قال تعالى: تسبح له السموات السبع.. إلخ الإسراء 44 وكلمة تسبح.. كلمة مصرية قديمة معناها تضرع.. صلاة.. توسل «قاموس برج/ 658، وكان المصريون القدماء يرون أن الموسيقى البشرية، ما هى إلا نموذج أرضى للانسجام العلوى للأفلاك السماوية، والإمام الغزالى تكلم كثيراً عن الموسيقى فى كتابه: آداب السماع والوجد، وفيه: من لم تحركه الموسيقى فهو ناقص، بعيد عن الروحانية، ورابعة العدوية كانت عازفة على الناى، وكانت الموسيقى عند الأجداد من أركان الديانة «د. الحفنى». أخذ اليهود عن مصر الموسيقى.. فنجد مزامير داوود النبى، كما كان يعزف على المزمار والعود والقيثار. أما الجزيرة العربية فقد كانت أحد روافد معرفتها بالموسيقى المصرية، عن طريق اليهود، فقد كانت المدينة معقلا لليهود، يقول السهيلى فى «الروض الآنف»: غير أنه وجد فى الأوس والخزرج من قد تهود، ومن الخزرج كان بنو النجار، وهم ممن تهود من العرب، وبعد الإسلام سمى الأوس والخزرج جميعا: الأنصار. فتيات من بنى النجار استقبلن الرسول عليه الصلاة والسلام بالدفوف وينشدن: نحن جوارٍ من بنى النجار.. إلخ، وأول غناء تغنت به النساء فى المدينة عند قدوم الرسول هو: طلع البدر علينا، وحين دخل أبوبكر الصديق على جاريتين تغنيان بالدفوف، أراد إسكاتهما، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام، دعهما يا أبا بكر وليعلم اليهود أن فى ديننا فسحة، وقوله لعائشة: ألا بعثت يا عائشة معهما «عروس وعريس» من يغنى؟.. فالأنصار قوم يحبون الغناء. كانت سيرين «أخت ماريا القبطية» تضرب على العود للشاعر حسان بن ثابت، كما تتلمذت على يديها عزة الميلاء.. الأستاذة الأولى لمدرسة الغناء فى مكة، كما كانت سكينة بنت الحسين ترتاح لسماع الغناء، ويجتمع لديها المغنون، وتعطى إذنا عاما للناس بدخول بيتها «القبائل العربية فى مصر د. البرى 93»، كما سمح على بن أبى طالب بتدريس الغناء «المصريون القدماء أول الحنفاء 256»، والذى وضع أسس الإنشاد الإسلامى هو الإمام الليثى المصرى 93 ه وهو من طوخ قليوبية، كذلك ذو النون المصرى أول من أنشد شعر الحب الإلهى، كذلك ابن الفارض المصرى سلطان العاشقين..! كان ارتباط الموسيقى والغناء بالدين عميقا وقديما.. لذا عُرف محترفو هذا الفن ب«المشايخ»! كالشيخ سلامة حجازى، الشيخ المنيلاوى، الشيخ سيد درويش، الشيخ زكريا أحمد، الشيخ سيد مكاوى..إلخ نجد فى تفسير ابن كثير 4/434.. الأحاديث الدالة على استحباب الترتيل.. فمن الأحاديث الشريفة: «زينوا القرآن بأصواتكم، ليس منا من لم يتغن بالقرآن.. إلخ»، لذا لم يكن غريبا أن نجد أحد أهم واضعى علم القراءات.. مصرياً قبطياً.. ذلكم هو ورش.. الذى حدد لنا وحتى اليوم الطريقة الصحيحة لأداء القرآن! حتى إن المغرب أخذت عن تلميذ ورش أبى يعقوب الأزرق، كما أخذت الأندلس عن تلميذه.. عبدالصمد بن القاسم المصرى. تقول د. نعمات أحمد فؤاد: موسقت «من الموسيقى» مصر الدين بطبعها الفنان.. تعانق الإسلام والمسيحية حتى فى علوم اللغة والدين. لم تقتصر مصر على موسقة القرآن الكريم والإنشاد الدينى.. بل نجد ذلك أيضاً فى الأذان، كان المؤذن فى مصر القديمة يؤدى ال«أدان» من مكان مرتفع.. واضعا يده اليمنى على أذنه «صورة جدارية من سقارة»، وكان النداء يتكرر خمس مرات فى صلوات أجدادنا الخمس، وفى كل مرة، يكرر المؤذن النداء أربع مرات ليبلغ آفاق الوجود الأربعة، وفى اللغة المصرية القديمة كلمة «حى».. معناها قم.. انهض أى قم وانهض للصلاة «د. نديم عبدالشافى السيار.. المصريون القدماء ص 381» عن والاس بدج an egyptian hiero glyphic dictionary wallis budge p468 وقد يعجب البعض ممن لا يعرفون أن مصر القديمة كان بها دين سماوى لذا عليهم أن يعرفوا أن إدريس كان نبيا مصريا: «واذكر فى الكتاب إدريس أنه كان صديقا نبيا» «مريم 56». كما أن الخضر ولقمان كانا مصريين، كذلك: «ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا «النحل 36»، وكم أرسلنا من نبى فى الأولين «الزخرف 6»، «ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك» غافر «78» علينا نحن الأحفاد أن نفخر بهؤلاء الأجداد العظماء.. كان العلم والإيمان شعارهم.. أناروا العالم فاستحقوا أن يكونوا بحق فجر الضمير. [email protected]