق إلا الصخب الذي يحيط بشخصه.
«أبو إسماعيل» فعلا ظاهرة تستحق الانتباه، ليس لأنه بالضرورة يتمتع بمواهب أو قدرات غير مسبوقة، ولكن لأن صعوده اللافت في سماء السياسة المصرية في وقت قياسي يستدعي التفكير ويفرض كثيرًا من الأسئلة.
قبل الثورة
قبل الثورة المصرية كان حازم صلاح، مع الاحترام لشخصه، نكرة سياسية، فقليلون فقط هم الذين يتذكرون هذا الشخص الذي ترشح أكثر من مرة في انتخابات مجلس الشعب ولم يحصل على المقعد مرة واحدة، الشيء الوحيد الذي كان يسترعي الانتباه بخصوص الرجل هو انتسابه لأسرة إخوانية، حيث كان أبوه، الشيخ الإخواني صلاح أبو إسماعيل، داعية إسلاميًا وعضو برلمان يشار له بالبنان في السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن الماضي.
أما الشيخ حازم، فلم نعرف له أي نشاط سياسي مؤثر، كل ما يمكن أن يقال بشأنه هو أنه مارس الخطابة في جامع أسد بن الفرات بالدقي، وكان له ظهور على القنوات السلفية التي انتشرت في السنوات السابقة على الثورة.
لكن بقدرة قادر، وفي شهور قليلة، أصبح «أبو إسماعيل» مرشحًا رئاسيًا يؤيده قطاع ذو شأن من قواعد السلفيين، ثم، وهذا هو الأهم، زاد نفوذه حتى نجح في اجتذاب جزء لا يستهان به من فقراء المدن، ومنهم بعض الأقباط!.
سطوع نجم «أبو إسماعيل» وتحوله إلى ظاهرة بهذه الطريقة اللافتة يجعل المرء يكاد يقول إن «سوق السياسة» المصرية كانت متعطشة لوجود رجل بهذه المواصفات وهذا الخطاب.
أحد التفسيرات الرائجة للصعود السريع للشيخ حازم هو أنه ممثل «الفاشية الدينية»، أيًا ما كان معنى هذا المصطلح. الشيخ حازم يقول البعض: هو «أدولف هتلر» بعد تمصيره وتحوله إلى «الحاج هتلر»، وهو اللقب الذي كان بعض المصريين المعجبين بالسفاح الألماني يطلقونه على «هتلر» أثناء الحرب العالمية الثانية.
لكن فكرة فاشية أبو إسماعيل لا تصمد كثيرًا أمام النقد، فليس كل رجعي فاشيًا، بل ليس كل من لديه استعداد لاستخدام العنف ضد معارضيه فاشيًا، وإلا كنا اعتبرنا صدام حسين وماو تسي تونج وجوزيف ستالين وغيرهم من طغاة التاريخ فاشيين.
«الفاشية» مصطلح سياسي يعبر عن ظاهرة ذات خصوصية في المجتمعات الحديثة. الحركة الفاشية هي، بالضرورة، حركة شعبية تهدف إلى استئصال الحركات والتنظيمات العمالية والتقدمية بالعنف المباشر، عنف الفاشية ليس عنفًا مؤقتًا أو عرضيًا، بل هو أساس ومبرر لوجودها.
تكتسب «الفاشية» جاذبيتها لدى الجماهير المأزومة من تحميلها الحركات الساعية إلى الحرية والعدل والمساواة مسؤولية تدهور الأحوال، فالعمال وإضراباتهم، والقوى الاشتراكية والتقدمية، هم السبب في هواننا وتفكك مجتمعنا، ولذا فهم يستحقون الكراهية والموت.
«الفاشية» كذلك حركة عنصرية، ذلك أنها تنطلق من الهوس بالأمجاد التاريخية ل«شعبنا». فهتلر كان صاحب شعار "ألمانيا فوق الجميع»، وهو الشعار الذي كان يعني، عمليًا، الاعتقاد في التفوق المطلق للجنس الآري. و«موسوليني» هو منشئ حركة «إيطاليا الفتاة» التي نفخت إحساس العظمة لدى الإيطاليين بوصفهم شعبًا مختارًا ذا رسالة.
هذه العنصرية القومية غالبًا ما تنعكس في صورة عنصرية عرقية أو دينية. فالنازية اعتبرت اليهود بشرًا أدنى من غيرهم وألقت بهم في أفران الغاز، وهي كذلك، ووصمت الغجر بأقبح الصفات ونكلت بهم.
