هل تُطبق البصمة على طلاب الأزهر؟. رئيس الجامعة يحسم الجدل    جامعة بنها الأهلية تشارك في مؤتمر الجامعات الرقمية في العالم العربي بعمان    القليوبية ترفع درجة الاستعداد لانطلاق العام الدراسي الجديد    خريطة الأسعار اليوم: ارتفاع الزيت والأسمنت والذهب    التعليم العالي: مصر وألمانيا تطلقان مشروعا مشتركا لتعزيز سلامة الغذاء والصادرات    قرض ومنحة ب60 مليون يورو.. قرار جمهوري بشأن مركز التحكم الإقليمي بالإسكندرية    إطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالوادي الجديد برعاية المحافظ    جاهزية 75 قطعة أرض بمشروع «بيت وطن» لتوصيل الكهرباء في القاهرة الجديدة    بولندا: صاروخ أطلق من طائرة مقاتلة غربية هو الذي سقط على الأرجح على منزل أثناء التوغل الروسي    سوريا.. قوات الأمن تحرر مختطفين من السويداء    اتصال بين وزير الخارجية والمبعوث الأمريكى الخاص للشرق الأوسط    مصر ل"ويتكوف": الفلسطينيون باقون على أرضهم.. ولا تهجير    لويس دياز عن مفاوضات برشلونة: فضلت الانتقال لبايرن لتحقيق البطولات    ميسي يقترب من توقيع عقد جديد مع إنتر ميامي    فيريرا يطيح ب شيكو بانزا أمام الإسماعيلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    إصابة 4 أشخاص إثر انقلاب سيارة في الوادي الجديد    رسميًا.. توزيع درجات الثانوية العامة والبكالوريا للعام الدراسي الجديد    الإعلان عن موعد عرض أولى حلقتي مسلسل ولد – بنت – شايب على WATCH IT (فيديو)    "يارب أسعد حبيبي".. مريم منيب تطلب من جمهورها الدعاء لخطيبها الراحل    الاثنين.. استراحة معرفة- دبي تناقش رواية «سنة القطط السمان» لعبد الوهاب الحمادي    الصحة: المبادرة الرئاسية «صحتك سعادة» تواصل تقديم خدماتها المتكاملة في مكافحة الإدمان    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات الخميس    نائب وزير الصحة تشهد إطلاق ورشة عمل للإعلاميين حول الصحة الإنجابية والتنمية السكانية    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    سكاي: مورينيو يوافق على تدريب بنفيكا    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    تزامنًا مع عودة المدارس.. «الطفولة والأمومة» يطلق حملة توعوية لحماية الأطفال من العنف والإساءة    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    الأولى من نوعها.. مصر وإسبانيا توقّعان اتفاقية الشراكة من أجل التنمية 2025-2030    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.حازم الببلاوى: الفريق سامى عنان طلب منى تشكيل الحكومة ورفضت (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 02 - 2012

قال الدكتور حازم الببلاوى الخبير الاقتصادى، وزير المالية السابق، إن الوضع الاقتصادى فى مصر ساء لأسباب لا علاقة لها بالاقتصاد، وإنما بسبب غياب الأمن، وعدم وضوح الرؤية السياسية، فالبلد به كل المقومات الاقتصادية التى تدعو للنجاح، ولكنه ماليا مختنق. وأوضح أن قرض صندوق النقد الدولى الذى تفاوض عليه فى واشنطن لحل أزمة السيولة، لم يكن يتضمن أى شروط، وأن المشير هو الذى رفض التصديق عليه، كما أكد فى حواره مع «المصرى اليوم» رفضه تشكيل الحكومة بعد استقالة حكومة الدكتور عصام شرف، لأنه كان يحث الحكومة على الاستقالة، وخشى من القول بأنه يفعل ذلك ليشكل هو حكومة يتولى رئاستها.. وتفاصيل أخرى كثيرة عن كواليس ماض قريب وحاضر يثير الكثير من علامات الاستفهام حول أوضاعنا الاقتصادية.. وإلى نص الحوار:
■ نبدأ من المشهد الأخير لك فى الوزارة وكيف استقالت الحكومة، ماذا حدث خلف الكواليس؟
- ما حدث فى محمد محمود وضع الناس فى حالة ثورة عارمة ذات مطلب واحد، هو إسقاط حكومة شرف، ومنذ أحداث ماسبيرو، كان رأيى أن الحكومة هى المسؤولة، حتى وإن لم تخطئ، وعليها أن تقدم استقالتها كنوع من الاعتذار للناس، وكنت من أكثر الدافعين للحكومة ولرئيس الوزراء لتقديم الاستقالة.
