قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن الحرب التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة، ونطاق الموت والدمار التى خلفته «لم يسبق له مثيل» و«لا يمكن تحمله»، منددًا باستهداف أشخاص خارج أطراف الحرب مثل الصحفيين والعاملين فى المجالات الإنسانية. جاء هذا فى التقرير الذى يعده بشكل دورى كل ثلاثة أشهر لمتابعة تنفيذ القرار رقم (2334) الذى تنباه مجلس الأمن الدولى فى 23 ديسمبر عام 2016، والذى ينص على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل «انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى»، ومنذ تبنى القرار ارتفع عدد المستوطنين الإسرائيليين فى الضفة الغربية، بما فيها القدسالشرقية، بنسبة 12%. وأدان «جوتيريش» فى التقرير الذى قدمه إلى مجلس الأمن الدولى، أمس الأول، حجم الحملة العسكرية لقوات الاحتلال والموت والدمار الذى خلفته فى غزة، والذى لا يمكن تحمله، على حد تعبيره، وأدان قتل المدنيين والنساء والأطفال، وصولًا إلى استهداف أشخاص محميين بحكم قواعد الحرب، مثل الصحفيين والعاملين فى المجالات الإنسانية، منوهًا بأن أعداد القتلى والجرحى تثير تساؤلات بشأن مدى الالتزام باشتراطات التمييز والاحتياطات فى الهجوم. وأكد، فى التقرير، أن الأمر بالتهجير الجماعى لسكان شمال القطاع ووسطه دون ضمان حصولهم على المأوى والغذاء والماء والدواء والنظافة والصحة والسلامة يثير مخاوف جدية بشأن الامتثال للمتطلبات القانونية المعمول بها. وأضاف: «أشعر بالأسى على خسارة كل المدنيين، بما فى ذلك 131 من الزملاء فى الأممالمتحدة، وهى أكبر خسارة فى الأرواح فى تاريخ المنظمة»، معربًا عن بالغ قلقه بشأن ما قد يشكل انتهاكات للقانون الإنسانى الدولى. وأعرب عن قلقه من التقارير الواردة بشأن احتجاز عدد كبير من الفلسطينيين إداريًا، دون تهمة أو محاكمة، من قبل إسرائيل منذ 7 أكتوبر، فضلًا عن الهجمات المميتة التى نفذها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين. وأشار جوتيرش إلى أن قوانين الحرب تطالب أطراف النزاع بالسماح وتسهيل المرور السريع ودون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين، وشدد على وجوب تجنيب ملايين المدنيين الفلسطينيين «دفع ثمن الأعمال الوحشية التى ترتكبها (حماس) وغيرها من الجماعات المسلحة». واعتبر الأمين العام أن الظروف الحالية تجعل من الاستحالة بمكان تنفيذ عمليات إغاثة إنسانية ذات معنى، مؤكدًا أن مستوى المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى غزة غير كاف إطلاقًا، ولا يتناسب مع الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع، وشدد على أهمية دخول السلع التجارية للقطاع، خصوصًا أن المساعدات الإنسانية وحدها لا يمكنها تلبية احتياجات 2.2 مليون شخص. وكرر جوتيرش دعوته إلى فتح معبر كرم أبوسالم، تماشيًا مع قرار مجلس الأمن رقم 2712، لدخول الإمدادات الإنسانية، مؤكدًا على أهمية تنفيذه من قبل الأطراف، والذى كان حتى الآن غير كاف على الإطلاق فى مواجهة الكارثة الإنسانية الملحمية فى غزة. ويدعو القرار 2712 تبناه مجلس الأمن، فى 15 نوفمبر، إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة فى جميع أنحاء قطاع غزة والإفراج الفورى ودون شروط عن كل الرهائن. وفى معرض حديثه عن الضفة الغربية، قال الأمين العام، إنه يتعين على إسرائيل اتخاذ خطوات فورية لإنهاء المستويات غير المسبوقة من عنف المستوطنين وحماية السكان الفلسطينيين من الهجمات المتزايدة وحوادث استخدام العنف والترهيب لطرد المجتمعات المحلية من منازلهم. وأشار إلى أن عام 2023 شهد أكبر عدد من الحوادث منذ أن بدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية تسجيل البيانات فى عام 2006، ونادرًا ما يُحاسب المستوطنين على مثل هذه الهجمات، ما يزيد من مستوى التهديد للفلسطينيين وممتلكاتهم. أحض إسرائيل، باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، على ضمان سلامة وأمن السكان الفلسطينيين والتحقيق مع مرتكبى جميع الهجمات ومحاسبتهم. وأضاف: «أشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد التوترات فى الضفة الغربيةالمحتلة، بما فيها القدسالشرقية، والتى وصلت إلى نقطة الغليان. ما زلت أشعر بقلق إزاء التوسع المستمر فى المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، الأمر الذى يعيق وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم ومواردهم، ويهدد قدرة الدولة الفلسطينية المستقلة على البقاء فى المستقبل». وتابع: «لقد تجاوز عام 2023 العام الماضى، باعتباره العام الأكثر دموية للفلسطينيين فى الضفة الغربية منذ أن بدأ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية فى تسجيل الضحايا فى عام 2005»، فيما كرر نداءه العاجل من أجل وقف فورى لإطلاق النار، ودعا إلى وضع حد للخطابات التحريضية البغيضة من جميع الأطراف. وأشار جوتيرش إلى أن العام الجارى شهد أكبر عدد من عمليات التوسع الاستيطانى، فى ظل تزايد الموافقات على الوحدات السكنية فى الضفة الغربيةالمحتلة، بما فى ذلك القدسالشرقية، منذ أن بدأت الأممالمتحدة فى تتبع التقدم بشكل منهجى فى عام 2017.
