«أبنائى هم مصدر قوتى وأحلامهم هدفى فى هذه الحياة».. بهذه الجملة اختصرت السيدة فاطمة عبد الرحيم، الأربعينية البورسعيدية، رحلتها الاستثنائية فى تربية ورعاية وتعليم أبنائها الستة، بينهم ثلاثة من المكفوفين، بعدما انفصلت عن زوجها وتحمّلت وحدها مسؤولية بناء مستقبلهم. فى محافظة بورسعيد، وتحديدًا داخل أحد البيوت المتواضعة، تعيش «أم الأكفاء»، فاطمة عبد الرحيم، التى اختارت ألا تنكسر رغم انكسارات الحياة، لتكون لأبنائها المكفوفين السند والمعلم والأمان والنور الذى يبصرون به. تقول «فاطمة» ل«المصرى اليوم»: لدى من الأبناء المكفوفين 3: ابن أكبر أنهى عامه الرابع بكلية التربية جامعة بورسعيد قسم اللغة العربية، وابنة وسطى «روان» تدرس فى الصف الثالث الثانوى بمدرسة النور للمكفوفين، وابنة صغرى فى الصف الأول الإعدادى بنفس المدرسة. وأضافت: «انفصلت عن زوجى منذ سنوات طويلة، ولم يكن لدى مصدر للدخل أو عائل آخر ينفق علينا أنا وأبنائى، وأقمت مشروعًا بسيطًا لبيع الحلوى وبعض البضائع من شرفة منزلى الكائن فى عمارة سكنية بالدور الأرضى، بأحد الأحياء السكنية الشعبية، ووالدهم ينفق بعض دخله على أبنائه، ولكنها لا تكفى لقضاء احتياجاتنا». وأوضحت فاطمة أن ظروفها لم تسمح بأن تعطى أبناءها دروسا خصوصية، لكنها لم تتوقف عن الحلم. حملت عبء الأب والمعلم، ورافقت أبناءها فى طريقهم الدراسى، تشرح لهم، تتعلّم معهم، وتكافح من أجل تأمين حياة كريمة، ولو بأقل الإمكانيات. وأشارت إلى أن ابنها الأكبر الذى أنهى دراسته مؤخرًا، كانت تذاكر له وتلخّص له الكتب الجامعية، موضحة أنها حفظت المناهج، ودعمت حلمه، واليوم تقف إلى جواره حتى يستكمل دراساته العليا ويحقق طموحه فى حفظ القرآن الكريم. ولا تزال أم الأكفاء، ببورسعيد، تواصل المسيرة مع «روان»، التى تخوض هذا العام امتحانات الصف الثالث الثانوى، حيث تنتظرها أمام لجان الامتحان حتى تشعرها بالأمان. أما الصغيرة، فتدرس بالإعدادية وتواجه صعوبات فى مادة الرياضيات، لكنها لم تلجأ للدروس الخصوصية. الأم، التى لا تملك دخلًا ثابتًا سوى بيع الحلوى من شرفة منزلها، قررت أن تتعلم الرياضيات عبر الإنترنت، لتشرحها لابنتها بنفسها، ونجحت فى ذلك. تحكى فاطمة عن مواقف مؤثرة تكشف حجم التضحية: «أولادى طلبوا أحذية لأن أحذيتهم كانت ممزقة، فأخذتها إلى السوق وخيطتها، وذهبوا بها للمدرسة لعامين دون أن يشتكوا». وتضيف بفخر: «الفقر مش عيب، أنا فخورة بأولادى، ومفيش حاجة اسمها إعاقة، هما أصحاب طاقة وأحلام كبيرة». واختتمت: «أولادك أمانة ستُحاسبين عليها، وتعليمهم أمانة، واعتبرى تعبك معاهم صدقة جارية تفضل معاكى طول عمرك».