■ هل تعتقد أن أحداث محمد محمود وبعدها مجلس الوزراء كانت منهجية؟
- لا أستطيع القول إنها كانت مقصودة أو منهجية، لكنى أيضا لا أستطيع أن أفهم أن يتكرر الخطأ نفسه مرة واثنتين وثلاثاً، وشعرت أن ما حدث فى ماسبيرو، كان إخلالا شديدا بالأمن وأن الحكومة، حتى لو لم ترتكب خطأ، يجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها وتعتذر، لأن مهمة الدولة الأولى هى الحفاظ على حياة الناس وحقوقهم، فإذا حدث إخلال بهذا فإنها تعتبر أخلت بواجباتها، حتى ولو لم يقع الخطأ منها، ومن واجبها أن تعتذر وتقدم استقالتها. وأعلنت هذا الموقف فى مجلس الوزراء، وأيده الأغلبية فى المجلس حينها، بمن فيهم رئيس الوزراء. ثم بدأت آراء أخرى فى الظهور ترفض هذا الرأى بدعوى أن المسؤولية الوطنية تتطلب الصمود مما جعل البعض يغير رأيه، حتى صارت أغلبية المجلس، معارضة للاستقالة، فاحترمت وجهة نظرهم وأعلنت استقالتى منفردا. وذهبت بعد ذلك إلى منزلى وأغلقت تليفوناتى حتى اتصلوا بزوجتى وطلبوا منها أن تبلغنى أن المجلس العسكرى يبحث عنى، ثم اتصل بى المشير وطلب مقابلتى، وتحدث معى عن الثقة فىّ، وحاجة البلد لى، رافضا قبول الاستقالة. وقتها قلت إننى رجل ملتزم، وإن الموظف لا تنتهى مهمته بتقديم الاستقالة، وإنما بقبولها فإذا رفضت استمر فى عمله.
■ لكن كان من الممكن أن تصر عليها؟
- نعم ولكنى كنت فى حيرة شديدة، فقد خشيت إذا استقلت لسبب سياسى، أن يدفع الاقتصاد الثمن، لأن كل وكالات الأنباء تداولت الخبر على أن الببلاوى استقال بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، وليس لرغبته فى الاعتذار للناس عن أحداث ماسبيرو.
■ هل علم الدكتور شرف بقرار فض مظاهرات محمد محمود بالقوة أم أنه لم يكن يعلم كما قال الدكتور السلمى؟
- كلا، لم يكن يعلم وأغضبه الأمر كثيرا.
■ وهل قبل المجلس العسكرى استقالة حكومة شرف بسهولة؟
- لا، ولولا الضغط لما قبل الاستقالة وربما كانت الحكومة ستستمر، فقد حاول المجلس كثيرا إثناءه عنها.
■ هل تعتقد أنه تم التغرير بك لتعود للحكومة بعد أحداث ماسبيرو فيتم تغييرك فى الحكومة اللاحقة؟
- لا أعتقد ذلك، والدليل أنه بعد استقالة حكومة الدكتور عصام شرف وقبل تكليف الدكتور الجنزورى اتصل بى الفريق سامى عنان، لأتولى أنا رئاسة الحكومة، وأشكل الوزارة الجديدة ولكننى اعتذرت.
