افترض كثيرون أن فترة ولاية، دونالد ترامب الثانية كرئيس للولايات المتحدة، سوف تكون مثل فترته الأولى، ولكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا، ففي الأسابيع الأولى من ولايته الثانية، اتخذ الرئيس الأمريكي سلسلة من الإجراءات التي لم يحاول القيام بها من قبل، فارضًا تعريفات جمركية شاملة على جيران بلاده، وتحدث عن توسيع أراضي بلاده، فضلا عن ذلك شن «ترامب» حروبا على وسائل الإعلام. وأدلى وزير الخارجية الأمريكي الحالي، ماركو روبيو، بتصريحات أكثر وضوحًا وإثارة للاهتمام، ولا ننسي أن «روبيو» ترشح للرئاسة في عام 2016 متعهدا بتدشين «قرن أمريكي جديد»، وهو شعار المحافظين الجدد بعد الحرب الباردة. وفي هذا السياق، قالت مروة عبدالحليم، الباحث الأول بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن المؤرخين أطلقوا على فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية اسم «القرن الأمريكي»، حيث تولت الولاياتالمتحدة الصاعدة زمام المبادرة في إرساء أسس الحكم المتعدد الأطراف من خلال مؤسسات مثل الأممالمتحدة وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التجارة العالمية. ورغم ذلك، قالت «عبدالحليم» في تصريحات ل«المصري اليوم»، إن الولاية الثانية ل «ترامب» ربما تكون إعلان عن نهاية تلك الحقبة، فلا يستطيع أحد أن يتوقع ما قد تسفر عنه السنوات الأربع المقبلة، التي ستكون نقطة تحول أساسية في الدور العالمي للولايات المتحدة. وأوضحت «عبدالحليم» أن ترامب أصدر 42 أمرا تنفيذيا ومذكرة سياسية في اليوم الأول من رئاسته، وأعاد الولاياتالمتحدة إلى قاعدة «تكميم الأفواه العالمية»، عبر الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية وتجميد معظم برامج المساعدات الخارجية الأمريكية، بالإضافة إلى رغبته في تفكيك نظام التجارة العالمي من خلال فرض «رسوم جمركية عالمية». ورأت «عبدالحليم» أنه «في عالم من الخيالات الجيوسياسية أسس ترامب لفكرة التوسع الإمبريالي»، التي يعتقد أنها ستثبت صحة وعده ب«العصر الذهبي» للولايات المتحدة من خلال استعادة قناة بنما، وضم كندا لتكون الولاية الأمريكية رقم 51، وشراء جرينلاند من الدنمارك، وتهجير سكان قطاع غزة بالقوة لتحويل القطاع إلى ريفيرا الشرق الأوسط. وأشارت «عبدالحليم» إلى أنه في النهاية، «يبدو أن النظام العالمي الليبرالي الذي روجت له الولاياتالمتحدة بعد نهاية الحرب الباردة، يقترب من نهايته، والتحول نحو نظام عالمي تتراجع فيه الولاياتالمتحدة عن دورها القيادي وظهور قوى أخرى متعددة الأقطاب تسعى إلى تحقيق طموحاتها الاقتصادية والعسكرية والإقليمية، وخالية من ادعاء الولاياتالمتحدة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والوعظ الأخلاقي والقيود المفروضة من قبل (النظام القائم على القواعد) الذي تقوده الولاياتالمتحدة».