أكد الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، والمكلف من الأمين العام للأمم المتحدة، بقيادة فريق من الخبراء، لتقديم حلول للتعامل مع أزمة الدين العالمى، أنه يجب على مصر الإعداد الجيد لمرحلة ما بعد انتهاء البرنامج الحالى لصندوق النقد الدولى فى عام 2026، والذى بدأ فى عام 2016، وذلك من خلال برنامج يركز على تحقيق النمو وتمويل التنمية واستهداف التضخم وتحقيق نقلة نوعية فى حجم التصدير. وجاء ذلك فى كلمته خلال المؤتمر السنوى لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، والذى أقيم تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تحت عنوان «الإصلاحات الهيكلية والمؤسسات فى مصر: الطريق إلى نمو مستدام». وأضاف الدكتور محمود محيى الدين أن الاعتماد على الدين الخارجى أدى إلى تصاعد الأعباء على المواطنين والاقتصاد والموازنة العامة بتداعيات تؤثر على الاقتصاد، وخاصة التضخم، مشيرا إلى أن هناك ثلاث أزمات فى مصر يجب إيلاء أولوية للتعامل معها، وهى أزمة الإيرادات العامة وأزمة التصدير وأزمة الادخار. وأوضح الدكتور محمود محيى الدين أن الإيرادات فى مصر منخفضة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، وهى توضح الحاجة إلى تطوير نهج النمو الاقتصادى المتبع ليحقق دخولاً أكبر للمواطنين وأرباحاً أكبر للشركات ومنها تستفيد الموازنة بزيادة الوعاء الضريبى، داعياً إلى ضرورة تجنب وجود مشروعات عامة خارج الموازنة العامة للدولة والخطة الاستثمارية. وتابع الدكتور محمود محيى الدين أن الأزمة الثانية هى أزمة التصدير، فنسبة الصادرات من الناتج المحلى الإجمالى منخفضة للغاية مقارنة بالبلدان النامية المقارنة مثل كوريا وفيتنام، والتى تحقق فائضا فى الميزان التجارى رغم ارتفاع نسبة وارداتها عن مصر بكثير؛ فالعبرة بتحقيق فائض فى ميزان التجارة من الصادرات. وأكد أن الأزمة الثالثة هى أزمة الادخار القومى (الذى يتشكل من المدخرات الحكومية والخاصة والعائلية) والتى تحول دون زيادة الاستثمارات لقصور التمويل المحلى وتضطر الاقتصاد إلى الاعتماد المفرط على الدين الخارجى. وحول أولويات العمل خلال الفترة القادمة، أكد الدكتور محمود محيى الدين أنه يجب علينا العمل على تطوير السياسات العامة واستهداف التضخم وتحقيق النمو المستدام، والاهتمام برأس المال البشرى، وذلك من خلال الاهتمام بنوعية التعليم والتدريب والرعاية الصحية، مضيفاً أنه منذ فترة نتعامل مع البشر على أنهم عبء على الموارد، وأن هذا النهج يهدر الاستفادة من إمكانيات البشر باعتبارهم الثروة الحقيقية وأصحاب الأفكار الخلاقة والتى يمكن تعظيم العائد منها من خلال التعليم والتدريب وتنمية المهارات. وأكد الدكتور محمود محيى الدين أن النظام المالى الدولى الذى نعرفه منذ الحرب العالمية الثانية بكل تحالفاته قد انتهى، مشيرا إلى أن الإجراءات الأخيرة ومنها الحروب التجارية عجلت بنهاية هذا النظام. وشدد محيى الدين على أنه فى مواجهة الصدمات الخارجية والحرب التجارية، لابد من الاهتمام بالتعاون الإقليمى لتقليل أثر هذه العوامل الخارجية على الاقتصاد الوطنى. وأكد على ضرورة توطين التنمية المستدامة، مشيداً بالدراسة التى أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، حول التنمية والتنافسية بالمحافظات، وأن كل ذلك يحتاج إلى تبنى إصلاحات مؤسسية لتحقيق التنمية على مستوى كل محافظة واستخدام مؤشراتها لتقييم الأداء. وأوضح محيى الدين أن تحقيق التنمية المستدامة يحتاج إلى نمو مطرد من خلال الاهتمام بالاقتصاد الأخضر والاستثمارات فى البنية التكنولوجية والأساسية، وبالاستثمار فى البشر وحشد التمويل المحلى والأجنبى. وأكد الدكتور محمود محيى الدين على ضرورة الاهتمام بخمسة ممكنات لتنمية الاقتصاد، وهى التنوع الاقتصادى، والتحول الرقمى وتسوية أرض الملعب من خلال وجود منافسة عادلة لكافة الأطراف العاملة فى الاقتصاد بلا استثناء، وتوفير البيانات المدققة، وسرعة الانتهاء من القانون الخاص بتداول المعلومات، والاهتمام بالبشر كأولوية قصوى.