■ ولماذا اعتذرت؟
- قلت لهم إن البلد ثائر، وله مطلب واحد هو تغيير حكومة شرف، فلا يعقل أن يكون الحل أن يأتوا بشخص من حكومته، ليحل محله. كذلك كان هناك سبب آخر نفسى، لأننى فى النهاية من كان يدفع رئيس الوزراء للاستقالة، فخشيت أن يقول أحد زملائى إننى كنت أدفع الحكومة للاستقالة لأتولى أنا رئاستها.
■ وما رأيك فى الدكتور عصام شرف؟
- رجل دمث الخلق، ولا أعتقد أن مشكلته كانت فى غياب الصلاحيات، وإنما الأمور كانت تتطلب منه أحيانا حسما، وقيادة أكثر مما كان يجرى، وهو كان ديمقراطيا جدا، ولديه قدرة على الاستماع لنقاشات طويلة داخل المجلس، و«عمره ما قاطع شخص فى كلامه»، ولكن الديمقراطية لا تمنع القيادة.
■ كيف تقيم الوضع الاقتصادى من واقع الملفات التى وضعت أمامك كوزير للمالية؟
- أنا مازلت عند رأيى بأن الوضع الاقتصادى، ساء فى مصر لأسباب لا علاقة لها بالاقتصاد وإنما بسبب غياب الأمن، ولعدم وضوح الرؤية السياسية، فالبلد به كل المقومات الاقتصادية التى كانت موجودة من قبل، وتدعو للنجاح، ولكنه ماليا مختنق، فهناك ما يسمى بالاقتصاد العينى، والمقصود به القوى العاملة، والمواد الخام والمصانع، وهذا تأثر ولكن ليس بشكل كبير، ولكن ما تأثر كان الاقتصاد المالى الذى يحرك الاقتصاد العينى، بسبب نقص السياحة والاستثمارات، فالبلد لديه مشكلة تمويل تماما مثل المصنع الذى تتوافر فيه الماكينات والعمال والخبرة، ولكن فى حالة عدم وجود سيولة سيتوقف المصنع. لدينا مصانع ذات كفاءة عالية لكن لا توجد لديها سيولة وعليها ديون للبنوك لا تستطيع تسديدها وبالتالى أصبح للبنوك ديون متعثرة.. وللعلم هكذا تفلس معظم شركات العالم لأنها اختنقت من انعدام السيولة.
■ وما الذى تسبب فى نقص السيولة؟
- أولا توقف الأموال التى كانت تأتى، فحتى العام السابق للثورة كانت تأتى لمصر 8.5 مليار استثمارات، وفى عام الثورة لم تزد عن 400 مليون دولار كاستثمارات مباشرة، بينما خرج من البلد ما لا يقل عن 1.5 مليار. البورصة كان بها حوالى 40% من الأجانب وخرج عدد كبير منهم، فضلا عن نقص فى السياحة لا يقل عن 6 مليارات فى المقابل، وللإنصاف زادت الصادرات وازدادت تحويلات العاملين بالخارج، وتحسن دخل قناة السويس ولكنها لم تغط الفجوة، الجزء الآخر من نقص السيولة يكمن فى الموازنة التى يزداد العجز بها بسبب زيادة النفقات، وتحسين الأحوال المعيشية، والاستجابة للعديد من المطالبات وزيادة المعاشات لبعض الفئات والعلاوات والبدلات، وكلها أعباء جعلت العجز يزيد.
