مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديميترى بريجع يكتب: الأسباب الخفية وراء انتصاره الساحق فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. لماذا فاز ترامب مرة أخرى؟
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 11 - 2024

منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدا واضحًا أن فوز دونالد ترامب جاء نتاجًا لسلسلة من الأحداث التاريخية والسياسية المعقدة، التى كان لكل منها أثر مباشر أو غير مباشر فى المشهد الانتخابى، فشل الحزب الديمقراطى من جهة، ونجاح الحزب الجمهورى من جهة أخرى.
إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 لم تكن مجرد مواجهة سياسية بين حزبين أو مرشحين؛ بل كانت ساحة لمعارك أيديولوجية وصراعات قيم عميقة داخل المجتمع الأمريكى. فى هذه الانتخابات، تداخلت الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتشكل مشهدًا غير مسبوق، حيث كانت الرهانات مرتفعة جدًّا. لم يكن الحديث عن مجرد اختيار قائد للسنوات الأربع المقبلة؛ بل كان يتعلق بمستقبل البلاد وتوجهاتها على المدى البعيد.
إن فوز دونالد ترامب لم يكن نتاجًا لأحداث اللحظة فحسب؛ بل هو حصيلة مسار طويل من التوترات السياسية والاجتماعية التى تراكمت على مدى سنوات. فى هذا السياق، يمكن فهم هذا الفوز على أنه انعكاس لأزمة ثقة بين المواطن الأمريكى والمؤسسات القائمة، وهى أزمة تعمقت بفعل كثير من العوامل، من بينها فشل الحزب الديمقراطى فى تقديم رؤية مقنعة للناخبين، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التى واجهها الأمريكيون خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الشعور المتزايد بأن النظام السياسى لم يعد قادرًا على تلبية تطلعات الشعب والاستماع إليها.
لقد كانت هذه الانتخابات اختبارًا حقيقيًّا لقدرة النظام السياسى الأمريكى على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والديموغرافية الكبيرة التى شهدها المجتمع الأمريكى فى العقد الأخير. شهدت الولايات المتحدة تحولات ديموغرافية كبيرة، منها: التغير فى التركيبة السكانية، وازدياد نسبة الأقليات، وهذه التحولات فرضت تحديات جديدة على الأحزاب السياسية فى محاولتها لكسب أصوات الناخبين من المجتمعات المختلفة. بينما حاول الحزب الديمقراطى تقديم نفسه كحزب يراعى مصالح الأقليات والمهمشين، بدا واضحًا أن هذه الاستراتيجية لم تكن كافية لإقناع قاعدة كبيرة من الناخبين للتصويت، خاصة فى ظل الشعور المتزايد بأن الحزب يفتقر إلى برامج حقيقية تعالج مشكلات المواطن العادى.
من جهة أخرى، كان ترامب يجسد بنجاح فكرة القائد الذى يمكنه الوقوف فى وجه المؤسسات التقليدية، وهى الصورة التى كانت ذات جاذبية كبيرة لكثير من الأمريكيين الذين فقدوا الثقة بتلك المؤسسات. ترامب قدم نفسه بوصفه رمزًا للتمرد على النخب، واستغل المشاعر المعادية للمؤسسة ليعزز مكانته بين الناخبين الذين شعروا بأنهم متروكون خلف الركب فى ظل العولمة والتغيرات الاقتصادية السريعة. لم يكن ترامب مجرد مرشح يمثل الحزب الجمهورى، بل كان رمزًا لحركة شعبية أوسع تسعى إلى استعادة السيطرة على البلاد من النخب السياسية والاقتصادية.
