أستاذ قانون دولي: دعوى جنوب إفريقيا ضد ممارسات الاحتلال «نقطة تحول»

تعقد محكمة العدل الدولية هذا الأسبوع عده جلسات للنظر في قضية رفعتها جنوب أفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في حرب غزة وتطالب بوقف عاجل لحملتها العسكرية.
قرارات العدل الدولية هذا الأسبوع لن تقتصر على تدابير طارئة لحماية المدنيين في غزة، بل ستشكل بداية رحلة طويلة من التقاضي لتحديد مدى مصداقية المؤسسات الدولية ومدى جدية المجتمع الدولي في حماية حقوق الانسان.
وتعليقًا على ذلك أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وخبير النزاعات الدولية، أن هذه الدعوى، تمثل خطوة مهمة نحو مساءلة الاحتلال الإسرائيلي أمام القضاء الدولي.
وقال الدكتور مهران في تصريح خاص ل«المصري اليوم» إن المحكمة ستعقد غدًا أولى جلساتها للنظر في الطلبات التي تضمنتها الدعوى، وستبحث مدى اختصاصها وما اذا كانت الدعوي قد أقيمت على وقائع ثابتة وأسانيد قانونية، كما ستعطي فرصة للاطرافة لتبادل الدفاع والمذكرات.
وأوضح أن الدعوى أمام محكمة العدل الدولية تستند إلى اختصاص المحكمة المنصوص عليه في المادة التاسعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي وقّعت عليها كل من جنوب إفريقيا وإسرائيل، حيث تنص المادة التاسعة على أن «تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة».
كما ذكر الخبير الدولي أن الاتفاقية تعرّف الإبادة الجماعية في المادة الثانية بأنها أي «فعل يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه»، مستنكراً ما حدث من تلك الانتهاكات التي ارتكبت بالفعل، بالإضافة إلى السياسات الإسرائيلية العنصرية ضد الفلسطينيين التي تدعو إلى إبادتهم، مؤكدًا أنها تندرج ضمن أفعال التحريض على الإبادة المحظورة بموجب المادة الثالثة من الاتفاقية.
ولفت إلى أن المحكمة ستستغرق عدة أشهر قبل إصدار حكمها بشأن هذه المسائل الإجرائية، قبل البت في موضوع الدعوى المتعلق بوقف الانتهاكات الإسرائيلية في غزة وادانتها.
وأشار مهران إلى أنه بموجب المادة 41 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، يجوز للمحكمة إصدار أوامر باتخاذ تدابير مؤقتة عند اللزوم لحماية حقوق أطراف النزاع ريثما يتم إصدار الحكم النهائي.
كما نوّه بأن أحكام المحكمة نهائية وملزمة، حيث تنص المادة 59 من النظام الأساسي على استبعاد الطعن أو الاستئناف، وتلزم المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة الدول بتنفيذ تلك الأحكام بحسن نية.
ورجّح أستاذ القانون الدولي أن يكون مآل الدعوى لصالح الشعب الفلسطيني، مع توصية المحكمة بضرورة تقديم إسرائيل تعويضات ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أنه أعرب عن مخاوفه من تهرب إسرائيل كما حدث في سوابق سابقة من تنفيذ أحكام المحكمة، ما يهدد مصداقيتها، مشيرًا إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل قد يشجعها على ذلك وهو ما يستدعي تدخل المجتمع الدولي لحمل اسرائيل على احترام القانون الدولي.
وحثّ مهران المجتمع الدولي على ممارسة ضغوط على إسرائيل لتنفيذ أي حكم سيصدر بحقها، حفاظًا على مصداقية القضاء الدولي في ردع انتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون الدولي، مشدداً على أن هذه القضية تُعد سابقة مهمة يمكنها وضع حد للممارسات غير الإنسانية الإسرائيلية بحق أهل فلسطين، مبدياً امله في أن تمثل نقطة تحول نحو مزيد من المساءلة الدولية.
ومن المقرر أن تعقد الجلسات يومي 11 و12 يناير وسيكون لجنوب أفريقيا وإسرائيل ساعتان في يومين منفصلين لتقديم الحجج سواء لصالح أو ضد اتخاذ التدابير الطارئة، ولن يتم استدعاء شهود للإدلاء بشهاداتهم ولا حتى استجوابهم. وسيكون العرض التقديمي غالباً عبارة عن حجج قانونية يقدمها مسؤولو الدولة وفرقهم من المحامين الدوليين.
ويعد طلب جنوب أفريقيا من المحكمة الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة خطوة أولى في قضية ستستغرق عدة سنوات لكي تكتمل. ويُقصد من التدابير المؤقتة نوع من الأوامر التقييدية لمنع تفاقم النزاع في أثناء نظر المحكمة في القضية بأكملها.