وفور أن توليت الوزارة قررت أن أعرف ما هى المشكلة حتى أحدد أهدافى، فدرست وثيقتى الميزانية وميزان المدفوعات، ووجدت أن الميزانية بها معالم غريبة، فالعجز حوالى 27% وهذا يعنى أن كل جنيه تدفعه الحكومة تقترض ربعه من البنوك أو البنك المركزى، وليس لديها موارد. وبالميزانية بندان قيمتهما سويا 55% أى أكثر من نصف الميزانية، وهما بند الدعم الذى يصل إلى 33% سواء دعم المواد الغذائية أو البترول، وهو الأخطر، والبند الثانى بقيمة 22% لخدمة الدين ودفع فوائد عجز الميزانية، وهذا يعنى أن أكثر من نصف الميزانية ليس تحت تصرف وزير المالية، ومطلوب منه أن ينفق على أداء الخدمات من تعليم وصحة وأمن ودفاع من ال45% المتبقية.
■ وأين تكمن بالضبط خطورة ازدياد العجز؟
- رغم أن العجز الإجمالى قيمته 144 مليار دولار إلا أن عجز هذا العام وحده وصل إلى 28 ملياراً، وباقى المبلغ حوالى 106 مليارات فوائد الأعوام الماضية، والعجز خطورته ليست فقط فى عام واحد وإنما لكونه ينتقل من عام الى آخر بل يزيد، وكلما زاد، تزيد فوائده حتى تصبح الدولة عاجزة عن السداد.
■ وماذا عن ميزان المدفوعات؟
- مصر كان لديها قبل الثورة 36 مليار دولار احتياطى نقدى، وهو رقم ضخم، إضافة إلى وجود احتياطى آخر تحت بند شريحة ضمان ثانية، يبلغ حوالى 7 مليارات دولار، أى أن مصر كانت تملك احتياطياً نقدياً حوالى 43 مليار دولار، عندما تركت الحكومة منذ شهر ونصف تقريبا، وكنا نزلنا إلى 18 مليار دولار أى نفقد ما يقرب من مليار ونصف شهريا.
■ وهل هذا مفزع؟
- نعم مفزع بكل تأكيد، لأنه يجعل نظرة الغرب إلى الاقتصاد المصرى سيئة ويخيف المستثمرين من القدوم ويجعل الاقتراض من الخارج بفوائد أعلى، لذلك عندما تقترض الحكومة فهذا لا يعنى أن الأمر قرض وسيسدد والموضوع انتهى، وإنما يكون له تأثير على الاقتصاد لأن كل شهر تزيد الفوائد على الدين، فعندما دخلت الوزارة كانت الفائدة أقل من 13% ووصلت عندى خروجى إلى ما يقرب من 16%. ليس هذا فقط وإنما ما نقترضه هو الأموال السائلة لدى البنوك، فقد كانت سيولة البنوك قبل الثورة 100 مليار دولار، وصلت الآن إلى نصف مليار دولار، وهذا يعنى أن ما تأخذه الحكومة من البنوك لا يرفع فقط سعر الفائدة على الدولة وبالتالى على المستثمرين، وإنما أيضا يحرم القطاع الخاص من الاقتراض، لأن البنوك تجد أنه من الأسهل لها إقراض الحكومة لسهولة الإجراءات ولأن الحكومة مضمونة، مما يحرم القطاع الخاص وبالتالى يؤثر على الاقتصاد ككل.
■ هل لديك تفسير لامتناع العرب عن تقديم مساعدات لنا؟
- ليس لدى معلومات، وإنما تخمين بأنه تخوف بسبب الرؤية غير الواضحة فى مصر، سواء ما يتعلق بالشكل السياسى أو الاقتصادى فى المرحلة المقبلة، فضلا عن استمرار غياب الأمن. كذلك هناك هاجس حول مدى ترحيب الأوضاع الجديدة بالاستثمار الخاص فضلا عن مسألة إعادة النظر فى مشروعات كانت تمت خصخصتها وبيعها لأطراف جديدة منذ 10 أو 15 سنة، ثم تأتى الآن لتقولى إن العقد باطل! كل ذلك يخيف الاستثمار الخاص لأن العدو الأول للاستثمار عدم اليقين، والنتيجة النهائية هى التروى والانتظار إلى حين اتضاح الأمور سياسيا.
