قصة تجنيد الحريديم شُعلة الفتنة التي تنذر بحل الحكومة الإسرائيلية

تجنيد الحريديم، أو تجنيد اليهود المتشددين في جيش الاحتلال الإسرائيلي هي قضية شائكة شديدة الحساسية لما تحمله من تبعات على ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
واعتادت حكومة الكيان إلزام الخدمة العسكرية للشباب في إسرائيل، باستثناء اليهود المتشددين أو المتزمتين الذين يطلق عليهم "الحريديم"، وأحياناً أخرى يلقبون باليهود الأرثوذكس، ويمكنهم تجنب التجنيد الإجباري في حالة تكريسهم وقتهم لدراسة الشريعة والتوراة. وهو إعفاء اعتُمد لدى الاحتلال إسرائيل عام 1948 ولم يسبق أن تم التشكيك به من قبل.
حيث تدوم الخدمة العسكرية للرجال 32 شهرًا وللنساء سنتان، وهي إلزامية للشبان والشابات الإسرائيليين، ولكن يتم إعفاء معظم اليهود المتشددين منها، ويسمح لهم بتأجيل الخدمة العسكرية سنويًا من خلال الدراسة بدوام كامل في المدارس التلمودية، وتُعفى النساء المتدينات الشابات تلقائيًا.
المحكمة العليا تمنح حكومة نتنياهو فرصة اقتراح قانون لتجنيد الحريديم
والآن يتعين على الحكومة الإسرائيلية تقديم ردها إلى المحكمة العليا، الخميس، بشأن مسألة تجنيد اليهود المتشددين، وكانت منحت المحكمة العليا الحكومة فرصة لصياغة اقتراح مفصل لمشروع قانون حتى الأربعاء، بعد أن تلقت العديد من الالتماسات المطالبة بالتجنيد الفوري لليهود المتشددين تماشيا مع القوانين، التي تساوي بين المواطنين.
ونظرا لحساسية القضية، التي كشفت عن انقسام عميق بالكيان الإسرائيلي، لم يتوصل الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو إلى أي اتفاق بفعل معارضة الأحزاب الدينية، التي رفضت الأمر حتى ولو على سبيل المناقشة.
وضمن مجموعة من المساعي بذلتها حكومة نتنياهو، طلبت الحكومة من المحكمة إمهالها ساعات إضافية حتى الخميس لتقديم ردها النهائي.
في السياق ذاته أعلنت المدعية العامة جالي بهراف ميارا التي يتمثل دورها في تقديم المشورة للحكومة بشأن القضايا القانونية وتمثيلها أمام المحاكم، الجدل مساء الأربعاء عن أن الحكومة ستكون ملزمة بالانسياق في تجنيد المتدينين اعتبارا من أول أبريل، بسبب ثغرة قانونية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً.
فيتعرض الإعفاء من التجنيد لانتقادات متزايدة داخل المجتمع، بتوقيت خوض إسرائيل حرباً في قطاع غزة منذ ما يقرب من ستة أشهر، وهو ما رجح انحياز الرأي العام إلى حتمية خدمة اليهود المتشددين مثل غيرهم بالحرب لضمان أمن البلاد، على حد تعبيرهم.
انهيار الحكومة مقرون بتجنيد الحريديم
ائتلاف نتنياهو يعتمد بشكل كبير على التحالف مع الحزبين الرئيسيين المتشددين، شاس ويهدوت هتوراه، اللذين يعارضان بشدة تجنيد الحريديم، وإذا انسحبا من الائتلاف، ستنهار الحكومة.
ووفقاً لمراسلة قناة القاهرة الإخبارية من القدس المحتلة دانا أبو شمسية، تشهد إسرائيل فتنة كبرى وكارثة تُنذر بحل حكومة نتنياهو، وهو ملف تجنيد الحريديم، ووصف الوضع في وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه أزمة سياسية جديدة تضرب الحكومة الإسرائيلية، فقالت بتصريحات على الهواء أن وزير القضاء الإسرائيلي صرح بأنها ليست مجرد أزمة سياسية ولكنها تشكل وضعاً كارثياً يًنذر بحل الحكومة بأكملها.
وتابعت أن على الرغم من انتماء هذا الوزير إلى حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو، ولكنه جاءت تصريحاته بحتمية التزام الحكومة بالقوانين التي أبرمتها مع الحريديم. وأضافتأن هذا التصريح سيكون له تداعياته في الشارع الإسرائيلي لأنه صادر عن أعلى سلطة قضائية، وكذلك المستشارة القضائية للحكومة لوحت وقالت إنها لن تسمح بتمرير هذا القانون حتى وإن أصر نتنياهو بتمرير قانون التجنيد الجديد.
ومنذ إلغاء المحكمة العليا الإسرائيلية للقانون المعروف باسم "تال" عام 2012، استمرت الإعفاءات عبر اتفاقيات بين الحكومات المتعاقبة وأحزاب الحريديم.
كما يشكل اليهود المتشددون حوالي 14% من السكان اليهود في إسرائيل، وفقًا لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، أي ما يقرب من 1.3 مليون شخص.
كذلك يستفيد نحو 66 ألف شاب يهودي متدين في سن الخدمة العسكرية من هذا التأجيل، وفقًا لأرقام الجيش.ويرفض معظم الحريديم إلغاء هذا الإعفاء لجميع الطلاب، معتبرين أن الجيش لا يتوافق مع قيمهم.