لا يزال العدوان الإسرائيلى على إيران مستمرًا، عدوانا يسعى إلى أكثر من كبح جماحها، ليطال إخضاع المنطقة بأثرها إلى النفوذ الصهيونى. عقب اغتيال الشخصيات والقيادات بدء من إسماعيل هنية وانتهاءً بقيادات الجيش وعلماء إيران مرورًا بنصر الله والسنوار، مازالت إسرائيل تسعى للهيمنة والسيطرة الأكبر، يتوجها نشوة النصر الزائف الذى لم يحقق لها أى أمن بعد سبع عقود ونيف من نشأتها كمشروع استعمارى غربى عدوانى فى المنطقة العربية. ربما تفلت إيران من الهزيمة إذا ما استمرت الحرب الحالية على ذات المنوال، لكنها من شبه المؤكد أنها ستنكسر إذا ما شاركت الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الحرب، وهى مشاركة مؤكدة فى أى من الحالتين، أولاهما مبادرة إيران بضرب المصالح الأمريكية، أو تأكد إدارة ترمب بهزيمة إسرائيل أو إدراك تهديدها وجوديًا. لكن عواقب هزيمة إيران أو تغيير نظامها السياسى هى سيادة نظرية الأمن الإسرائيلى فى المنطقة برمتها، وسعيها لتأسيس شرق أوسط جديد، لطالما فشل فيه الآباء الأولون للمشروع الصهيونى، انتهاء بشمعون بيريز وكوندوليزا رايس. القضية الفلسطينية ستكون نسيًا منسيًا، وربما ستسعى إسرائيل لتنفيذ سيناريو التهجير من غزة إلى سيناء ومن الضفة إلى الأردن، لتظهر أزمة لاجئين جديدة، هى الأكبر فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى. ستتجه إسرائيل إلى سيادة الاتفاقات الإبراهيمية على الدول التى لم تطبع علاقاتها مع الكيان الصهيونى، وذلك من خلال اتفاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية، تنهى بالفعل أى سيادة وأمن قومى عربى أو قطرى للبلدان العربية، سيحصد الكيان الصهيونى من خلال كل ذلك أرباحا تفوق الخيال عبر صفقات تجارية وعسكرية. هيمنة كاملة على البحر الأحمر، متحولًا من بحيرة عربية فى خمسينات القرن الماضى إلى بحيرة صهيونية، مع هيمنة كاملة على باب المندب والتحكم الكامل فى الممرات المائية بالبحر، من خلال القواعد العسكرية والرادارات وسبل المراقبة المختلفة. الاستيلاء الكامل على منطقة شرق المتوسط حتى حدود اليونان وقبرص وتركيا، مع إخضاع ثروات تلك المناطق للهيمنة الصهيونية الكاملة، بما فى ذلك - ومن باب أولى- بحر غزة، بغية خنق كل المنافذ الفلسطينية، وتأمين التواجد فى فلسطين التاريخية. الانغماس بشكل أكبر وأكبر فى اللعب بورقة الأقليات العربية الدينية والثقافية والطائفية، بغية إعادة تقسيم المقسم وشرذمة المشرذم، ما يفضى إلى المزيد من تأسيس كيانات مبنية على أسس دينية وطائفية، تكون السيادة فيها لإسرائيل، التى سيكون لها تواجد علنى ومقنن على غالبية الأراضى العربية. عقب إخضاع المنطقة برمتها سيتم تكريس إسرائيل فى نظر الغرب كوكيل استعمارى للولايات المتحدة وعديد البلدان الأوروبية حتى تلك التى كانت تعارض الإبادة الصهيونية وتهدف لحل الدولتين، وبذلك ستكون إسرائيل مخلب قط لصفقات تجارية وغير تجارية غربية تهدف لنهب الثروات، والنيل من أى تواجد لأعداء الوكلاء الغربيين، وهنا الحديث يعنى به روسيا والصين. وسط كل هذا المُناخ، يعتقد أنه لا سبيل إلا بسرعة إفاقة المعنيين بالأمر من المخطط الأمريكى الصهيونى. ويتصور أن لمصر دورا كبيرا وربما وحيد فى إيجاد مشروع أمنى بديل وسريع لمنع تلك النواكب والخطب، وذلك بالتعاون مع البلدان العربية المركزية فى الوطن العربى وروسيا والصين وربما تركيا.