■ هل تعتقد أن بعض الدول العربية تعاقب مصر على محاكمة «مبارك»؟
- لم أسمع من أى مسؤول عربى هذا الحديث ولكننى لاحظت أن الكثير من الدول العربية قدمت وعودا ومقترحات للمساعدة بينما كانت الكويت هى الوحيدة التى لم تقدم شئياً رغم أنى فاتحت وزير المالية الكويتى فى واشنطن ووعد بالمساعدة، ربما كان هناك رابط بين امتناعهم وقيامهم بإرسال محامين للدفاع عن مبارك، لكن مجددا ليس لدى معلومات.
وطبعا حصلنا على نصف مليار من السعودية، ومثله من قطر كمنح، بينما لم تتحقق باقى الحزم، كما وعدت الإمارات مراراً دون تنفيذ وكان آخر وعد بحزمة من المنح والقروض ذات الشروط الجيدة، لكن أيضا لم يتحقق.
■ ماذا عن الشق الغربى المتمثل فى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى؟
- خلال اجتماعات قمة دوفيل ذكروا أن 3 مليارات دولار تم تخصيصها لدول الربيع العربى، لكن حقيقة الأمر أن هذه الأموال جزء من برامج المؤسسات التمويل الدولية كالبنك الأوروبى للإعمار والتنمية أو صندوق النقد، حيث تم بحث خطط هذه المؤسسات بشأن المنطقة، التى ازداد الاهتمام بها، لكن لا توجد أى مساعدات مالية، وحين اجتمعت بمسؤولى البنك الدولى وصندوق النقد فى واشنطن كان هناك استعداد ومشاريع اتفاقيات، لكن لم يتم التصديق عليها من قبل رئيس المجلس العسكرى.
■ لماذا؟
- لأن هناك انطباعاً عاماً عند البعض بأن القروض عبء على الأجيال القادمة، لكنى أعتقد أن ذلك تخوف مبالغ فيه، ويضيع على مصر فرصاً مهمة، فأنا لا تهمنى مشروعات البنك الدولى فى هذه المرحلة، لأن المشروعات بطبيعتها تحتاج إلى وقت، لكن الأهم فى نظرى هو الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، لأنه سيوفر سيولة نقدية، وكان تم الاتفاق على إقراض مصر 3.2 مليار دولار، لكن المجلس العسكرى رفض، على أساس أن صندوق النقد الدولى يتدخل فى سياسات الدول، فضلا عن الانطباعات القديمة بأنه «صندوق النكد»، أننا لا نقبل شروطا علينا رغم أنه فى الحقيقة لم تكن هناك شروط.
■ كيف ذلك وقد تم الإعلان مؤخرا عن وجود 11 شرطاً فى اتفاقية القرض التى رفضت؟
- لا توجد شروط بمعنى التدخل، لكن حين تقرضك أى جهة، من الطبيعى أن تسأل ما هى خططك الاقتصادية القادمة، لأنها لا تريد إقراضك، وتظل الأمور على ما هى عليه، فلا تستطيع رد القرض، أو الاستفادة منه، وبالتالى هناك فرق بين أن تكون ملزما بشروط معينة كى تقرضك هذه الجهة، وأن تستفسر منك عما تنوى فعله قبل أن تقرضك، وحين تشرح خططك تتم الموافقة، ويتم الاتفاق على كل البرامج، وما قيل ليس شروط صندوق النقد إنما هو البرنامج الإصلاحى، الذى تقدمت به مصر، وقد تم هذا الاتفاق قبل أن أتولى الوزارة والاتفاق لم يكن به أى شروط.
■ ما أهم ملامح البرنامج الذى تقدمت به مصر؟
- إصلاحات فى بعض السياسات المالية وفرض ضريبة على السجائر، والتفكير فى تحويل ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة بعد عامين، فضلا عن إصلاحات فى عجز الميزانية وتنظيم الحسابات المالية بحيث تكون هناك رقابة أكثر، وجميعها إصلاحات مطلوبة فى جميع الأحوال.
