أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وذلك خلال زيارته الحالية إلى المملكة العربية السعودية، في خطوة مفاجئة جاءت عقب مشاورات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال ترامب في كلمة ألقاها خلال منتدى استثماري بالرياض، إنه قرر إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا لمنحها فرصة للنهوض والنمو، مؤكدًا أن «الوقت قد حان للسوريين كي يبدأوا مرحلة جديدة ويثبتوا إمكاناتهم». تحركات دبلوماسية ولقاء مرتقب مع القيادة السورية ذكر البيت الأبيض في بيان رسمي أن الرئيس ترامب يعتزم لقاء رئيس الحكومة السورية الانتقالية، أحمد الشرع، في العاصمة السعودية يوم الأربعاء، في أول اجتماع من نوعه منذ تشكيل الإدارة السورية الجديدة عقب سقوط نظام الرئيس المعزول بشار الأسد أواخر العام الماضي. ويُنظر إلى هذا اللقاء على أنه خطوة رمزية تشير إلى تقارب أمريكي مع السلطة الجديدة في دمشق، واعتراف ضمني بواقع سياسي جديد في البلاد، بعد أكثر من عقد من النزاع والعقوبات الصارمة. دمشق ترحب والشيباني يشيد بالدور السعودي من جانبه، عبّر وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عن ترحيب حكومته بالقرار الأمريكي، واصفًا إياه بأنه «تحول جوهري» في مسار العلاقات الدولية مع سوريا. وخلال تصريحات رسمية، أكد الشيباني أن هذه الخطوة تمثل بداية لمرحلة جديدة من إعادة الإعمار والاستقرار، مثنيًا على الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية في الوصول إلى هذا القرار. وكتب الشيباني عبر حسابه على منصة «إكس» أن بلاده تثمّن «الموقف المشرّف للمملكة العربية السعودية، قيادةً وشعبًا، الذي أثمر عن قرار يعيد الأمل للسوريين»، مشيدًا بالدبلوماسية السعودية التي وصفها ب«الرصينة والحكيمة». احتفالات شعبية في المدن السورية أما في الداخل السوري، فشهدت مختلف المدن مظاهر احتفال واسعة مساء اليوم بعد إعلان ترامب، ففي العاصمة دمشق، احتشد مئات المواطنين في ساحة الأمويين وأحياء مثل الميدان، حاملين الأعلام السورية والسعودية، بينما جابت السيارات الشوارع وسط أصوات الأبواق والهتافات المؤيدة للقرار. وفي مدينة حمص، تجمع المواطنين في ساحة الساعة الشهيرة مرددين شعارات وطنية، شاكرين المملكة العربية السعودية على دعمها للسوريين، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية. وقال أحد المواطنين المشاركين في الاحتفالات إن رفع العقوبات يعيد الأمل إلى السوريين بعد سنوات من العزلة الاقتصادية، مضيفًا أن رجال الأعمال الذين غادروا البلاد باتوا اليوم أمام فرصة للعودة والمساهمة في البناء. مفاجأة أمريكية وتحولات في المواقف يأتي هذا الإعلان بعد أشهر من الدعوات الإقليمية والدولية لتخفيف القيود الاقتصادية على سوريا، لا سيما بعد انهيار نظام الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي. وكانت العقوبات، خصوصاً «قانون قيصر» الذي أقره الكونجرس الأمريكي في 2019، تشكل عائقًا رئيسيًا أمام التعافي الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تعليق جزئي لبعض العقوبات على سوريا، شملت قطاعات حيوية مثل الطاقة والمصارف، فيما تحدثت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، عن نقاشات جارية لتخفيف القيود بشكل أوسع، بدعم من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فرص اقتصادية ومسار جديد ويرى مراقبون تحدثوا مع شبكة «abc» أن القرار الأمريكي من شأنه أن يُحدث نقلة كبيرة في المسار الاقتصادي لسوريا، ويفتح الباب أمام انفتاح دولي تدريجي، لا سيما من قبل شركات ودول كانت تتجنب التعاون مع دمشق خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات. ويُتوقع أن يسهم رفع العقوبات في عودة الاستثمارات الخارجية وتعزيز بيئة الأعمال، ما يمنح الاقتصاد السوري دفعة يحتاجها بشدة، وسط مطالبات داخلية بإعادة تفعيل دور رجال الأعمال والمهنيين السوريين في جهود إعادة الإعمار. ويمثل إعلان ترامب نقطة تحوّل رئيسية في الملف السوري، ويعكس تغيرًا في النهج الأمريكي تجاه دمشق، مدعومًا بوساطة سعودية فاعلة. ومع احتفالات الشارع السوري وتزايد الانفتاح الإقليمي، تجدر الإشارة إلى الثمن الذي دفعته دمشق للحصول على هذا التحول، إذ تعهدت الإدارة السورية بالسماح لأمريكا بالوصول إلى آبار النفط في شمال البلاد، كما أعلن الرئيس أحمد الشرع عن رغبته في تشييد برج باسم ترامب، بجانب تحاشي الاصطدام مع إسرائيل التي وسّعت رقعة الأراضي التي تسيطر عليها داخل سوريا منذ الإطاحة ب«الأسد».