تكنولوجيا ولدت من عقل مصري.. حاتم زغلول يكشف كيف توصل لاختراع «الواي فاي»؟ (حوار)

هل تصورت أن «الواي فاي»، هذه التكنولوجيا التي لا نتخيل يومنا دونها، ولدت من عقل مصري. حاتم زغلول، المخترع الذي غير قواعد اللعبة في عالم الاتصالات اللاسلكية قبل ثلاثين عامًا، يكشف لنا في حوار خاص ل «المصري اليوم» عن القصة الكاملة لهذا الاختراع وكيف أصبح محركًا للثورة التقنية العالمية.
وفي عالم يشهد تطورات تكنولوجية متسارعة، برز اسم حاتم زغلول كواحد من أهم رواد الابتكار بالعالم.
بدايات الشغف من إمبابة للعالمية
بدأ الدكتور حاتم زغلول حديثه لنا مسترجعًا طفولته في مصر قائلًا: نشأتي كانت في إمبابة، وبالتحديد في مدينة التحرير. كانت أيامًا جميلة، وعشت طفولتي وسط الأصدقاء والعائلة. بدأ شغفي بالعلوم يظهر بوضوح في المرحلة الإعدادية. وكانت هناك خطوة مميزة عندما خصصوا لنا فصلًا للمتفوقين في مدرسة إمبابة الإعدادية. هذا الجو التعليمي كان حافزًا كبيرًا لنا، وبدأنا نقوم بابتكارات بسيطة، مثل الراديوهات الصغيرة."
ويتابع «زغلول»، عندما التحقت بمدرسة الأورمان الثانوية في الدقي، اكتشفت مادة جديدة، وهي الرياضيات الحديثة، التي تفوقت فيها بشكل غير عادي. لدرجة أن المُدرسين كانوا يحدثوني بأننا لا نحتاج لرقم جلوسك كي نعرف ورقتك، فمن أسلوبي كانوا يتعرفون على الورقة.
هذا التفوق ساعد العالم المصري في دخول كلية الهندسة بجامعة القاهرة ليتابع قائلًا: كنت من أوائل الدفعات طيلة السنوات الخمس رغم أن حلمي كان الالتحاق بكلية العلوم. وبعد انتهائي من دراسة الهندسة، التحقت بالفعل بكلية العلوم في قسم الرياضيات التطبيقية بجامعة عين شمس."
البداية في مجال الاتصالات اللاسلكية
وعن تطوره الدراسي يقول: بعد انتهاء خدمتي العسكرية، عملت في إحدى شركات خدمات البترول، وسافرت مع الشركة إلى أوروبا لمدة ثلاث سنوات. هناك بدأت أدرس مجالات جديدة في الموجات الكهرومغناطيسية والميكروويف، وبدأت في مزج دراستي في الاتصالات بتطبيقات الموجات الكهرومغناطيسية، وهذا التوجه كان بداية طريقي نحو التميز في مجال الاتصالات اللاسلكية.
من الهندسة إلى العلوم رسم العالم المصري حاتم زغلول طريقه
بعد إنهاء دراسته في الهندسة، قرر زغلول أن يلتحق بكلية العلوم لدراسة الرياضيات التطبيقية في جامعة عين شمس. وبعد فترة الخدمة العسكرية، عمل في شركة بترول حيث تم إرساله للعمل في أوروبا، وهناك بدأ مشواره نحو الابتكار.
انطلاقة جديدة في كندا
انتقل زغلول إلى كندا حيث بدأ دراسة الموجات الكهرومغناطيسية وتطبيقاتها في الاتصالات اللاسلكية. ويتابع زغلول حديثه قائلًا: "عندما بدأت العمل في كندا، ربطت بين دراستي في مصر للهندسة وبين الموجات الكهرومغناطيسية، ومنها بدأت أرى إمكانيات هائلة في تحسين الاتصالات اللاسلكية." هذه الفكرة كانت البداية لتغيير كبير في عالم التكنولوجيا.
رحلة اكتشاف الجيل الثاني وابتكار الواي فاي
لم تتوقف إنجازات زغلول عند الواي فاي، فقد كُلّف في كندا بتطوير أبحاث الجيل الثالث من شبكات الهواتف. "الجيل الأول كان يسهل التنصت عليه، والجيل الثاني كان عبارة عن تطور رقمي، لكن كان التحدي الحقيقي هو إنشاء جيل جديد من الاتصالات أكثر كفاءة وأماناً. وهو ما بُني عليه شبكات الجيل الرابع والخامس التي نشهدها اليوم".
فيضيف: عملنا جاهدين على تطوير حلول لعدة مشكلات، ولم نكن نعلم أننا بصدد ابتكار تقنية ستصبح أساس الاتصالات السريعة عالميًا. بعد عدة تجارب، نجحنا في ابتكار تقنية نقل البيانات لاسلكيًا، وهي ما نعرفها اليوم ب«الواي فاي». في البداية، عرضنا الابتكار على 60 شركة كبرى، لكن ثلاثة منها فقط أبدت اهتمامًا مبدئيًا."
وعنها يقول « زغلول»، أحبطنا جدًا حينها وتمنينا لو بعنا الفكرة حتى ب 10 آلاف دولار.
التحديات والنجاحات
«في هذا التوقيت رجل أعمال كندي نصحنا بضرورة تقديم نموذج عملي للفكرة بدلًا من الاكتفاء بالتصور النظري»، قالها «زغلول»، واصفًا أبرز التحديات التي وقفت أمامهم، فعرض عليهم 5 ملايين دولار لشراء المشروع، بشرط أن يثبتوا قدرتهم على تطبيق الفكرة. وبالفعل نجحوا في إنتاج نموذج نهائي خلال تسعة أشهر. في أكتوبر 1993، ليقدموا أول نموذج فعال للواي فاي، مما شكل نقطة تحول في مسيرتهم.
مُتابعًا : عندما صنعنا أول نموذج كان قادرًا على نقل 20 مليون معلومة في الثانية، وهو إنجاز ضخم في وقته. بعد تقديم النموذج الأولي، بدأت الشركات الكبرى مثل إنتل تهتم بتصغير حجم الجهاز ليصبح جزءًا من الكمبيوتر. وهنا واجهنا تحديات كبيرة لتصغير الحجم، وبحلول عام 1997، تمكنا من تحويله إلى كارت يمكن تركيبه داخل جهاز الكمبيوتر."
ويختم حديثه قائلاً: "اختراع الواي فاي لم يكن مجرد تقدم تقني، بل كان تغييرًا جذريًا في طريقة تواصل العالم، ولهذا أعتقد أن ما فعلناه في هذا المجال كان يعادل اختراع الهاتف.