■ وما تعليقك على تصريحات «الجنزورى» فى هذا الشأن وما المقصود من استعداء المؤسسات الدولية مادامت مستعدة للمساعدة وبلا شروط؟
- ربما لديه معلومات ليست متوافرة لى، لكن ما أعلمه أننا لم نصدق على اتفاقية القرض، ولم يكن به شروط.
■ البعض يربط ما بين رفض الاقتراض الخارجى والحملة على المنظمات الحقوقية من جهة وتصريحات الولايات المتحدة حول تعليق المعونة العسكرية من جهة أخرى ، فما رأيك؟
- حديث غير منطقى، فأنا أفهم أنه من الممكن أن تضغط الولايات المتحدة باستغلال المعونة العسكرية فيتم الرد عليها باقتحام المنظمات الحقوقية، لكن أن تحرم نفسك من الحصول على السيولة، وتتسبب فى ضعف قدرتك على استيراد المواد الأساسية، وزعزعة استقرار الشارع من سيكون المتضرر فى هذه الحالة؟ أنا أعتقد أن هذا الرفض سيؤدى إلى أن ارتفاع الأسعار، واختفاء بعض السلع، بينما من مصلحة المجلس العسكرى أن يترك الحكم، والناس تحمل له ذكرى طيبة، بدلا من أن تلعنه لأنه تسبب فى تأزم الأوضاع، وأن الناس مش لاقيه تاكل.
■ مع المشكلات التى ذكرتها هل وضعت خطة لتحسين الاقتصاد أم تعاملت بمنطق تسيير الأعمال؟
- لا، لم أقدم خططا مستقبلية، لأننى كنت أعلم من اللحظة الأولى أنها وزارة إطفاء حرائق، ولهذا السبب قبلتها. فأنا لدى تصور عن شكل مصر فى الخمسين عاما المقبلة، ونشرته من قبل، لكنى أعتبر أنه من الظلم للناس أن أفرضه عليهم، لأنه من المفروض أن يعرض على مجلس منتخب ليناقشها قبل تنفيذها. فأنا كان لدى إحساس بأننا فى حكومة انتقالية ليس عليها أن تضع رؤية مصر بعد عشرين عاماً، لأن ذلك يعتبر جورا على حق المؤسسات الشرعية الجديدة، فيما أن وظيفة الحكومة أن تسلم البلد نظيفاً وصالحاً وليس محروقاً.
■ وماذا كانت أولوياتك؟
- وضعت لنفسى 3 أهداف فى 6 شهور.. الأول: أن نجذب موارد من الخارج لدعم الميزانية سواء من الدول العربية أو مؤسسات التمويل لإنعاش الاقتصاد من الضغط الشديد عليه. ثانيا: معالجة المرض الأساسى الكامن فى الميزانية ألا وهو الدعم، بشكل يقبله الناس فى البداية، فقررت رفع الدعم عن الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، وبيع سلعها فى السوق بالسعر العالمى مثل الحديد والسيراميك والأسمنت، وثالثا: وضع حد أقصى للأجور ليس لأنه سيوفر أموالاً، لأن ما سيوفره لن يكون كثيرا، لكن لأننى أطلب من الناس التضحية، ونحن مقبلون على مرحلة صعبة فلا يصح أن أطلب منهم التضحية، بينما هم يسمعون عن آخرين يحصلون على رواتب خرافية. ووضعت القانون ونفذه «الجنزورى» بعد تركى الوزارة كما هو باستثناء أننى وضعت الحد الأقصى 35 مرة من الحد الأدنى وهو وضعه 36 مرة.
