من الممكن أن تسمع أحدهم يشتكى من ضيف ثقيل الظل، لكن أن تسمع من قبل عن ضيوف غرباء يطلبون البقاء تحت الضيافة إلى الأبد حتى يصبحون جزءا من تكوين مُضيفهم، فهذا ما حدث عندما بدأ محمد موكا صاحب أحد المشاتل الزراعية المتواجدة في طريق الحامول (غرب تيرا بلطيم) التابع لمحافظة كفر الشيخ استضافة سلالات غريبة من النباتات ينفرد بزراعتها وتطويرها، ليتحول مشتله إلى رقعة خضراء حاضنة لكل ما هو غريب في عالم النبات والأعشاب، ليقرر أو لتقرر النباتات غريبة الأطوار البقاء تحت رعايته بشكل دائم . «محمد موكا» ابن محافظة كفر الشيخ تحدى العديد من العقبات البيئية التي كانت تقف أمام زراعة الأنواع التي يتبنى رعايتها مثل الجوافة البلاك أو الجوافة الشيكولاتة وهى نوع يحتاج إلى بيئة زراعية مختلفة وظروف رعاية استثنائية حتى تصل إلى مرحلة الأثمار والنضج وهو ما كان يمثل تحدى كبير على صاحب المشتل العجيب الذي لم يتردد على أن ينافس نفسه ويثبت أن الكفاح والصبر بإمكانهم جلب الأزدهار في حال كان المثابر مؤمن بنفسه وبأدواته ويسير وفق نهج مدروس ومخطط ومنظم. الجوافة البلاك ليست وحدها آخر الأعضاء في مُجمع موكا الزراعي الغريب بل تمتد القائمة إلى أنواع أكثر غرابة مثل فاكهة الدراجون فروت والبرتقال الذهبى وماراكويا أو ما يطلق عليها (الباشون فروت). بالطبع نوادر النباتات كانت هي الاتجاه المسيطر على نشاط الشاب العشرينى ابن محافظة كفر الشيخ ولكنه بدأ أيضا في زراعة الأعشاب بمختلف أنواعها وهذا بجانب النباتات الطبية التي تدخل في صناعة التركيبات الدوائية وتستخدم في وصفات العلاج الشعبى ،رفقة كل ذلك كان لنبات الزينة تواجد في الساحة الخضراء العجيبة. تحولت ساحة محمد موكا إلى متحف يحتضن جمال الطبيعة ونقائها ورغم أن المشتل له أهداف تجارية ويمثل باب رزق لمحمد إلا أن العديد من أبناء المحافظة يترددون على المشتل من أجل التقاط الصور التذكارية مع النباتات الغريبة ومشاهدتها بالأضافة إلى زيارة بعض الهواة من محبى زراعة النباتات للمشتل بهدف اكتساب الخبرة وتلقى نصائح مفيدة تساعدهم في تطوير مشروعهم الزراعى وتحسينه. المشهد لا يخلو أيضا من الإنسانيات فمن المهم أن تكون دوافع الشخص نبيلة حتى يصل إلى النجاح وهذا ما يتبناه محمد الذي يًعتبر ساحته الخضراء تشارك ولو بجزء بسيط في تحسين المناخ ونشر الطبيعة الخلابة وسحرها في أرجاء مدينته وطالما ما كان الشاب صاحب النباتات الغريبة مهموم بقضية الطقس والتغيرات المناخية وكان يُمنى النفس أن يكون له دور أيجابى ولو بسيط في حل أو تخفيف تلك الأزمة العالمية. وقال محمد موكا في حوار مع "المصري اليوم": «كنت أتمنى أن أساهم في مساعدة المدينة التي أعيش فيها بشكل إيجابى ولو بقدر بسيط وهو ما جعلنى اختار ذلك الطريق وتلك الكيفية حتى يكون لى دور في نشر الطبيعة والبساطة ونقل فكرة اقتناء النباتات للجميع لعل ذلك يكون له دور فعال في تحسين حالة الطقس ولو بشكل طفيف». وأضاف: «فى المشتل نتبع طرق حديثة ونطلع على الأبحاث الزراعية ونتابع كل ما هو جديد في عالم النبات من أجل الوصول إلى أفضل درجة من الجودة خصوصا أن النباتات التي نستضيفها في المشتل لها خاصية خاصة وتحتاج إلى طقوق وطريقة معينة ومختلفة من أجل رعايتها والحفاظ عليها وسعيد جدا بسبب تسمية المشتل بالمشتل العجيب». وتابع: «أتمنى انتشار الفكرة وأن يتبناها العديد من الشباب لأن ذلك يعود بالنفع على المدينة بالكامل والنشاط الزراعى يعتبر مفيد وبعد تجارب عديدة في عالم النبات نصيحتي هي أن زراعة النباتات ليست صعبة هي فقط تحتاج إلى شغف وصبر حتى تصل إلى هدفك وبكل تأكيد النباتات أصبحت جزء من حياتى». وواصل: «فى بعض الأحيان تكون الحلول والمبادرات الفردية لها تأثير أكبر من الأصوات والخطوات الجماعية غير الجادة ،وهذا ما اثبته محمد ابن كفر الشيخ وصاحب المشتل العجيب، أن الفرد قادر على تحسين إيجابية المجموعة وجودتها وليس بالضرورة أن يكون العكس».