إن الخطاب الشعبوى الذى اعتمده ترامب كان من أبرز الأسباب التى جعلته ينجح فى كسب تأييد كثير من الناخبين. هذا الخطاب لم يكن مجرد شعارات سياسية، بل كان تعبيرًا عن مشاعر حقيقية لدى شريحة واسعة من الأمريكيين الذين شعروا بأنهم مهمشون فى ظل النظام الحالى. تحدث ترامب بلهجة قريبة من الناس، ووعد بإعادة الوظائف الصناعية التى فقدتها البلاد، وتحدى الاتفاقيات التجارية التى يعتقد الكثيرون أنها أضرت بمصالح العمال الأمريكيين. هذه الوعود كانت كافية لجذب أصوات ملايين الناخبين الذين شعروا بأن ترامب هو القائد الذى يفهم مشكلاتهم ويمكنه تقديم حلول حقيقية لها. لقد استفاد ترامب أيضًا من الانقسامات الداخلية فى الحزب الديمقراطى؛ فبينما حاول الديمقراطيون تقديم أنفسهم كحزب موحد، كانت هناك انقسامات عميقة بين الجناح التقدمى والجناح المعتدل داخل الحزب، وهذه الانقسامات أثرت فى قدرة الحزب على تقديم رسالة موحدة وواضحة للناخبين. الجناح التقدمى كان يدفع باتجاه سياسات جريئة تتعلق بالرعاية الصحية والمناخ والعدالة الاجتماعية، فى حين كان الجناح المعتدل يحاول الحفاظ على قاعدة الناخبين التقليدية، وعدم الابتعاد كثيرًا عن الوسط. هذا الصراع الداخلى جعل من الصعب على الحزب تقديم رؤية متكاملة ومقنعة، وهو ما استفاد منه ترامب كثيرًا. بالإضافة إلى ذلك، كان لوسائل الإعلام الاجتماعية دور كبير فى نجاح ترامب، وعلى الرغم من محاولات الرقابة والتهجم الإعلامى عليه، فإنه تمكن من استخدام وسائل التواصل الاجتماعى على نحو فعال للتواصل المباشر مع الناخبين، وتقديم رسالته دون وسيط. هذا التواصل المباشر ساعد على تعزيز شعبيته، وجعله مرشحًا قريبًا من الناس، يستطيع الوصول إلى قلوبهم وعقولهم دون قيود الإعلام التقليدى. كما أن استخدامه منصات مثل تويتر جعله شخصية حاضرة دائمًا فى الوعى الجماعى، قادرًا على توجيه الرأى العام، وتحديد النقاشات السياسية.
لم يكن فوز ترامب نتيجة لظروف سياسية فقط، بل إن الأحداث الطبيعية، مثل الإعصار الذى ضرب الولايات المتحدة قبل الانتخابات، كان له دور أيضًا فى تعزيز صورته كقائد قوى يستطيع التعامل مع الأزمات. وبينما كان الحزب الديمقراطى يحاول التعامل مع تأثيرات هذه الكارثة، كان ترامب يستغل الفرصة ليظهر بمظهر القائد الذى يمكنه إدارة الأزمات وحماية الشعب. إن قدرة ترامب على تحويل الأزمات إلى فرص عززت شعبيته بين الناخبين، وجعلته يبدو كالشخص الذى يمكن الوثوق به فى أوقات الشدة.
إن نجاح ترامب فى الانتخابات يعكس أيضًا تحولًا فى الثقافة السياسية الأمريكية؛ فقد أصبح الناخبون أكثر انجذابًا للخطابات المباشرة والصريحة، وبدأوا يفقدون الثقة فى الخطابات السياسية التقليدية التى تعتمد على الدبلوماسية والاعتدال. ترامب قدم خطابًا غير تقليدى، مملوءًا بالتحدى والمواجهة، وهذا ما جعله يجذب أولئك الذين يرون فى السياسة التقليدية وسيلة لخدمة النخب فقط. هذا التحول الثقافى يعكس رغبة الشعب الأمريكى فى قيادة قوية ومباشرة، تستطيع اتخاذ قرارات جريئة، دون الخوف من التداعيات السياسية.