■ هل أنت مع الرأى القائل بأن الاعتصامات المستمرة أضرت بالاقتصاد؟
- نعم فقد زادت الأعباء على الميزانية نتيجة زيادة الرواتب والعلاوات والمعاشات استجابة لهذه الاعتصامات، كما ذكرت، إضافة إلى توقف بعض المصانع عن العمل، لكن لا داعى للمبالغة لأنها تضعف الاقتصاد ولا تخربه بالكامل.
■ ما تكلفة هذه الزيادات منذ الثورة وحتى الآن؟
- تم رفع نسبة الحد الأدنى من الأجور للعاملين بالباب الأول بتكلفة حوالى 9 مليارات جنيه، واعتماد علاوات خاصة للعاملين بنسبة 15% بتكلفة 3 مليارات جنيه، فضلا عن اعتمادات للجامعات بحوالى 1.2 مليار، وتحسين دخول الأطباء بتكلفة نصف مليار جنيه، وتكاليف رفع حوافز رجال الشرطة 0.7 مليار وزيادة المعاشات ب3.5 مليار، وفروق معاشات 2.7 مليار.. إلخ، لا نستطيع أن نقول إن كل ذلك لم يزد الأعباء.
■ قيام المجلس العسكرى بتقديم مليار دولار لدعم البنك المركزى أثار التساؤل عن كم ما يملك، فما رأيك؟
- أولا هذه ليست المرة الأولى التى تقدم فيها القوات المسلحة دعما للبنك المركزى فقد قدمت فى بداية الثورة مليار دولار ثم مليار دولار آخر لاحقا. ودلالة ذلك أنه لابد فى مرحلة ما أن ينظر إلى التشابك المالى فى الحكومة، لأنه فى نهاية الأمر هذه أموال مملوكة للبلد وليست للقوات المسلحة، ولذا يجب أن تدار كلها كإدارة واحدة. فمن الواضح أنه توجد فوضى عارمة فى العلاقات المالية خصوصا ما يعرف بالصناديق الخاصة، حيث إن كل هيئة ومؤسسة تعتبر نفسها دولة قائمة بذاتها ولديها صناديق مالية وتحصل على نسب معينة عند فرض ضرائب وتشابكات أخرى لا حصر لها. أو أن توجد مؤسسة دائنة بمئات المليارات لدى مؤسسة أخرى ولا تستطيع تحصيلها.
وقمت بعمل حصر عام لهذه التشابكات وأغلبها يتطلب إنفاق أموال ضخمة لعلاجها، فمثلا هيئة البترول لها مستحقات لدى وزارة الكهرباء تقارب ال90 مليون جنيه لا تستطيع تحصيلها، وعليها مديونية للبنوك فوق ال60 مليون جنيه لا تستطيع دفعها، فكيف تسوى هذه الأمور؟ كذلك أصول ميزانية بنك الاستثمار القومى على الورق أكثر من خصومه، ولكنه فى النهاية مقرض للكهرباء والرى وغيرهما، ولكنهم لا يدفعون ديونهم وفى المقابل هو مدين للتأمينات ولا يدفع.
■ ماذا عن قرار فصل أموال التأمينات عن المالية بعمل وزارة مستقلة لها؟
- هذا الفصل لن يفرق كثيرا، لقد دار لغط حول التأمينات أغلبه غير صحيح، فأولا ليس صحيحا أن أموال التأمينات ضمت لوزارة المالية، لأن هيئة التأمينات مستقلة، مكونة من صندوقين هما هيئة المعاشات الحكومية وهيئة معاشات القطاع الخاص، وكل صندوق منهما له مجلس إدارة يرأسه أولا وزير التأمينات ثم لاحقا وزير المالية فالتأمينات لم تضم للمالية، وإنما وزير المالية أصبح رئيس مجلس إدارة هيئة التأمينات. أما ما ذكرته الوزيرة السابقة ميرفت التلاوى عن أن هذه الأموال غير موجودة فقد رد عليها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الذى أكد أنها موجودة ولم تنضم للمالية بعد سؤالى عن هذه الأموال فور أن توليت الوزارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.