على أن أهم مواصفات الحركة الفاشية هي قدرتها على خدمة الرأسمالية لحظة الخطر من خلال تحطيم الحركات والقوى التي تهدد وجودها. فالفاشيون هم من ابتدعوا الميليشيات الشعبية التي تهجم على مقرات النقابات والأحزاب الاشتراكية ومناطق تجمع الفئات المضطهدة، لتقوم بتحطيمها وضرب مرتاديها، لإضعاف الحركة ومحو تأثيرها بالقوة.
ما أعتقده أن هذا التحليل للفاشية لا ينطبق على الحركة التي أطلقها الشيخ حازم من عقالها، «أبو إسماعيل» نجح في اجتذاب عشرات، بل مئات الآلاف، ليس لأنه يحرض على الحركة الجماهيرية أو ينفخ مشاعر الكراهية ضد الإضرابات العمالية، كذلك فالأساس في تعبئته ليس احتقار الأقباط أو النساء، برغم كل الأفكار الرجعية التي يروج لها.
ما الذي يفعله الشيخ أبو إسماعيل إذن؟ وما أساس ظاهرته الفريدة؟
أظن أن أفضل طريق لفهم حازم صلاح هو مقارنته ب«الخوميني» وليس ب«هتلر»، طبعًا هذه مقارنة مضحكة إلى حد كبير، فشتان الفارق بين زعيم بارز ذي كاريزما طاغية ك«الخوميني»، (بغض النظر عن رأيي في سجله الدموي)، ورجل هامشي حاول محاولة بائسة، انتهت سريعًا بفشل ذريع يثير الشفقة أكثر مما يثير الغضب.
لكن أنا هنا لا أتحدث عن النجاح أو الفشل، بل حتى لا أتحدث عن كاريزما الشخص وقدرته على ملء الفراغ السياسي الذي استدعي وجوده، أنا فقط أتكلم عن طبيعة الحركة التي أطلقها «أبو إسماعيل»، والتي لو كان لها حظ من نجاح، ولو كان قائدها موهوبًا وليس مجرد مسخة لكانت قد سارت في مسار مشابه لذلك الذي سلكه «خوميني».
دعونا إذن نردد أن التاريخ إذا كان قد كرر نفسه من «الخوميني» إلى «أبو إسماعيل»، فإنه اتخذ في المرة الأولى «الخوميني» صورة المأساة، بينما لم يعدُ في المرة الثانية «أبو إسماعيل» أن يكون «مسخرة»!.
خطاب شعبوي
تشابه «أبو إسماعيل» مع «الخوميني» لا يرجع فقط إلى التشابه بين الأساس الطبقي للحركة التي عبأها «الخوميني» والحركة التي التأمت حول الشيخ حازم، والتي تجاوزت، كما قلت، جناحًا من السلفيين كان متعطشًا لسماع خطاب راديكالي يؤكد أنه لا مساومات ولا تنازلات بصدد تطبيق الشريعة الإسلامية، وامتدت إلى قطاعات مهمة نسبيًا من فقراء المدن. التشابه الآخر المهم بين مشروعي الرجلين هو في نوع الخطاب الطبقي السياسي الذي يقدمانه.
فتمامًا كما كان «الخوميني» يقدم إسلاميته مغلفة بغطاء طبقي معادٍ للاستغلال واللامساواة، وفي نفس الوقت يؤكد على الهوية الدينية بلغة مشبعة بالميول الرجعية، فإن «أبو إسماعيل» هو الآخر يقدم خطابًا «شعبويًا» يمكن تلخيصه في تعبير «سنحيا كرامًا» الذي اعتمده شعارًا لمعركته الانتخابية.
هذا الشعار، كما استخدمه «أبو إسماعيل»، يحمل معاني متناقضة، فهو من ناحية شعار ثوري، يدعو الناس إلى رفض الذل والمهانة التي فرضها النظام السابق على المصريين في أقسام الشرطة والشوارع ومواقع العمل وكل مناحي الحياة، لكنه كذلك يتضمن، وفق مشروع «أبو إسماعيل»، قدرًا لا بأس به من التأكيد على الهوية، ليس فقط في مواجهة الغرب الاستعماري، ولكن كذلك في مواجهة الهويات المصرية الأخرى التي تتعارض مع أو تتميز عن الطابع الإسلامي للمجتمع.