أولًا- أسباب فشل الحزب الديمقراطى
الكذب على الشعب الأمريكى بخصوص صحة جو بايدن
من اللحظات الأولى لبدء حملة جو بايدن الانتخابية، كان هناك نوع من الخداع فيما يتعلق بصحته وقدرته على أداء مهامه كرئيس. ورغم محاولات الإعلام تغطية الوضع الحقيقى لصحة بايدن، فإن الجمهور الأمريكى بدأ يشعر بالقلق، وخاصةً بعد تحضيره المطوّل لمناظرات الرئاسة التى انتهت بأداء غير مرضٍ. بدا للجميع أن بايدن ليس على مستوى التحدى، وأن الحملة كانت تبذل جهدًا غير عادى لتقديمه كرجلٍ قوى، فى حين أن الواقع كان عكس ذلك تمامًا. هذا الأمر تسبب فى فقدان الثقة لدى جزء كبير من الناخبين، الذين شعروا بأن الحزب الديمقراطى يخفى الحقائق، ولا يقدم الصورة الحقيقية.
الانقلاب على الديمقراطية وإزاحة بايدن بطريقة غير ديمقراطية
من الأخطاء الاستراتيجية الفادحة التى ارتكبها الحزب الديمقراطى محاولة تقديم نائبة الرئيس كمالا هاريس فى لحظات حساسة، وعلى نحو بدا غير ديمقراطى. كانت هناك إشارات لتهميش دور بايدن، وتقديم هاريس كقائدة مستقبلية؛ مما أدى إلى انقسام داخل صفوف الديمقراطيين، خلق حالة من عدم الثقة بين مؤيدى الحزب، وبدلًا من تقوية الجبهة الداخلية، تسبب فى خلل أثّر فى صورة الحزب فى نظر الناخبين. بالإضافة إلى ذلك، فإن محاولة فرض هاريس كخليفة لبايدن، دون إجراء عمليات ديمقراطية واضحة، أعطت انطباعًا بأن الحزب لا يحترم إرادة الشعب.
غياب الأجندة الحقيقية والتركيز على مهاجمة ترامب
فى حملته الانتخابية، بدا أن الحزب الديمقراطى لم يمتلك أجندة واضحة المعالم تتعلق بمستقبل البلاد، بل اكتفى بمهاجمة ترامب باستمرار. هذه الاستراتيجية كانت كارثية، حيث رأى الناخب الأمريكى أن التركيز على انتقاد ترامب دون تقديم حلول عملية لمشكلات البلاد لا يسهم فى تحسين الأوضاع. الشعب الأمريكى بحاجة إلى رؤية واضحة لمستقبل البلاد، وليس مجرد انتقادات فارغة. هذا الفشل فى تقديم رؤية واضحة ترك فراغًا استغله ترامب ليظهر بمظهر القائد الذى يمتلك الحلول. وقد أضاف التركيز على المهاجمة المستمرة لترامب بعدًا سلبيًّا، إذ شعر الشعب بأن الديمقراطيين يفتقرون إلى الابتكار والاستراتيجية.
ضعف برنامج هاريس والقرارات المتعلقة بالهجرة
لم تكن برامج كمالا هاريس المدروسة كافية لإقناع الناخبين بأنها الخيار المناسب، خاصةً فيما يتعلق بالسياسات المتعلقة بالهجرة والاقتصاد. كان هناك نوع من الضبابية فى القرارات، وكان من الواضح أن الديمقراطيين لم يولوا اهتمامًا كافيًا بشمال البلاد، ولم يعطوا الشباب أى فرصة حقيقية للتعبير عن أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، كان اختيار هاريس نائبةً للرئيس مع عُمرها الكبير قرارًا غير مدروس جيدًا. فالمواطنون كانوا يبحثون عن وجوه جديدة، وطاقة شابة قادرة على إحداث تغيير حقيقى. هذه السياسات المتعلقة بالهجرة، التى كانت تفتقر إلى الوضوح، جعلت كثيرًا من الناخبين يشعرون بأن الحزب الديمقراطى بعيد عن مشكلاتهم الفعلية، ولا يفهم احتياجاتهم.
