الإدمان الصامت.. ما الذي تفعله الهواتف ومواقع التواصل بعقول المراهقين؟

ربط باحثون من كلية «ويل كورنيل» للطب في نيويورك بين الإدمان الرقمي وارتفاع معدلات التفكير والسلوك الانتحاري لدى المراهقين.
وفي دراسة علمية جديدة، نُشرت في مجلة JAMA الطبية، تابعت أكثر من أربعة آلاف طفل على مدى 5 سنوات، ضمن مشروع «دراسة تطور الدماغ الإدراكي للمراهقين» (ABCD)، لتكشف عن صورة مثيرة للقلق حول تأثير الشاشات.
نسب إدمان مقلقة في عمر مبكر
مع بلوغ الأطفال سن الرابعة عشرة، كشفت النتائج عن أن:
* 33% أظهروا سلوكيات توحي بإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي
* 25% بدت عليهم علامات الاعتماد المفرط على الهواتف الذكية
* 40% انجذبوا بشكل لافت لألعاب الفيديو
وهو ما يشير إلى انتشار الظاهرة بشكل أكبر مما يُعتقد، وفي سنّ حرجة لنمو الدماغ وتكوين الهوية النفسية.
ليست المدة فقط.. طبيعة الاستخدام هي المعيار الأخطر
أوضحت البروفيسورة، يونيو شياو، المشرفة على الدراسة، أن نوعية استخدام الشاشات، مثل استخدامها للهروب أو لتفادي القلق، تؤثر بشكل أكبر من عدد الساعات المستخدمة، فالمراهق الذي يقضي ساعة واحدة في محتوى ضار قد يتأثر أكثر من آخر يقضي ثلاث ساعات في تفاعل إيجابي أو تعليمي.
كيف قاست الدراسة الإدمان الرقمي؟
اعتمد فريق البحث على استبيانات دورية شملت أسئلة من نوع:
* «هل تفكر دائمًا في استخدام هاتفك؟»
* «هل تشعر بالانزعاج عند منعه عنك؟»
* «هل حاولت التوقف وفشلت؟»
وجرى تتبع التغيرات في السلوك الرقمي وربطها بالتقارير النفسية، ما أتاح بناء صورة شاملة عن العلاقة بين الإدمان وميول الاكتئاب والانتحار.
أرقام تستدعي القلق: أفكار انتحارية وسلوك فعلي
* 18% من المشاركين أفادوا بوجود أفكار انتحارية
* 5% قالوا إنهم أقدموا على خطوات فعلية أو خططوا لذلك
وقد ترافق ذلك مع معدلات أعلى من الإدمان الرقمي، خاصة بين مستخدمي مواقع التواصل.
الاستخدام المتزايد... وتدهور الصحة النفسية
في السنوات الأربع التي استغرقتها الدراسة، قفز متوسط وقت استخدام مواقع التواصل من 7 دقائق يوميًا إلى أكثر من 70 دقيقة، وهي قفزة تعكس تحولات كبيرة في السلوك الرقمي للمراهقين، وارتبطت بازدياد الأعراض الاكتئابية بشكل واضح.
مؤشرات خفية... لكنها خطيرة
* 47% من الأطفال بين 11 و12 عامًا قالوا إنهم «يفقدون الإحساس بالوقت أثناء استخدام الهاتف»
* 25% من المراهقين بين 12 و13 عامًا قالوا إنهم «يلجؤون لمواقع التواصل لنسيان مشكلاتهم»
هذه الأنماط، بحسب الباحثين، ليست مجرد عادات رقمية، بل مؤشرات على اضطرابات نفسية عميقة محتملة.
لماذا لا يكفي وقت الشاشة لتقدير الخطر؟
أوضح الدكتور جايسون ناغاتا، من جامعة كاليفورنيا، أن الاعتماد على مدة الاستخدام وحدها لا يكشف الخطر الحقيقي، لأن الاستخدام يمكن أن يكون تعليميًا أو اجتماعيًا مفيدًا في بعض الحالات، بينما يكون ضارًا تمامًا في أخرى، لذا فإن علامات الإدمان النفسي والسلوكي هي المؤشر الأكثر دقة لحالة المراهقين.
تحذير للآباء والمدارس: التدخل المبكر ضرورة
أكد فريق البحث، أن الآباء والمعلمين والأخصائيين النفسيين بحاجة إلى رصد علامات الإدمان مبكرًا، وتوفير الدعم النفسي اللازم. فالاكتشاف المبكر قد يمنع مسارًا خطيرًا قد ينتهي بسلوك مؤذٍ للنفس.