قالت هند حمام، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، تُعد من أعظم أيام السنة، ولها مكانة خاصة في الشريعة الإسلامية، حيث اجتمع فيها من الفضل ما لم يجتمع في غيرها من الأيام. وأضافت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج «حواء»، المذاع على قناة الناس، اليوم الإثنين: «جرت سنة الله تعالى في خلقه أن يجعل لبعض الأزمنة فضلًا على غيرها، تمامًا كما فضل أماكن وأشخاصًا، فجعل للمسجد الحرام والمسجد الأقصى، شرفًا عن غيرهما، وكرم الإنسان على سائر المخلوقات، ومن ضمن هذه التفضيلات، نجد أن الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة لها منزلة عالية، فهي من أعظم أيام العام». وتابعت: «فضل هذه الأيام يبدأ بكونها واقعة في شهر من الأشهر الحُرُم، وهو شهر ذي الحجة، وقد قال الله تعالى: ﴿فلا تظلموا فيهن أنفسكم﴾، كما ورد ذكر هذه الأيام في القرآن في أكثر من موضع، ومنها قول الله تعالى: ﴿واذكروا الله في أيامٍ معدودات﴾، وقد فسّر المفسرون هذه الأيام بأنها العشر الأوائل من ذي الحجة». وأكدت أمينة الفتوى بدار الإفتاء أن السنة النبوية أظهرت كذلك فضل هذه الأيام، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، والمقصود بها العشر الأوائل من ذي الحجة، حتى إن الصحابة قالوا: «ولا الجهاد؟»، فقال النبي: ولا الجهاد، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. ذكر الله وأضافت «حمام»: «في هذه الأيام يُستحب الإكثار من التسبيح، والتهليل، والتكبير، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد، ويكفي أن هذه الأيام تحتوي على يوم عرفة، وهو يوم العتق الأكبر من النار، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وصيامه يكفّر ذنوب سنتين، السنة الماضية والقادمة». وأكدت أن الله سبحانه وتعالى، أقسم بهذه الأيام لعظيم قدرها، في مطلع سورة الفجر: ﴿والفجر وليالٍ عشر﴾، وبعض المفسرين أكدوا أن المقصود بالليالي العشر هي العشر الأوائل من ذي الحجة، وما أقسم الله بشيء في القرآن إلا للدلالة على عظمته، فحريٌ بنا أن نغتنم هذه الأيام، ونكثر فيها من العمل الصالح والتقرب إلى الله. فضل صيام يوم عرفة وكانت دار الإفتاء، أوضحت في وقت سابق عبر موقعها الرسمي فضل صيام يوم عرفة، مُضيفة أن صوم يوم عرفة مستحب لغير الحاجِّ، ويكره صيامه للحاجِّ إن كان يضعفه الصومُ عن الوقوف والدعاء، جاء في «تحفة الفقهاء» للعلامة السمرقندي: [وَأما صَوْم يَوْم عَرَفَة فِي حق الْحَاج: فَإِن كَانَ يُضعفهُ عَن الْوُقُوف بِعَرَفَة ويخل بالدعوات فَإِن الْمُسْتَحبَّ لَهُ أَن يتْرك الصَّوْم؛ لِأَن صَوْم يَوْم عَرَفَة يُوجد فِي غير هَذِه السَّنة، فَأَما الْوُقُوف بِعَرَفَة فَيكون فِي حق عَامَّة النَّاس فِي سنة وَاحِدَة، وَأما إِذا كَانَ لَا يُخَالف الضعْف فَلَا بَأْس بِهِ، وَأما فِي حق غير الْحَاج فَهُوَ مُسْتَحبٌّ؛ لِأَن لَهُ فَضِيلَة على عَامَّة الْأَيَّام] اه. وجاء في «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع»: [وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ: فَفِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ مُسْتَحَبٌّ؛ لِكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالنَّدْبِ إلَى صَوْمِهِ، وَلِأَنَّ لَهُ فَضِيلَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْحَاجِّ إنْ كَانَ لَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقُرْبَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُضْعِفُهُ عَنْ ذَلِكَ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ] اه. وجاء في حاشية الصاوي المالكي على الشرح الصغير «بلغة السالك لأقرب المسالك»: [(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ)، وَكُرِهَ لِحَاجٍّ؛ أَيْ: لِأَنَّ الْفِطْرَ يُقَوِّيهِ عَلَى الْوُقُوفِ بِهَا] اه. وفي فضل صيام يوم عرفة أيضًا، عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة، فقال: يُكفِّر السنة الماضية والباقية، وسُئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: يُكفِّر السنة الماضية.