وهكذا فإن «أبو إسماعيل»، الذي يخاطب المصريين كلهم حينما يدعوهم إلى رفض اضطهاد الدولة لهم، يخاطب في الوقت ذاته الإسلاميين فقط حين يؤكد على محورية هدف التطبيق الحرفي لأحكام الشريعة كما يراها ويفسرها التيار السلفي المصري، هنا «أبو إسماعيل» يخبرنا بأن الأقباط والنساء وغيرهم من الفئات، وفق قراءته هو للشريعة، لابد أن يعترفوا بوضعيتهم الأقل من الرجال المسلمين، وعلى الأخص الإسلاميين.
ما يجعل «حازم» وأنصاره في موقف مختلف موضوعيًا عن «الخوميني» هو اختلاف الوضع الإجمالي للصراع الطبقي بين مصر 2012 وإيران 1979، فلأن الثورة الإيرانية كانت قد نجحت مبكرًا في تحطيم أهم مراكز القوة في النظام القديم، ومنها الجيش الإمبراطوري الذي انفجرت به سلسلة من التمردات، فأدت إلى تفككه، ولأن «الخوميني» نفسه كان من الذكاء بحيث كوَّن في وقت مبكر مجلسًا ثوريًا نازعَ على السلطة، فإن الحركة الخومينية نجحت منذ الأيام الأولى للثورة أن تكون طرفًا أساسيًا في الصراع الدائر على السلطة.
أما «أبو إسماعيل» فإن حركته أتت في ظرف مختلف تمامًا، فقد بدأ صعودها وانتشارها في ظل درجة لا بأس بها من استقرار سلطة المجلس العسكري الحاكم الذي يلعب دور الممثل الرسمي للثورة المضادة. هنا حركة «أبو إسماعيل» مجرد حركة معارضة تسعى إلى اقتناص قطعة من كعكة السلطة من خلال معركة انتخابات رئاسية وليس من خلال صراع ثوري، يهدف إلى السيطرة على جهاز الدولة.
الأساس الطبقي
يجد مشروع «أبو إسماعيل» أساسه الاجتماعي في طبقة البرجوازية الصغيرة، هذه الطبقة المفككة والمتناقضة داخليًا التي تنحو غالبًا إلى السير وراء الطبقات الأساسية في المجتمع - الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية - على حسب موازين القوة السائدة، أما لو كانت الطبقات الأساسية على درجة من الضعف تمنعها من لعب دور القيادة السياسية للبرجوازية الصغيرة، فإن هذه الطبقة، بكل تشوشها ومشاكلها، تطرح، بشكل مؤقت، مشاريعها المستقلة.
هذا بالضبط هو الحال في مصر. فالطبقة العاملة غير موجودة سياسيًا، والبرجوازية مفلسة إلى حد أن الطعم الوحيد الذي تجذب الجماهير به هو الرعب من الانهيار الأمني والهلع من الخراب الاقتصادي، أما ما يطلق عليه قوى الثورة، ممثلة في بعض الديمقراطيين الجذريين واليساريين الثوريين، فقد فشلت في خلق أي مرتكز سياسي.
هذا بالتحديد ما يخلق حالة الضبابية السياسية الراهنة، وهو كذلك ما يجعل جحافل البرجوازية الصغيرة كارهة للثورة وكل ما تعنيه.
لكن في المقابل، هناك قطاع من البرجوازية الصغيرة كان يتطلع إلى خطاب شعبوي كالذي قدمه الشيخ حازم، قطاع من حرافيش المدن وأبناء الطبقة الوسطى الدنيا كان يحتاج إلى من يقول له «سنحيا كرامًا» بكل ما تحويه تلك العبارة من سحر وغموض وتشوش، هؤلاء كانوا يريدون من يقدم لهم خطابًا ثوريًا في شكله، ناقدًا للدولة بجرأة، مستعرضًا لقوته، لكنه في نفس الوقت يدغدغ ميولهم الرجعية ويؤكد لهم أن الرجال أفضل من النساء و«نحن» أقوى من الغرب والأقباط ليسوا مثلنا!.
الدرس
هذا، في ظني، هو المغزى السياسي ل«أبو إسماعيل»، بغض النظر عن فشله المزري في تحويل رأس المال المعنوي الذي امتلكه إلى حركة منهجية ذكية قادرة على التقدم للأمام في الظرف المعقد الذي نعيشه.
انتهى «أبو إسماعيل» إلى لا شيء، لكن الدرس الذي يمكن أن نتعلمه من هذه التجربة هو أن البرجوازية الصغيرة جيش جاهز لفعل الشيء ونقيضه، فكما أن مشاريع رجعية شعبوية يمكن أن تغريها، فإن مشروع التحرر الجذري قادر على جذبها، فقط لو توافرت له مصادر القوة على المستويين الفكري والعملي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.