الأيام والأشهر تجرى ومعها السنون وتبقى الذكرة العطرة ذكرى فى دمائنا وقلوبنا وعقولنا - ها نحن نودع سنة هجرية ونستقبل السنة الهجرية الجديدة - إن الهجرة تعبير عن إرادة الله التى نفذت من خلال إرادة الإنسان - فالهجرة النبوية إيمان بالمستقبل وثقة بالغيب - فهى ليست نزهة أو رحلة وليست تخلصاً من صراع أو فتنة، بل لإقامة مجتمع آمن ونشر دين الله الإسلام. هل نستطيع أن نأخذ من فلسفة الهجرة العبرة والدروس وتكون لنا فيها منفعة وعلم؟.. هل نستطيع أن نهاجر إلى الله عز وجل.. بالهجرة بأنفسنا من الغفلة والسهو والنسيان إلى اليقظة والإيمان الحق والاتباع الصحيح للدين ومنهج الله؟.. هل نستطيع عمل إحلال وتجديد فى حياتنا لتغيير ما بأنفسنا نحو الصلاح والإصلاح والتقوى، حتى يغير الله ما بنا من ضعف ليستخلفنا الله فى الأرض كما استخلف الذين من قبلنا؟.. هل يستطيع شبابنا أن يقدم أعمالاً مشرفة ترفع أمتنا الإسلامية فى الدنيا، هل نستطيع أن نفهم ونقنع العالم أجمع والإنسانية كلها عن طريق علمائنا وشيوخنا الفلسفة المحمدية فى الهجرة، وأن هجرة رسولنا أسالها الكلمة الطيبة والعدل والحرية والثواب ونشر الدعوة الإسلامية؟.. هل نستطيع أن نتعلم من الهجرة النبوية أن الأخلاق لا تجزأ وأن يكون من مبادئنا الثبات والأخلاق الحميدة والفضيلة حتى مع من نختلف معهم فلا نخون أمانة كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما ترك سيدنا على بمكة، ليرد أمانات قريش التى استأمنت عليها الأمين المخلص الوفى سيدنا محمد!!.. هل نستطيع أن نتعلم من الهجرة حسن التوكل على الله سبحانi وتعالى وأن من خرج فى سبيل الله سواء رزق أو عمل أو سعى للخير أو للعلم فلا خوف عليه وأن الله معه. فهل لنا أن نأخذ من الهجرة ومن رسولنا الكريم هذه العظة؟! إن من أساسيات نجاح الهجرة النبوية للمدينة المنورة التخطيط السليم، وفهم مجريات الأمور، وتصور الواقع الذى كان سائداً فى هذه الفترة بمكة وبين المسلمين، والظروف المحيطة بهذا الواقع فى ذلك الوقت.. فهل لنا كأمة عربية أن نستفيد من دروس الهجرة لفهم مجريات الأمور وتصور الواقع الذى نعيشه.. إن رسولنا الكريم أسس المجتمع والحضارة الإسلامية فى 23 سنة ونحن كأمة عربية لا نعمل على مستقبل واستقرار أولادنا لخمس سنوات مقبلة!! ونختم كلامنا بما جاء بكتاب الله العزيز فى سورة التوبة «إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار، إذ يقول، لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها