تدق أجراس الكنائس الإنجيلية، مساء اليوم، احتفالًا بقداس الميلاد، وتحتفل الكنائس الأرثوذكسية، مساء الغد، عقب انقضاء فترة الصوم لمدة 43 يومًا، وسط تشديدات أمنية، فيما زار الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، لتهنئته بالعيد. وقال «الطيب»: «أدعو المولى، عز وجل، أن يُعيد المناسبات السعيدة على مصرنا الحبيبة مسلميها ومسيحييها، وأن يرزقها الأمن والأمان وأن يوفر لها كل سبل التقدم والرخاء»، متابعًا: «جئنا هنا لنجدد حبل المودة والصداقة والتآلف والتعارف، ولنعبر عما فى قلوبنا من مودة وأخوة، جئنا مدفوعين بما تعلمناه فى القرآن الكريم ومن سنة نبينا، صلى الله عليه وسلم، من تكريم للتوراة والإنجيل وللمسيح عيسى بن مريم، وما تربينا عليه فى الأزهر وتأسس فى وجداننا من ثناء القرآن الكريم ورسول الإنسانية والسلام على إخواننا المسيحيين، حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الدنيا والآخرة، قالوا: يا رسول الله.. كيف؟، قال الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد)»، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم لا توجد فيه كلمة الأديان، وإنما هو دين واحد متعدد الرسالات التى بُعث بها الأنبياء. وشدد شيخ الأزهر على ضرورة تسخير هذه المناسبات للمطالبة بوقف المأساة والعدوان الذى يتعرض له إخواننا الأبرياء فى غزة منذ أكثر ما يزيد على 15 شهرًا، متابعًا: «لا يمكن أن نفرح وإخواننا لا يطعمون الطعام والشراب، وإنما يطعمون الموت ويتذوقون مرارة الفقد، ويعانون إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًّا فى ظل صمت وخزى لم يسبق لهما مثيل»، لافتًا إلى أن منع وصول المساعدات الإنسانية فى ظل المطر الشديد والظروف المناخية الصعبة هو سلوك مُعادٍ للإنسانية، متسائلًا: «لماذا هذه القسوة المدعومة بهيئات عالمية صورت نفسها بأنها وُجدت لحفظ السلام وحقن دماء الأبرياء، ولكن الواقع كشف عن ضعف هذه الهيئات وعدم قدرتها على اتخاذ موقف جاد لوقف شلالات دماء الأبرياء من الأطفال والنساء، الذين لم يقترفوا ذنبًا إلا أنهم حاولوا التشبث بأرضهم والبقاء فيها». وقدم الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، كلمة تهنئة رقيقة دعا خلالها إلى أن يحفظ الله مصر وأهلها إلى يوم الدين، فيما أعرب الدكتور نظير عياد، مفتى الجمهورية، فى كلمته عن خالص تهانيه القلبية للبابا ولكل المسيحيين بالعيد، معربًا عن سعادته بهذا اللقاء. وأكد البابا تواضروس أن هذه الزيارة تعكس الروح الأخوية التى تجمع المصريين، مسيحيين ومسلمين، متمنيًا أن تأتى الأعوام المقبلة على العالم أجمع بالخير والسلام والاستقرار، وتابع: «أشعر بمقدار الود والمحبة والمشاعر الطيبة التى تربطنى بشيخ الأزهر، ونتبادل الأحاديث والنقاشات حول مختلف القضايا، وهو ما يكشف قدر الوحدة والأخوة الموجودة على أرض مصر، دعواتنا دائمة من أجل استمرار هذه اللحمة الوطنية القوية ونموها، فلا يمكن صناعة السلام والقلوب مملوءة بالخطايا والشر، وفى ظل غياب والإخلاص والأمانة»، مؤكدًا أن عملية صناعة السلام هى صناعة ثقيلة، ونحن مأمورون بها من قِبَل التعاليم الدينية، وشدد على دور علماء الدين ورجالاته فى حفظ إنسانية الإنسان وسعادته، وفقًا للتعاليم الدينية، وتوجيه سلوكه ليكون فاعلًا أساسيًّا فى صناعة هذا الكون وتسخيره فيما ارتضاه الخالق، ومجابهة الاتجاه السائد لإنكار الخالق، وارتفاع نبرات الإلحاد والقتل والصراعات، وما نعانيه من شر ينزع إنسانية الإنسان، وهو ما أدى إلى زيادة حدة الصراعات والعنف فى العالم. كما استقبل البابا الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية، لتهنئته بعيد الميلاد، وعبّر «تواضروس» عن أمنياته أن يشهد عام 2025 أحوالًا أفضل لبلادنا وللعالم أجمع، مشيرًا إلى أن العصر الحالى تواجه فيه الدول والشعوب العديد من الحروب، التى تحكم وتتحكم فى مصير الإنسان، وأخطرها حروب الشائعات والخداع والتضليل، وحروب المخدرات، وهى تغييب وتخريب، وحروب المجاعات عبر الحصار الاقتصادى وتهديد الحياة، ودعا البابا إلى الصلاة من أجل أن يحفظ الله مصر ويُديم عليها نعمة الأمان، وأن تنمو وتزداد من كل الأوجه، وأن يُنعم الله بالسلام والاستقرار على كل مناطق الصراع فى العالم، وكذلك استقبل البابا اتصالًا هاتفيًّا من المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق، لتهنئته بعيد الميلاد، واتصالًا من السفير بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، للتهنئة أيضًا. واستقبل البابا تواضروس، فى المقر البابوى، الدكتور خالد العنانى، المرشح لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، وقدم العنانى خلال اللقاء شرحًا مفصلًا لبرنامجه الانتخابى، مؤكدًا الدعم الكامل من الدولة المصرية لترشحه، كما طلب بركة وصلوات البابا فى هذه المهمة، وأكد البابا دعمه الكامل للدكتور العنانى، كما استقبل البابا تواضروس الدكتورة مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى، للتهنئة بأعياد الميلاد. وتدق أجراس الكنائس الأرثوذكسية، مساء غد، لتعلن بدء الاحتفالات بقداس عيد الميلاد، ويترأس أساقفة ومطارنة الكنيسة قداسات العيد، وسط حضور كثيف من الأقباط، وذلك بعد انقضاء فترة الصوم لمدة 43 يومًا، ويترأس مطارنة وأساقفة الكنيسة الأرثوذكسية القداسات فى الإيبارشيات بربوع مصر ودول المهجر، فيما يترأس البابا تواضروس قداس عيد الميلاد فى كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية. وتحتفل رئاسة الطائفة الإنجيلية بمصر بعيد الميلاد، مساء اليوم، بحضور قيادات الطائفة الإنجيلية وراعى الكنيسة، الدكتور القس سامح موريس، وبمشاركة قيادات الدولة والشخصيات العامة، ويترأس الاحتفال الدكتور القس أندريه زكى، فى تمام الساعة السابعة مساءً، بكنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية. إلى ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية تنفيذ الخطط الأمنية للبلاد خلال أعياد الميلاد، والتى تمت مراجعتها من جانب اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، مع مساعديه عبر تقنية «فيديو كونفرانس» لبحث استراتيجية العمل الأمنى فى المرحلة الحالية. وشهدت القاهرةوالمحافظات جولات ميدانية لمدير الأمن لمراجعة خطط انتشار القوات والتأكد من الجاهزية ومراجعة كل خطط التأمين المتفق عليها، ومن أبرز محاورها رفع الحالة الأمنية للدرجة القصوى «الطوارئ» خلال فترة الأعياد، واتخاذ أعلى درجات الحذر واليقظة ومضاعفة الجهود المبذولة وتفعيل جميع إجراءات وتدابير تأمين المنشآت ووسائل المواصلات العامة، ومواصلة إجراءات إحكام الرقابة على الطرق والمحاور الرئيسية، ودعم الخدمات والأقوال الأمنية والتحقق من فاعليتها بالمناطق المحيطة بالمرافق المهمة والحيوية والمنشآت السياحية ودُور العبادة. وتضمنت الخطة الاهتمام بتوفير مناخ آمن للمواطنين، وأن تتحلى العناصر القائمة على تأمين المنشآت بالجاهزية التامة والكفاءة العالية والاهتمام بالمظهر الانضباطى بما يمكنهم من التعامل مع مختلف المواقف المحتملة وتحقيق الردع العام لكل مَن تسول له نفسه المساس بحالة الاستقرار الأمنى، علاوة على اعتماد خطط مستدامة لانتشار القوات والدوريات الأمنية بالطرق والمحاور بما يسهم فى سرعة الاستجابة الأمنية والانتقال واحتواء أى أمور طارئة، علاوة على مواصلة الرصد والتعامل مع الشائعات والأكاذيب والأخبار المضللة التى تستخدمها الجماعات المتطرفة، بغرض زعزعة ثقة المواطنين فى قدرات جهاز الشرطة ودوره الوطنى فى حفظ الأمن، بجانب التواجد الميدانى لكل المستويات الإشرافية لمتابعة تنفيذ الخطط الأمنية ومراعاة البعد الإنسانى لدى التعامل مع المواطنين أثناء تنفيذ الخطط والإجراءات الأمنية، والتصدى الحاسم لكل ما يمس أمن وسلامة الوطن والمواطنين وفقًا للأطر القانونية. إلى ذلك، عقد الدكتور أحمد السبكى، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، المشرف العام على مشروع التأمين الصحى الشامل، اجتماعًا، عبر تقنية زووم، لمتابعة استعدادات التأمين الطبى لاحتفالات عيد الميلاد فى محافظات تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، وذلك اتساقًا مع خطة وزارة الصحة لتوفير الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين خلال الاحتفالات، بما يعزز سلامتهم وصحتهم. وأكد «السبكى» استمرار رفع درجة الاستعداد فى 302 منشأة صحية تابعة للهيئة بمحافظات المرحلة الأولى لتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل «بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوبسيناء، أسوان، السويس»، مع تعزيز تواجد الأطقم الطبية فى أقسام الطوارئ والحالات الحرجة، مشيرًا إلى انعقاد غرف الأزمات والطوارئ على مدار الساعة لضمان الاستجابة السريعة لأى طارئ وتوفير أعلى مستويات الخدمة الطبية، لافتًا إلى أن الهيئة تولى اهتمامًا كبيرًا بتأهيل الكوادر الطبية من خلال برامج تدريبية مستمرة لضمان تحقيق أعلى معايير الجودة فى خدمات الطوارئ، مع توحيد وتنميط العمل داخل أقسام الطوارئ بالمنشآت الصحية، والتأكد من الالتزام بتقديم أفضل الخدمات الصحية لتحقيق أعلى معدلات رضا المواطنين. إلى ذلك أتمت الأجهزة المعنية استعداداتها لاستقبال عيد الميلاد المجيد بمختلف محافظات مصر، ففى الإسكندرية، أنهت كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس والكنائس الأرثوذكسية استعداداتها لعيد الميلاد المجيد والذى يحتفل به الأقباط الأرثوذكس فى مصر والمهجر. وتشهد كاتدرائية الإسكندرية إجراءات تأمينية مشددة، استعداداً للعيد. فى القليوبية، رفعت مديرية الأمن حالة التأهب تزامنًا مع احتفالات أعياد الميلاد فى مدن المحافظة، حيث فرضت الأجهزة الأمنية كردونًا أمنيًا حول الكنائس فى بنها وشبرا الخيمة. وفى الأقصر، أعلنت الأجهزة الأمنية رفع درجة الاستنفار الأمنى لتأمين احتفالات عيد الميلاد المجيد. وتكثف مديرية أمن الأقصر بالتنسيق مع إدارة المرور التأمين حول محيط الكنائس والأديرة، كما تم الانتهاء من وضع الخطة الأمنية اللازمة التى تتضمن نشر القوات الثابتة والمتحركة بطول الطرق الرئيسية والفرعية. وفى المنيا، شهد محيط المطرانيات والكنائس بالمحافظة إجراءات أمنية مشددة، وحملات نظافة، استعدادًا لقداس واحتفالات عيد الميلاد المجيد 2025، داخل 9 مطرانيات أرثوذكسية، ومطرانية كاثوليكية، وكنيستين إنجيليتين، وأكثر من 950 كنيسة متنوعة، منتشرة بمدن وقرى مراكز المحافظة التسعة من العدوة شمالًا حتى دير مواس جنوبًا. وشدد المهندس حازم الأشمونى، محافظ الشرقية، على رؤساء المراكز والمدن والأحياء، بضرورة رفع درجة الاستعداد القصوى خاصة بمحيط الكنائس، ودور العبادة والأديرة، استعدادا للاحتفال بعيد الميلاد المجيد، موجهًا بتكثيف حملات النظافة بالشوارع والمتنزهات العامة، والحدائق، ورفع الإشغالات، والتأكد من إنارة أعمدة الشوارع وعملها بكفاءة، ورفع أى مخلفات متراكمة فى مناطق الاحتفالات.