إهمال الاستثمار فى الشمال وعدم إشراك الشباب
أحد الأسباب الرئيسة فى فشل الحزب الديمقراطى كان عدم استثماره جيدًا فى ولايات الشمال، التى تعد مناطق حيوية وحاسمة فى الانتخابات. هذا الإهمال جعل الحزب يبدو وكأنه فقد الاتصال بتلك المناطق وبسكانها. بالإضافة إلى ذلك، لم يُعطَ الشباب أى فرصة حقيقية للمشاركة فى صنع القرار. اختيار هاريس، التى كانت كبيرة فى السن نسبيًّا، أظهر نقصًا فى التنوع العمرى فى القيادة الديمقراطية؛ مما أدى إلى فقدان الثقة بين الناخبين الشباب الذين كانوا يتطلعون إلى رؤية وجوه جديدة.
ثانيًا- نجاحات الحزب الجمهورى
شخصية ترامب: رمز المقاومة
أدت شخصية دونالد ترامب دورًا حاسمًا فى نجاح الحزب الجمهورى؛ فرغم الهجمات المتواصلة على صورته، أظهر نفسه كالرئيس المستهدف الذى تعرض لمحاولات مستمرة للإطاحة به. هذه السردية، التى روج لها ترامب بمهارة، جعلته رمزًا للضحية فى مواجهة الدولة العميقة؛ مما أثار تعاطف قطاع عريض من الشعب. ترامب لم يكن مجرد مرشح، بل كان رمزًا للتحدى والمقاومة، وهذا ما جعله قريبًا من قلوب الكثيرين الذين شعروا بأنهم أيضًا ضحايا للنظام.
محاولة الإطاحة به وتصاعد الدعم الشعبى
المحاولات الكثيرة للإطاحة بترامب من منصبه خلال فترة رئاسته الأولى، خلقت انطباعًا لدى الناس بأنه رئيس يتحدى النظام القائم؛ مما ساعد على زيادة شعبيته. الشعب الأمريكى يميل بطبيعته إلى دعم من يظهر أنه يقف فى وجه السلطة القائمة، وترامب أدى هذا الدور ببراعة. هذا الشعور بالتحدى والمواجهة جذب إليه فئة كبيرة من الناخبين الذين يرون أن النظام القائم فشل فى تحقيق طموحاتهم.
التهجم الإعلامى والرقابة على ترامب
تعرض ترامب لهجمات شرسة من الإعلام، وأزيل من كثير من المنصات الاجتماعية، وهو ما فسره جزء كبير من الشعب الأمريكى على أنه عمل غير قانونى، ومساس بحرية التعبير، مما زاد من تعاطف الناس معه. تصوير ترامب على أنه الضحية أعطاه دفعة قوية، وأظهر الحزب الجمهورى مظلومًا فى وجه قوى تحاول تقييده. الشعب الأمريكى يقدّر حرية التعبير، وعندما شعر بأن تلك الحرية تتعرض للتهديد، تحول هذا الشعور إلى دعم لترامب بوصفه رمزًا للحرية والمقاومة.
محاولة اغتيال ترامب ودعم الشعب له
محاولات الاغتيال التى تعرض لها ترامب دفعت الناس إلى الاعتقاد بأنه مستهدف من الدولة العميقة؛ مما عزز شعورهم بالولاء له. تحدث ترامب باستمرار عن الحاجة إلى حل المشكلات الاقتصادية، واستطاع إقناع الشعب بأن لديه الحلول المناسبة لإنقاذ الاقتصاد الوطنى، وتلك المحاولات التى استهدفته جعلت الناخبين يشعرون بأن ترمب يقف فى وجه قوى خفية، وأنه يستحق دعمهم لحماية البلاد من تلك القوى.
دخول إيلون ماسك وجى دى فانس على الخط
فى اللحظات الحرجة من الحملة الانتخابية، دخل إيلون ماسك داعمًا للحزب الجمهورى، حيث سمح باستخدام منصته للتعبير عن آرائهم، مما أعطاهم متنفسًا جديدًا. كان لوجود شخصيات طموحة مثل جى دى فانس أيضًا تأثير كبير، حيث أضافت ديناميكية جديدة للحملة، ودفعت بالأمل إلى مزيد من الانتصارات. إيلون ماسك، بشخصيته المؤثرة ورؤيته المستقبلية، أعطى الجمهوريين زخمًا قويًّا، وجعل الكثيرين يشعرون بأن دعم ترامب هو دعم للتقدم والابتكار.
