كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في يونيو الماضي، عن أحدث بيانات الصادرات العسكرية لتل أبيب، والتي سجلت رقمًا قياسياً في عام 2023، حيث بلغت 49 مليار شيكل (أكثر من 13 مليار دولار)، حيث تصدرت مبيعات المنظومات الجوية قائمة الصادرات العسكرية الإسرائيلية بنسبة 36% من إجمالي الصادرات، مقارنة ب19% في عام 2022، وفق ما أفاد المحلل السياسي محمد منصور، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. وأضاف منصور في تصريحات ل«المصري اليوم»، أن أنظمة الرادارات والصواريخ جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 11% لكل منهما، تلتها أنظمة الطيران الإلكترونية، والذخائر الخفيفة والمتوسطة، والمركبات والمدرعات، بالإضافة إلى أنظمة الاستخبارات والسايبر، والطائرات والمروحيات المسيرة، وأنظمة الاتصالات، والأقمار الصناعية، والأنظمة البحرية. وأشار إلى أنه رغم الارتفاع الظاهري في الصادرات العسكرية الإسرائيلية، إلا أن هناك تغيرات مهمة طرأت عليها، ففي عام 2022، كانت الطائرات المسيرة تتصدر الصادرات العسكرية بنسبة 25%، لكنها تراجعت في عام 2023، لتحل محلها الأنظمة الجوية التي ارتفعت نسبتها إلى 36% من إجمالي الصفقات، بزيادة تقدر بنحو 17% عن عام 2022، مضيفا: أن الدول الشرق أوسطية المنضوية تحت «الاتفاقات الإبراهيمية» كانت قد حصلت على عقود تسليحية بقيمة 2.962 مليار دولار في عام 2022، ما يمثل 24% من إجمالي الصادرات العسكرية الإسرائيلية، مما جعلها تحتل المركز الثاني في قائمة الدول المستوردة. لكن في عام 2023، تراجعت هذه الدول إلى ذيل القائمة بنسبة 3% فقط من إجمالي الصادرات، بينما تصدرت الدول الآسيوية القائمة بنسبة 48% من مجمل الصادرات، مقارنة ب 30% في عام 2022. وأشار منصور، إلى أن الدول الأوروبية شهدت تراجعاً في ترتيبها رغم ارتفاع نسبة الصادرات إليها، ففي عام 2022، بلغت قيمة العقود مع الدول الأوروبية 3.67 مليار دولار، ما يمثل 29% من إجمالي الصادرات، ورغم ارتفاع هذه النسبة إلى 35% في عام 2023، إلا أن الدول الأوروبية احتلت المركز الثاني في قائمة المستوردين. وأوضح الباحث بالمركز المصري، أن برلين لعبت دورًا محوريًا في زيادة حجم الصادرات العسكرية الإسرائيلية لعام 2023. جاء ذلك من خلال الصفقة القياسية التي وقعتها ألمانيا في أغسطس 2023، بقيمة 3.5 مليار دولار، لشراء منظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى «حيتس-3». تضمنت الصفقة دفعة أولية بقيمة 600 مليون دولار لبدء الإنتاج، مع توقعات بتسليم المنظومة في الربع الأخير من العام المقبل. ولفت إلى أن هذا الارتفاع في الصادرات العسكرية الإسرائيلية لا يعكس بالضرورة تطورًا محوريًا في الصناعة العسكرية بقدر ما يرتبط بعوامل سياسية، وأوضح أن الجزء الأكبر من الصفقات تم قبل أكتوبر الماضي، متابعا: أن العديد من الدول بدأت في تقليص العلاقات العسكرية العلنية مع إسرائيل، بما في ذلك بعض الدول الأوروبية، وعلى سبيل المثال، منعت فرنسا في يونيو الماضي الشركات الإسرائيلية من المشاركة في المعرض الدفاعي الأوروبي «يوروساتوري»، بينما حاولت بعض الدول الأوروبية، مثل إسبانيا، إخفاء