كتب - نجلاء محمد:القاهرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....... يريدون أن يحجبوا شمس هذا الوطن ... لا يوجد أي مقارنة ولو يسيرة بين من يرتدون عباءة الوطنية اليوم وبين الأبطال الحقيقيون ممن ضحوا بأرواحهم فداءاً للوطن فى صمت .. هل هم يمتثلون لنداء مصلحة الوطن كما نراهم .. أم هم مجرد مشاغبين يحبون الظهور والبروز .. نرجسيتهم وغرورهم يعميهم عن الحق وطريقه وأي موقف أو تصحيح أو آراء لا تعجبهم. ولكن من هم من أتحدث عنهم؟ وأين يستطيع الفرد منا رؤيتهم؟ .. إنهم سماسرة الوطنية ممن يتغنون بحب مصر!!، أولئك من يحملون بداخلهم تناقضات فجة .. فهم أصحاب الأصوات العالية بالمظاهرات ممن يحملون الشعارات ويرددون الهتافات التى تندد بالفساد الذين هم أهم أسباب تفشيه ووجوده!! .. يشعلون ناراً عاتية، يهتفون بأعلى الأصوات، يتظاهرون من أجل الوطن الذي صار اسمه وكرامته نهباً لكل ناهب، تراهم يجرمون ويمنعون، ويحرمون ويصادرون .. الاختلاف معهم خيانة، والتوافق مع أفكارهم وتوجهاتهم وطنية، فى وجودهم ترعرع الفساد ولكنهم ذات يوم إستيقظوا على هول الكارثة مرددين فى وطننا فساد!! لا تنهى عن خلق وتأتي مثله .. عار عليك إذا فعلت عظيم. تترك عملك وتضرب عنه وتعطل مصالح الناس معللتك فى ذلك بأنك تتظاهر من أجل مصلحة الوطن!! والطالب يترك محاضراته وإستذكار دروسه الذى سيقوده إلى النجاح والتفوق فى زمن لا يقبل بالكسالى ومدعي العلم، مستخدماً نفس أسباب من تباروا فى الالتفاف حوله من فئات الشعب بالمظاهرة .. لا أنكر أن وطننا يئن بالفساد والطغيان، ولكن الفساد نفسه صورة مكبرة لطالب فاشل ومدرس وطبيب وموظف لا يدركون معنى الاّية الكريمة .. بسم الله الرحمن الرحيم .. إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .. صدق الله العظيم .. إن مصائر الأوطان والشعوب لا تقررها رؤوس تتحكم فيها الغطرسة والنفاق أو تسيطر عليها الأهواء والنزوات والتنظير .. والصراع على نيل وسام الوطنية الزائفة .. إن المواطن الحق هو الذي يصنع وطنه ويحرص على حماية كل حجر فيه يؤسسه ويساهم فى إرساء ثوابته ويبني بعلمه أجيالاً قادرة على النهوض بالوطن وتحقيق الانتماء الفعلي .. المواطن الحق هو من يصارع الفساد بالأفعال لا بالشعارات .. يصارعه بالتواجد الملموس .. يبحث بنفسه عن أسباب النجاح ويحققه .. ينمي العقول المغيبة ويفتح لهم طاقة من الأمل بالغد لا بنشر اليأس ولا يبث الإحباط بين محيطيه .. يفتح للآخرين مجالات للعلم والعمل بدلاً من أن يبدد دماء وأموال ومرافق البلد الذى نُكب بكونه أحد أبناءه. فبنظرة بسيطة للشريحة التى تتظاهر من أجل مصلحة الوطن ستجدهم يتدرجون بين الصحفي الخائب والمدرس الأمي والطبيب الفاشل والنائب العبيط والحرفي الجاهل والتاجر اللص والطالب الكسول .. فهؤلاء هم الذين لا يعجبهم الحال في مصرهم! أما الناس الذين مازالوا يتقون الله في أعمالهم وفي ضمائرهم وفي لقمة العيش التي يتيحها لهم هذا الوطن - وهؤلاء الناس قليلون للغاية - فمعظمهم لا يشارك في العمل العام، لسبب بسيط أنهم يفنون أعمارهم فى التضحيه والجد من أجل رفعة هذا الوطن. يدركون قيمة العمل ويحققون معنى الانتماء الحقيقي