كان العد التنازلي قد بدأ.. أسبوعان فقط وتزف رويدا خالد إلى عريسها، وسط زغاريد الجيران وأهازيج الأهل. كانت تحلم بفستانها الأبيض، وتجمع قطعة وراء أخرى من جهازها على مهل. لكن فجأة، بدلًا من الزفة، كانت النعوش.. وبدلًا من الفرح، شيعتها القرية في جنازة صامتة إلى مثواها الأخير. رويدا، ابنة قرية كفر السنابسة بمركز منوف، واحدة من 18 فتاة فقدن حياتهن في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، حين اصطدمت سيارة ميكروباص تقل مجموعة من العاملات بسيارة نقل ثقيل تسير في الاتجاه المعاكس. كانت رويدا استقلت الميكروباص فجرًا كعادتها، في طريقها إلى العمل لجمع ما تبقى من مصاريف الجهاز والتحضيرات. لكنها لم تصل. دهستها أحلامها على الأسفلت، كما دهست التريلا حياة زميلاتها. الصدمة ضربت القرية بأكملها. الأهالي ما زالوا لا يصدقون. تقول إحدى الجارات: «رويدا كانت بتضحك معايا إمبارح وبتقولي استني الفرح، جهزت الفستان وكل حاجة.. راحت في لحظة». شهدت الساحة الشعبية بكفر السنابسة جنازة جماعية شارك فيها المئات، وخرجت النعوش تباعًا وسط حزن الأهالى. لم يسمع صوت سوى تلاوة القرآن وصرخات النساء. مصادر طبية أكدت أن الحادث أودى بحياة 19 شخصًا، من بينهم 18 فتاة وشاب، جميعهم من أبناء كفر السنابسة، بينما أصيب 3 آخرون، بينهم فتاتان حالتهما حرجة. وتابع محافظ المنوفية اللواء إبراهيم أبوليمون الإجراءات ميدانيًا، ووجه بنقل الجثامين إلى القرية وتقديم الدعم الكامل للأسر. فيما أعلنت وزارة التضامن صرف تعويضات عاجلة، وتقديم تدخلات إغاثية عاجلة من فرق الهلال الأحمر. كفر السنابسة، التي كانت تنتظر الفرح، أصبحت بيت عزاء مفتوح. ولم تعد رويدا «عروس العيلة»، بل أصبحت إحدى «شهداء لقمة العيش».. ممن لم يمهلهن الطريق لتحقيق الحلم.