تحتفل محافظة الأقصر في صعيد مصر، وتحديداً في قرية الرزيقات، بعيد القديس مارجرجس «القديس جرجس» الرزيقاتي الذي يعد واحداً من أهم الأعياد المسيحية في مصر، يجذب هذا الحدث السنوي مئات الآلاف من الأقباط من مختلف أنحاء البلاد، حيث يجتمعون في أجواء من الفرح والاحتفالات الروحية في دير مارجرجس الرزيقات. يُعتبر القديس مارجرجس من أشهر قديسي المسيحية، حيث اشتهر بشجاعته وثباته في الدفاع عن إيمانه في عصر الاضطهاد الروماني، ويستمد الأقباط المصريين قوتهم الروحية من قصة هذا القديس الذي لقب ب«أمير الشهداء»، إذ يرونه نموذجاً للإيمان والصمود في حياته. يقع دير مارجرجس الرزيقات على بعد 10 كيلومترات، جنوب غرب الأقصر، ويقال إن تاريخه يعود إلى القرن الرابع الميلادي. يُعتبر الدير من أبرز المواقع المسيحية في صعيد مصر، ويستقبل على مدار السنة زواراً من كل مكان، إلا أن الأعداد تتضاعف خلال أسبوع الاحتفال بعيد القديس، وتكون أيامه مليئة بالصلوات والتسابيح التي تتعالى من الكنيسة لتغمر أرجاء الدير. كما تشمل الاحتفالات العديد من الأنشطة الروحية من بينها القداسات التي تُقام صباحاً ، ولا يقتصر العيد على الفعاليات الدينية فقط، بل تشمل الاحتفالات إقامة «الخيام» في ساحة الدير، حيث يُعدّ هذا تقليداً قديماً يحرص عليه الزوار. يتم نصب خيام كبيرة تستقبل العائلات والمجموعات القادمة من محافظات مصر المختلفة، وتتحول المنطقة إلى ملتقى كبير يعكس روح التآلف بين أفراد المجتمع القبطي. يتميز عيد مارجرجس الرزيقات بمشاهد الوحدة الوطنية والتآلف بين المسلمين والمسيحيين، إذ يشارك أهالي الأقصر من جميع الأديان في هذه الاحتفالات، سواءً بالترحيب بالزوار أو بالمساعدة في تنظيم الفعاليات. ويعكس هذا العيد، على غرار العديد من المناسبات الدينية، مدى عمق الروابط الاجتماعية والوحدة الوطنية بين المصريين. يظل العيد رمزاً للتواصل الروحي والتاريخي، يعكس قوة الإيمان وتاريخ مصر العريق. ومع كل عام، يستمر هذا العيد في إحياء الروح الطيبة بين الجميع، محوّلاً هذه البقعة من صعيد مصر إلى مكان يجمع بين الأصالة والتراث والإيمان.