تشغلنى حالة بعض المنتمين إلى النظام، مثل الدكتور مصطفى الفقى والدكتور حسام بدراوى، فكلاهما وجهان مقبولان للجميع، بمن فيهم تيارات المعارضة والقوى السياسية الأخرى، فالناظر إلى الصورة من بعيد، بعيدا عن الولوج إلى تفاصيل الأشياء، يدرك أن الصورة يلزمها أن تكتمل بهؤلاء، وهنا تثور تساؤلات عن الرغبة والإرادة، وكيف يكون الشخص منتمياً وغير منتمٍ؟ وكيف يخرج عن التزامه الحزبى لدغدغة مشاعر الجماهير والتيارات المختلفة مع «حزب الحاكم»؟ كيف يُنتقد النظام من رجاله؟ وغيرها من أسئلة الإيضاح والاستيضاح. الممارسة الديمقراطية فى مصر عفنة، فنحن مازلنا نعيش أجواء الشمولية التى ساهم فيها بشكل أو بآخر المواطن الذى صاغ فى حياته عقدا بينه وبين الحاكم، بأن يمنحه تفويضا أبديا للاستبداد، فى مقابل ألا يمس عيشه وحياته ورغباته وشهواته. وفى ظل هذه الحالة، وهذا العقد غير المكتوب، لابد أن ننظر إلى ثنائية «الفقى وبدراوى» على أنها تلوين لصورة حالكة السواد، وإكسسوارات ومكياج لامرأة قبيحة، ودبوس ذهبى على سترة ممزقة مقطعة الجيوب، وقفازات حريرية ليد ملأتها الشقوق، وأعضاء «سيليكون» لعجوز شمطاء، ومساحيق تجميل مثل ما تضعه نجمات الماضى عند عودتهن إلى التمثيل، وتعديل دستورى يماثل تعديل المادة 76. «الفقى وبدراوى» حالة تحتاج إلى إحالة لمحاكم الفهم والإدراك لتلابيب وطن اعتزله مواطنوه وتركوه فى العراء، لرجال جمعوا بين المال والسلطة، يتناوبون اغتصابه بشعارات براقة عن الانتماء والوطنية والتنمية ورعاية محدودى الدخل وآفاق المستقبل وغيرها من الكلمات التى لا تعنى شيئا سوى خدمة الحسابات البنكية والنفوذ والسطوة. يسألونك عن الفقى قل إنه مفكر كبير قدير، يجيد صناعة الأفكار ويمنح مستمعيه متعة ذهنية راقية، يحدثك عن الإصلاح والتغيير والفساد ويبحر بك فى عوالم الديمقراطية، لكنه يعود بك من بحاره ظامئاً، يسقيك كؤوس الهواء ويسكرك بخمر فصاحته، ويجول بك وديان وسهول الكلام لتكتشف بعدها أنك فى كهف مظلم. يجيد الحلول اللغوية لمشكلاتنا، ويرى فى قرارة نفسه خداع الأفكار والرؤى، ويصم أذنيه عن أحاديث الإفك التى تنزع الكراسى من تحت مؤخرات أصحابها، يحلّق أحيانا فى السماء بآراء جريئة، وبطريقة «لف وارجع تانى» يعود إلى حظيرة التحفظ الدبلوماسى. «حسام بدراوى» يخجلك بدماثة خلقه، ويبهرك بأداء مسرحى فى علاقته بالشخصيات التى يعتبرها النظام من «الأشقياء»، ينتقد ويحاور ويناور فى ملفات عدة، يتحدث عن الصحة بشياكة طبيب، وبعصا معلم يلهب ظهور القائمين على إدارة العملية التعليمية، وبلسان النزاهة يحكى عن الفساد، الوزارة هى التطور الطبيعى لمسيرته الحياتية، ورغم ذلك لم يقف «الأسانسير» فى طابقه المسحور مثل الفقى، يؤيد ويعارض، يحب إبراهيم عيسى ويمتدح عبقرية جمال مبارك، يرفض جماعة الإخوان وتربطه أواصر محبة بقياداتها. الفقى وبدراوى وجهان لعملة واحدة، فالمشتركات كثيرة، والإحباطات واحدة، والمزايا كعين الشمس، والتجاهل قدر. وختاما، ليس عيبا أن يقبلك الآخرون، لكن العيب أن تكون جزءا من القمع والفساد، فالسكوت هو علامة الرضا، وبوابة المرور لكل الخطايا. سؤال للفقى وبدراوى: هل تنامان جيدا؟ [email protected]