ارتفاع سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4540 جنيهاً    سعر الموز البلدي والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 18 مايو 2025    المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" ترسم مستقبلًا جديدًا لقرى سوهاج    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    فتح: كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية رسالة واضحة للمشهد الإقليمي    إصابة 19 فردًا من طاقم سفينة تدريب للبحرية المكسيكية بعد تصادمها    «المحميات» تطالب القري السياحية بالبحر الأحمر بالالتزام بالإجراءات والتعليمات الخاصة بالتعامل مع أسماك القرش    بعد 28 عامًا.. ليلى علوي تستعيد ذكرياتها بمهرجان «كان» رفقة نور الشريف ويوسف شاهين    اليوم متحف آثار الغردقة يستقبل زواره مجانًا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للمتاحف    الشرطة الأمريكية تحقق في انفجار قرب عيادة للخصوبة في بالم سبرينجز    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 18 مايو    إصابة شخص في حريق شقة سكنية بالعبور | صور    جدول البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية بنظام البوكليت 2025 بالقاهرة    اليوم.. إعادة محاكمة الفنان محمد غنيم في تهديد طليقته    برلماني روسي يقدم اقتراحا لترامب من بند واحد لتحقيق السلام في أوكرانيا    ميلوني: لا تنتظروا مني نصيحة بشأن ترامب فلست طبيبة نفسية    عاجل.. موعد غلق باب التظلمات بإعلان المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين 5"    رابطة الأندية تجتمع اليوم مع فرق الدوري لمناقشة استعدادات الموسم المقبل    منتخب مصر يواجه اليوم نيجيريا لتحديد صاحب برونزية أمم أفريقيا للشباب    كامل الوزير يكشف عن موعد تشغيل الأتوبيس الترددي أمام المواطنين؟ (فيديو)    لمدة يومين، المحامون يمتنعون عن الحضور أمام محاكم الجنايات    السفارة الأمريكية في ليبيا تنفي وجود خطط لنقل سكان غزة إلى ليبيا    مصطفى عسل بعد التتويج ببطولة العالم للاسكواش: لا أصدق وأشكر كل من ساندنى    البابا يترأس القداس المشترك مع بطريرك السريان وكاثوليكوس الأرمن    بن غفير: علينا الدخول بكل قوة إلى غزة ونسحق عدونا ونحرر أسرانا بالقوة    دراسة تكشف: المصابون ب مرض السكري عرضة لأمراض القلب    يوسف حمدي: جماهير الزمالك تشعر بالظلم بسبب ما يحدث    أمن بني سويف يكشف لغز جثة رجل مكبل اليدين والقدمين داخل سيارة    ب 20 مليون.. جهود مكثفة لضبط تشكيل عصابي سرق مشغولات ذهبية في قنا    الدولار ب50.41 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 18-5-2025    الغرف التجارية تنفي نفوق 30% من الثروة الداجنة وتحذر: خلال الصيف سنواجه مشكلة حقيقية    سيراميكا كليوباترا يقترب من التعاقد مع كريم نيدفيد    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا الودية قبل كأس العالم للأندية 2025    ما بين الحلويات.. و«الثقة العمومية»!    استمرار قوافل «عمار الخير» بشربين للكشف المجاني على المواطنين بالدقهلية    هزيمة 67 وعمرو موسى    ملف يلا كورة.. تأجيل بطل الدوري.. ودية الأهلي الأولى قبل مونديال الأندية.. وصفقة محتملة للزمالك    الفرص متاحة لكن بشرط.. برج العقرب اليوم 18 مايو    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    جداول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني في جميع المحافظات    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم الأحد    للحفاظ على سلامة الطعام وتجنب الروائح الكريهة.. نصائح لتنظيف الثلاجة في خطوات بسيطة    للحفاظ عليها من التلف.. 5 خطوات لتنظيف غسالة الأطباق    حدث بالفن| نجوم الفن يحتفلون بعيد ميلاد الزعيم وحقيقة خلاف تامر مرسي وتركي آل الشيخ    كالعروس.. مي عمر تتألق بفستان أبيض في خامس أيام مهرجان كان    بالصور.. جينيفر لورانس وروبرت باتينسون يخطفان الأنظار في مهرجان كان السينمائي    بالصور.. رامي صبري والنجوم يحتفلون بعيد زواج المهندس محمد عطا وسيدة الأعمال فاطمة المهدى    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    وزير الشباب والرياضة: نتحرك بدعم وتوجيهات الرئيس السيسي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوتُ أمّى لا يطيرُ مرتين
