«دييلا».. أول وزير من صنع الذكاء الاصطناعي يحمل مسؤولية افتراضية لمحاربة الفساد

قدّم رئيس الوزراء الألباني، إيدي راما، عضوًا جديدًا في حكومته، لا يملك هويةً ولا يحضر اجتماعات، بل يعيش داخل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تحت اسم «دييلا»، بمعنى الشمس باللغة الألبانية، وهي أول وزير افتراضي في تاريخ البلاد، جرى تقديمها رسميًا يوم الخميس، ضمن التشكيل الوزاري الجديد، بهدف معالجة واحدة من أعقد مشكلات الدولة الواقعة جنوب شرق أوروبا، ألا وهي الفساد.
روبوت حكومي لمحاربة الفساد
تظهر «دييلا» في هيئة امرأة ترتدي زيًا شعبيًا ألبانيًا تقليديًا، وتستخدم تقنية الصوت والتفاعل الذكي لتقديم الخدمات، وينطوي مظهرها على تكنولوجيا معقدة تهدف إلى تقليل البيروقراطية وكشف التجاوزات في عمليات الشراء الحكومي، غير إن الحكومة الألبانية لم توضح بعد كيف سيتم الإشراف البشري على أداء «دييلا»، أو ما إذا كانت ستخضع للمساءلة مثل الوزراء الآخرين.
وأوضح راما أن «دييلا» ستُكلَّف بملف منح العطاءات العامة، وهو الملف الذي لطالما شكّل بؤرة للفساد في الدولة البلقانية التي يبلغ عدد سكانها نحو 2.8 مليون نسمة، آملًا في أن تسهم هذه الخطوة غير التقليدية في جعل عمليات التعاقد الحكومي خالية بنسبة 100% من الفساد، على حد تعبيره.
ووفقًا لشبكة «tvp world»، تأتي هذه الخطوة ضمن توجه حكومي أوسع يدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو حلم تسعى له ألبانيا منذ سنوات، ويُعد ملف الفساد من بين أبرز العوائق التي تعيق تقدم البلاد في هذا الملف.
وكان حزب راما الاشتراكي، الذي فاز مؤخرًا بولاية رابعة، قد وعد بإتمام مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد بحلول عام 2027، مع تحقيق العضوية الكاملة قبل نهاية العقد، وتحديدًا بحلول 2030.
من منصة إلكترونية إلى منصب وزاري
الوزير الافتراضي دييلا ليست وليدة اللحظة، إذ تم إطلاقها بداية هذا العام كمساعد افتراضي على منصة الخدمات العامة الإلكترونية «e-Albania»، حيث ساعدت المستخدمين على الوصول إلى أكثر من مليون وثيقة رقمية، وأصدرت فعليًا نحو 36.600 وثيقة، ووفّرت ما يقارب ألف خدمة حكومية، لتنتقل اليوم من موقع الدعم الفني إلى منصب وزاري يُناط به إدارة العقود العامة.
وأثار إعلان وزير جديد يعمل في الواقع بالذكاء الاصطناعي، حالة من الجدل في الأوساط السياسية والقانونية، إذ وصف جازميند باردي، زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي المعارض، هذه الخطوة بأنها مخالفة للدستور، كاتبًا عبر فيسبوك: «لا يمكن تحويل مهرج رئيس الوزراء إلى أعمال قانونية للدولة الألبانية»، مضيفًا في منشوره أنه لم يتضح بعد ما إذا كان سيتم التصويت على تعيين دييلا داخل البرلمان، كما هو الحال مع بقية الوزراء.
مخاوف من التلاعب وغياب الشفافية
رغم الطموحات التي يروج لها رئيس الوزراء الألباني، إلا أن الخطوة لم تخلُ من المخاوف، خاصةً أن الحكومة لم تكشف أي تفاصيل حول آليات الحماية من التلاعب المحتمل بالروبوت، أو نوع الرقابة البشرية التي ستُفرض عليه.
وبالنظر إلى الطبيعة التقنية المعقدة للذكاء الاصطناعي، يحذر بعض المراقبين من أن غياب الإشراف البشري قد يفتح الباب أمام نوع جديد من الانتهاكات، يصعب تتبعها أو محاسبة المسؤول عنها.