الذين يتغنون به سماسرة الوطنية ومنظري المظاهرات. ذكرتنى الأحداث التى نمر بها اليوم بما حدث في عام 2005، حين تمخضت الديمقراطية المزعومة لتلد تعديلات دستورية، فتشهد مصر بلدنا وقتها حالة من الحراك السياسي والمظاهرات وبزوغ نجم الحركات السياسية ككفاية وغيرها .. فتعم المظاهرات والاحتجاجات أرض مصر منددة بالتعديلات الدستورية، وكثر النشطاء السياسيون الذين مارسوا الدعارة السياسية بعد انتهاء هوجة المظاهرات وتبني حكومة الحزب الوطني لبعضهم، حتى فقدت القوى والأحزاب السياسية زخمها وتدافعها تدريجياً .. وضاعت مصلحة الوطن وسقطت الشعارات خلف متاجرى الوطنية!! والله لا أقلل بكلماتي تلك من قيمة المتظاهرين وأصحاب الاحتجاجات فلكلٍ منهم معللته .. ولكنى أنحاز وبشدة لتظاهرات العمال لا النشطاء السياسين .. فمن وجهة نظري أنهم الأحق بذلك لأنهم إذا قاموا بأى شكل تظاهرى أو احتجاجي فأنهم يقومون من منطلق لقمة عيشهم التى تعينهم على تدبير أمور حياتهم فى ظل رواتب ضعيفة يقابلها زيادة رهيبة فى الأسعار. أما عن نشطائنا السياسيين فهم ينطلقون من خلفية توجهاتهم السياسية والفكرية المختلفة ليبراليين كانوا أو يساريين أو إسلامين، كلٍ يرفع شعاراته ويدافع عن ذاتيته الفكرية .. ويتوه وسطهم البسطاء .. أصحاب الحقوق فتميع القضية وتصبح مجرد مظهر اعتيادى تعودت عليه حكومتنا الفاسدة .. بل وأتقنت كيفية إخماده، وجعله مجرد ضجيج محكوم بالسيطرة عليه من قبل نظام بوليسي يكمم كل تلك الأفواه. لذا فالنظام المصري بريء من كل الاتهامات الموجهه إليه فهو مجرد نظام عشوائي نجح في احتواء الناس والغالبية العظمى منهم يشاركون النظام المصري بلادته وتخلفه وتردده وضعفه وجبنه وأكاذيبه وفساده وظلمه واستبداده .. فإن كان النظام المصري يمارس ضد الناس كل ألوان الظلم والاستبداد لكن غالبية المصريين يدمنون أيضا نفس الظلم .. ونفس الاستبداد ضد بعضهم البعض .. فى رأيي الكثير من المصريين تنتابهم هواجس وأفاعيل فرعون فى أماكنهم ومناصبهم. إبدأ بنفسك وانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى .. بالعلم منك وينفع التعليم. وباختصار شديد ما أردته من فكرة تلك المقال هو أننا نحن الذين نصنع طغاتنا، ونحن ملوثون بقدر ما نتهم به الطغاة من تلوث، ونحن ظالمون بقدر الحيف الذي نسببه لأنفسنا، فإذا راودنا الشك بعد كل هذا في مسؤوليتنا عما نحن فيه فذلك ليس إلا دليلاً على استحقاقناً لمصيرناً الذي نشكو منه، وإن وجود الطغاة بيننا هو صورتنا الحقيقية التي لا تتم إلا بوجودهإ، إذا أردنا أن نتحرر من الطغاة فيجب أن نتغير لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. و حتى تتم عملية التغيير الشاملة في القاعدة فتلك عملية معقدة طويلة النفس، وأرى من وجهة نظري المحدودة أن العمل ضد الطغيان نشاط بشري شامل يبدأ من كل الجوانب والأطراف في آن واحد، والتمرد على الطغيان بصورة صحيحة وأكرر بصورة فعلية جزء لا يتجزأ من عملية التعود على الشجاعة والحكمة ومراجعة الذات اللى للاسف افتقدنا أغلبها، فالتغيير لن يحصل بشكل سهام متباعدة متفاوتة وإنما يحصل بشكل قوس مفتوح مترابط، وبقدر ما يكون هذا التغيير عاماً وشاملاً ومدركاً لقيمة العلم والعمل يكون حقيقياً وفعالاً. الشخص هو وحدة الإنجاز .. جزيء يشكل مادة هذا المجتمع. والفرد بنجاحه وعلمه وعمله هو المعيار الحقيقي لنجاح المجتمع. وما المجتمعات إلا عبارة عن مجموعة من الأشخاص والنجاح الفردي الذى نقلل من قيمة وجوده هو نواه لنجاح باقى أفراد المجتمع، وقد وضحت أن التغيير الذى ننشده تحن ونطالب به لن يحصل بشكل سهام متباعدة متفاوتة وإنما يحصل بشكل قوس مفتوح مترابط وبقدر ما يكون هذا التغيير عاماً وشاملاً ومدركاً لقيمة العلم والعمل يكون حقيقياً وفعالاً ...فأنا من أشد معارضي وجود هذا الفساد والوجود المتنامي للطغاة ببلدنا، ولكنى أريد أن أجد سبيلاً أخراً للصلاح والقوة والتلاحم الشعبي لا بالمظاهرات التى أتقنت حكومتنا التعامل معها وأحكمت السيطرة على ردود أفعال أفرادها .. للأسف نحن مفلسون على كل صعيد تقريبا من السياسة إلى العلم مرورا بالمجتمع والاقتصاد والفكر، للأسف بسبب ضآلة عقلنا يبدو لى أن هذا الإفلاس بلا حدود ليعجز عقلنا اليوم عن إدراك ما يعرفه الناس ويمارسونه في كل مكان تقريبا .. وأكثر ما يبكى هذا العجز هو مسألة الانتماء الذي أخذ يضيق على نحو يهدد المجتمع الذي يفترض أن يجمعنا فتتلاشى فكرة الوطن الذي ينبغي أن يكون هو المناط النهائي لانتماء كل منا. ولمن أراد أن يتعلم معنى الوطنية فليقرأ إن شاء تاريخ ونضال هذا القائد العظيم، مصطفي كامل الذى كان كسائر شباب عصره يعيش مبلبل الفكر نتيجة ضربات الاستعمار والتفكير المستمر في كيفية رسم سياسة الكفاح في سبيل الجلاء ودحض سياسة الإنجليز بالحجة الوطنية لا علي أساس صليل السيوف والهتافات والمظاهرات والتنظير وإنما انطلاقاً من التمسك بالحقوق المشروعة للأمة، وكانت أسلحة دفاعه القوية مستمدة من القلم واللسان ودراسة القانون في فرنسا وصولاً إلي خطة إعلامية في مصر والخارج لصالح قضية البلاد وإبراز مظالم الاستعماروالارتقاء بالتعليم وأحوال الفلاح المصري الكادح، والعمل على نشر التعليم في أنحاء الديار علي أساس وطني صحيح بحيث ينال الفقراء النصيب الأكبر منه، ومحاربة الخزعبلات ونشر المبادئ الدينية السليمة الداعية للرقي، وحث الأغنياء القادرين علي بذل كل المساعدات لنشر التعليم، وتأسيس الكليات في البلاد، وإرسال الإرساليات لأوروبا، وفتح المدارس الليلية للصناع والعمالة وترقية الزراعة والصناعة والتجارة وكل فروع الحياة، والعمل والجد وراء نيل الأمة استقلالها العلمي والاقتصادي، وضع خطوط كثيرة تحت تلك النقطة .. و مساعدة كل مشروع يعود علي القطر بالنجاح والاجتهاد في تحسين الأحوال الصحية حتي يزداد عدد السكان فتزداد الأمة قوة علي قوتها .. هذا هو مصطفى كامل الذى حمل هموم مصر وعمره 21 عاماً.. ومات في الثانية والثلاثين. كلنا ضد هذا الفساد والطغيان ومع سقوط هذا النطام المتعفن، ولكنى توجهت بفكرى نحو معنى آخر للوطنية أؤمن به وأسعى لتحقيقه، وهو كما أوضحت اّعلاه إحتياجنا وبشدة لوجود جيل متفوق يؤمن بقيمة العلم والعمل يستطيع بعلمه وعمله مواجهة الطغيان بل والتغلب عليه .. الجهاد هو الفاعلية .. تحقيق الانتماء.. نحن شعوب تناضل بالصورة فقط وحينما نواجه بالحقيقة نعتبرها خيانه وتخاذل.