تعاقداتها على الأسلحة الإسرائيلية عن الأوساط الشعبية والسياسية الداخلية. واستطرد: أن تل أبيب رفعت بشكل كبير من وارداتها من الأسلحة والذخائر، رغم الصعوبات التي واجهتها بسبب التوجهات الشعبية والسياسية في الدول المصدرة، الرافضة للحرب على قطاع غزة والداعمة لتحجيم التعاون العسكري مع إسرائيل، متابعا: أن الأشهر الأخيرة كشفت عن أن معظم الدول التي استمرت في توريد الأسلحة والذخائر لإسرائيل حاولت إخفاء هذا الوضع على المستوى الداخلي، وتم ذلك عبر تزويد إسرائيل بالأسلحة من خلال دول ثالثة وبموجب صفقات غير معلنة تجريها شركات دفاعية خاصة. وشدد منصور، على أن العلاقات العسكرية بين نيودلهي وتل أبيب شهدت تطورًا ملحوظًا، حتى وقت قريب، لم يكن مدى التعاون بين الهند وإسرائيل في مجال التصنيع العسكري واضحًا. ومع ذلك، بدأت نيودلهي في تزويد الجيش الإسرائيلي بقذائف مدفعية وأسلحة خفيفة وطائرات مسيرة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة. ومن بين هذه المعدات العسكرية، طائرات مسيرة من نوع «هيرميس-900»، التي تُصنع محليًا في مصنع بمدينة حيدر آباد، وكان الهدف الأساسي من إنشاء هذا المصنع هو تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الهندية لتوطين الصناعات العسكرية، ومع ذلك، قامت نيودلهي بتحويل 20 طائرة من إنتاج هذا المصنع إلى الجيش الإسرائيلي لسد النقص في وسائط الاستطلاع الجوي، خاصة بعد خسارة خمس طائرات مسيرة من نوعي «هيرميس-450» و«هيرميس-900» في جبهة لبنان. وأن اللافت في هذا السياق لم يكن فقط توريد معدات عسكرية من الهند إلى إسرائيل، بل أيضاً لجوء إسرائيل إلى تنويع مصادر تزويدها بالذخائر من الخارج. جاء ذلك بعد توجيهات أصدرها مؤخرًا مدير عام وزارة الأمن الإسرائيلية، اللواء احتياط إيال زمير، تقضي بتوسيع الهوامش المتاحة أمام استيراد الذخائر والأسلحة من الدول الحليفة كافة، بهدف تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للجيش الإسرائيلي. وأوضح: أن هذه التوجيهات تشمل توسيع خطوط إنتاج الذخيرة والبحث عن حلول مشتركة مع هذه الدول لتصنيع وإنتاج الصواريخ والقنابل الدقيقة. جاءت هذه الخطوة ردًا على ما لمسته تل أبيب من "تباطؤ" في غالبية شحنات الأسلحة من الولاياتالمتحدة إلى إسرائيل خلال الأشهر الماضية، مضيفا: أن تداعيات الموقف الميداني الحالي في قطاع غزةوجنوبلبنان دفعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلى محاولة الموازنة بين مواجهة احتمال فرض حظر رسمي أو غير رسمي على تصدير الأسلحة إليها، وبين فتح أسواق جديدة لمنتجاتها العسكرية. وأشار إلى أن هذا التوجه جاء نتيجة لعدة عوامل، أبرزها قرار محكمة العدل الدولية بإلزام إسرائيل اتخاذ إجراءات مؤقتة لمنع أعمال الإبادة الجماعية. في الوقت نفسه، تسعى تل أبيب لاستغلال المستجدات الإقليمية والدولية لتسويق منتجاتها العسكرية، خاصة في مجالات القدرات الجوية والتقنيات الرادارية والإلكترونية. وتركز إسرائيل في تسويق هذه المنتجات على مناطق جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى أوروبا الشرقية التي تشهد سباق تسلح متصاعد بسبب الوضع الحالي في أوكرانيا.