الكوارث الطبيعية وتأثيرها فى الناخبين
لم يكن توقيت الإعصار الذى ضرب أمريكا فى صالح الحزب الديمقراطى. بل بالعكس، استطاع ترامب استغلال الأزمة ليثبت أنه القائد القادر على التعامل مع الكوارث الطبيعية، وحشد الدعم الشعبى؛ مما أعطى دفعة إضافية لحملته. الشعب الأمريكى يبحث دائمًا عن القائد القوى الذى يستطيع مواجهة التحديات والكوارث، وترامب أظهر نفسه كالشخص الذى يمكنه قيادة البلاد فى أوقات الأزمات.
التركيز على القضايا الاقتصادية
ركز ترامب كثيرًا على القضايا الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بفرص العمل والنمو الاقتصادى. استطاع أن يقنع الشعب بأنه يمتلك الحلول اللازمة لإنعاش الاقتصاد وزيادة فرص العمل. وفى حين كان الديمقراطيون يركزون على مهاجمة ترامب، كان هو يقدم وعودًا واضحة لحل المشكلات الاقتصادية، وهذا ما جعل الكثيرين يرونه الخيار الأفضل لقيادة البلاد فى هذه المرحلة الحرجة.
استراتيجية التواصل المباشر مع الناخبين
اعتمد ترامب على استراتيجية التواصل المباشر مع الناخبين، سواء عبر التجمعات الجماهيرية، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعى. هذا الأسلوب جعله قريبًا من الناس، وجعلهم يشعرون بأنهم جزء من حملته. وعلى الرغم من محاولات الرقابة، استطاع ترامب أن يجد طرقًا للتواصل مع قاعدته الشعبية؛ مما عزز ولاءهم له.
الخاتمة
فى الختام، يمكن القول إن فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية لم يكن مصادفة؛ بل كان نتيجة لعوامل متعددة تتراوح بين فشل استراتيجيات الحزب الديمقراطى ونجاح حملات الحزب الجمهورى التى ركزت على تقديم ترامب كقائد قوى ومستهدف من جانب القوى التقليدية. وبينما اختار الديمقراطيون مهاجمة ترامب دون تقديم حلول عملية، تمكن ترامب من إقناع الشعب الأمريكى بأنه الوحيد القادر على مواجهة التحديات، وحل المشكلات الاقتصادية.
إن لعبة السياسة الأمريكية لم تكن يومًا بسيطة؛ بل هى خليط من المراوغات والتلاعب بالعواطف والتوجهات. فى هذه الانتخابات، كان ترامب هو من لعب اللعبة على نحو أفضل، مستخدمًا كل ما لديه من كاريزما وخطاب مباشر ليقنع الشعب بأنه يستحق فرصة أخرى لقيادة البلاد.
نجح ترامب فى تحويل نقاط ضعفه إلى نقاط قوة، واستطاع أن يقنع جزءًا كبيرًا من الشعب الأمريكى بأنه القائد المناسب لتلك المرحلة. وبينما فقد الديمقراطيون التركيز، وفشلوا فى تقديم رؤية واضحة، استفاد ترامب من كل فرصة ليثبت أنه الرجل المناسب للمهمة. إن النجاح فى السياسة لا يتعلق فقط بالمواقف والقرارات، بل أيضًا بالقدرة على التأثير فى مشاعر الناس وإقناعهم بأنك القائد الذى يمكنهم الوثوق به. وفى هذه النقطة، كان ترامب هو الفائز بلا منازع.
* باحث ومدير وحدة الدراسات الروسية فى مركز الدراسات العربية الأوراسية
ينشر بالتعاون مع مركز الدراسات العربية الأوراسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.