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 03 - 2012

أرحمُ ما فى موت الأمهات، أنهن لن يَمُتن مرةً أخرى. أن ينتهى رعبُ المرء من فكرة فقد أمّه. أذكرُ، وأنا طفلة، أنى ظللتُ أعيشُ هذا الرعب، منذ أدرك عقلى معنى الموت والحرمان ممن نحب إلى الأبد. إذا ما سعلتْ، أخافُ أن تموتَ، ويفرُغ العالمُ من حولى. إذا تأخرتْ، أقفُ بالشرفة، مثل عصفورٍ يرتعد. يتلفّتُ رأسى لأمسحَ الشارعَ من طرفيه، والخوف يفترسُ طفولتى: ألن أراها أبدًا تدخلُ من مدخل العمارة؟! وحينما كانت تمنعنى من اللعب وقراءة «ميكى»، كان «الشريرُ» داخلى يرسم لى عالمًا رغدًا بلا أمّهات يُجبرن أطفالهن على شرب اللبن والمذاكرة والحرمان من الأصحاب واللعب والحلوى، لكنْ سرعان ما ينتفضُ «الطفلُ» داخلى، فأتوقُ للدفء. ولما مرضت أمى، مرضَها الأخير، كنتُ بمجرد أن أتركها، أناصبُ التليفونَ العداء. كلّما رنَّ، أخفقَ قلبى هلعًا من سماع ما أكره. حتى عدتُ إلى بيتى مساء 5 سبتمبر، لأجد الأنسر ماشين يحمل صوت خالى أسامة يقول: «حبيبتى، البقاء الله، أبلة سهير تعيشى انتى!» انهدم العالمُ من حولى، لكن رعبى من فقدها تبدّد للأبد. لن أفقدها غدًا أو بعد غد! فقدتُها بالفعل البارحة!
لم تقنع أمى يومًا أننى صرتُ بنتًا كبيرة، ثم فتاةً، ثم مهندسةً، ثم كاتبةً، ثم أمًا لها طفلان! ظلّت ترانى وشقيقى الطبيبَ طفليْن لا نجيدُ من الحياة إلا الاستذكار والتفوق، لكننا «أخيب» من أن نعيش مُستقليْن! تزورنا فى المدرسة لتراقبَ أداءنا الدراسى. ثم تزورُنا فى الجامعة فيسخر منّى الزملاءُ حين توصى أساتذتى بأن يأمرونى بشرب اللبن صباحًا! يملؤنى الحنقُ من الاستبداد واستصغار الشأن، غيرَ مُدركةٍ بعد، أن الأمَّ تظلُّ ترى صغارَها صغارًا، وإن كهِلوا. الأديبُ المصرى السويسرى «جميل عطية إبراهيم» كلّمها بالهاتف يومًا ليخبرها بأنه كان «يكره» «فرجينيا وولف»، لكنّ ترجمتى العربية لأعمالها صالحته على عالم «وولف» الصعب. فما كان منها إلا أن قالت له: «بس عنيدة ولا تشرب اللبن!».
ساعةُ الحائط العتيقة هذه، كانت فى بيت أمى. كلما زرتُها أمرتنى بأن أملأها. مصممو الساعات صمموا الزنبرك لتملأه يدٌ يُمنى. وأنا عسراء! وعبثًا أحاول إقناع أمى بأن يمناى أضعفُ من لفّ الياى، ويسراى القويةَ تتعثر فى اتجاه الدوران! فتقول أمى بوهنٍ: رنينُها يؤنسُنى! كنتُ أمقتُ تلك الساعة، وأغارُ منها! لكنْ، حين طارت أمى، وضعتُ كلَّ حبى ووحشتى، فى رنين تلك الساعة التى أضحت أمّى البديلة، إن كان للأمّ بديلٌ. إن توقف دقُّها، أهرع وأملأها بكلتا يدى، لكى يعودَ صوتُ ماما يصدحُ فى أركان بيتى، فينهمرُ الدفء. كتبتُ فى الساعة تلك، قصائَدَ عدة، وتحوّلت إلى أيقونةٍ تظللنى بالرحمة.
ربما متأخرًا جدًا، أشكرك يا أمى على حبّك الذى لم أدركه فى وقته. شكرًا على مستر وليم الذى أقنعتِه بأن يتواضع ويأتى من الجامعة الأمريكية ليدرّسَ لطفليك مبادئ الإنجليزية. على «العروسة» التى اشتريتِها وأفهمتِنى أنه مَن اشتراها لكى أحبّه. على تسجيلك الحصصَ على «جروندج» لكى نظلّ نستمع إليها حتى موعد الحصة القادمة. شكرًا على تعليمك لى الالتزام فى القول والعمل. شكرًا على خوفك علىّ، الذى ربما أفقدَنى التواصلَ الصحّى مع العالم، لكنه حمانى من المصاعب.
هذا عيد الأم، وأنتِ فى السماء؛ حيث العصافيرُ والزهرُ والبراءة والجمال، وحيث الله وحنوّه. كل سنة وأنت طيبة يا ماما. أجملُ ما فى طيرانك عام 2008، أنّى برئت من خوفى من طيرانك! لأن لا أحدَ يطيرُ مرتين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.