هيئة المناخ الأوروبية: عام 2024 سيكون الأكثر دفئًا في العالم على الإطلاق

أصدرت هيئة المناخ الأوروبية «كوبرنيكوس»، توقعاتها بأن عام 2024، -وهو العام الذي يتخلله موجات حر شديدة وعواصف مميتة-، سيكون الأكثر دفئًا في العالم على الإطلاق، وذلك في بيان لها.
ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية المتوسطة على مدار العام بمقدار يزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات «ما قبل الصناعة»، وهو ما يجعل عام 2024 أول عام تقويمي يخترق هذا «الرقم الرمزي».
ويشير مصطلح «ما قبل الصناعة» إلى الفترة المرجعية الممتدة من عام 1850 إلى عام 1900، والتي تعادل تقريبًا الوقت الذي سبق بدء البشر في تسخين الكوكب بشكل كبير، على سبيل المثال عن طريق حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري.
وبحسب تقرير ل«BBC»، فإن درجات الحرارة المرتفعة هذا العام، تعود في المقام الأول إلى تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان، مع مساهمات أصغر من العوامل الطبيعية مثل نمط الطقس «نينيو».
ويقول العلماء إن هذا ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار قبل مؤتمر المناخ التابع للأمم المتحدة،«COP29»، المقرر عقده في أذربيجان، الأسبوع المقبل.
جرس إنذار لقمة المناخ «COP29»
قالت ليز بنتلي، الرئيسة التنفيذية للجمعية الملكية للأرصاد الجوية: «إن هذا السجل الأخير يرسل تحذيرًا قويًا آخر للحكومات في مؤتمر المناخ (COP29)، بشأن الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات للحد من أي ارتفاع إضافي في درجات الحرارة».
وكانت درجات الحرارة العالمية مرتفعة للغاية خلال الأشهر ال10 الأولى من عام 2024 لدرجة أن انخفاضًا حادًا غير معقول في الشهرين الأخيرين فقط من شأنه أن يمنع تسجيل رقم قياسي جديد.
وفي الواقع، من المرجح أن ينتهي الأمر في عام 2024 إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.55 درجة مئوية على الأقل عن أوقات ما قبل الصناعة، وفقًا لبيانات خدمة «كوبرنيكوس» الأوروبية لتغير المناخ.
ويعني التوقع أن عام 2024، قد يتجاوز الرقم القياسي الحالي البالغ 1.48 درجة مئوية، والذي تم تسجيله العام الماضي فقط، حيث اعتبرت سامانثا بورجيس، نائبة مدير برنامج كوبرنيكوس: «يمثل هذا منعطف جديدًا في سجلات درجات الحرارة العالمية».
وسوف يمثل هذا أيضًا المرة الأولى التي يتجاوز فيها عام تقويمي ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، وفقًا لبيانات «كوبرنيكوس».
وسيكون هذا رمزيًا، لأن ما يقرب من 200 دولة تعهدت بمحاولة الحد من ارتفاع درجات الحرارة على المدى الطويل إلى هذا المستوى بموجب اتفاق «باريس للمناخ» في عام 2015، على أمل تجنب بعض أسوأ تأثيرات تغير المناخ.
توقعات بارتفاع الحرارة لأكثر من 3 درجات هذا القرن
وكل تجاوز لمدة عام، يجعل العالم أقرب إلى تجاوز علامة 1.5 درجة مئوية في الأمد البعيد، إذ حذرت الأمم المتحدة، الشهر الماضي، من أن العالم قد ترتفع درجة حرارته بأكثر من 3 درجات مئوية هذا القرن استنادًا إلى السياسات الحالية.
وتعززت درجات الحرارة في أوائل عام 2024 بفضل نمط الطقس الطبيعي المعروف باسم «النينيو»، حيث تكون المياه السطحية في شرق المحيط الهادئ الاستوائي أكثر دفئًا من المعتاد، مما يؤدي إلى إطلاق حرارة إضافية في الغلاف الجوي.
و«النينيو» هي ظاهرة مناخية واسعة النطاق تحدث بشكل طبيعي وتنطوي على تقلب درجات حرارة المحيطات في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب التغيرات التي تطرأ على الغلاف الجوي العلوي.
وتتسم بفترة ترتفع فيها درجة حرارة سطح البحر وما يترتب على ذلك من كبت للمياه الباردة الغنية بالمغذيات التي تصل إلى السطح قبالة سواحل بيرو وإكوادور، والتي تستمر عادة ما بين 12 و18 شهرًا.
وبدأت هذه المرحلة الأخيرة من ظاهرة النينيو في منتصف عام 2023 وانتهت تقريبا في أبريل 2024، لكن درجات الحرارة ظلت مرتفعة بشكل «عنيد»منذ ذلك الحين، بحسب BBC.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، سجلت درجات الحرارة المتوسطة العالمية أرقامًا قياسية جديدة لهذا الوقت من العام كل يوم، وفقا لبيانات «كوبرنيكوس».
ويتوقع العديد من العلماء أن تتطور قريبًا المرحلة المعاكسة الأكثر برودة، وهي ظاهرة ال«نينا»، ومن المفترض من الناحية النظرية أن يؤدي هذا إلى انخفاض مؤقت في درجات الحرارة العالمية في العام المقبل، وإن كان من غير المؤكد على وجه التحديد كيف ستسير الأمور.
ويقول إيد هوكينز، أستاذ علوم المناخ بجامعة ريدينج: «سنتابع باهتمام ما سيحدث حتى عام 2025 وما بعده».
تتسم ظاهرة «النينيا»، بفترة من درجات حرارة سطح البحر تكون أبرد من المتوسط في وسط وشرق المحيط الهادئ وباشتداد الرياح السطحية السائدة من الشرق إلى الغرب، حيث تميل تأثيرات ظاهرة «النينيا»إلى أن تكون معاكسة لتأثيرات ظاهرة النينيو، مع درجات حرارة عالمية أكثر برودة.
نتائج ارتفاع الحرارة
ولكن مع استمرار ارتفاع مستويات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي بسرعة، يحذر العلماء من أن الأمر لن يكون سوى مسألة وقت قبل تسجيل أرقام قياسية جديدة.
وأوضح هوكينز: «أن ارتفاع درجات الحرارة يجعل العواصف أكثر شدة، وموجات الحر أكثر سخونة، والأمطار الغزيرة أكثر تطرفًا، مع عواقب واضحة للناس في جميع أنحاء العالم».
وتابع: «إن استقرار درجات الحرارة العالمية من خلال الوصول إلى انبعاثات صفرية صافية هو السبيل الوحيد للتوقف عن إضافة تكاليف هذه الكوارث».