حالة من الخوف والقلق سيطرت على أهالي غزة ليست فقط من رصاص وقذائف جيش الإسرائيلي، إنما عند تناول الطعام والشراب الملوث بمياه المجاري، وأيضا عن استنشاق الهواء المحمل بدخان القنابل وروائح أكوام القمامة ومخلفات المستشفيات، وأشلاء الجثث المتراكمة في كل الأماكن. وهو ما أكده مدير عام حماية البيئة في الفلسطيني، ياسر أبوشنب، في حواره مع «المصري اليوم» الذي يكشف حجم الكوارث البيئة قد تتعرض لها غزة بعد استخدام جيش الاحتلال أسلحة محرمة دولية تهدد بكوارث جديدة في القريب العاجل. هل استخدم الاحتلال الإسرائيلي أسلحة محرمة دوليًا ضد شعب غزة؟. التقارير المنشورة حتى الآن من مؤسسات دولية ومحلية، تؤكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم الفسفور الأبيض وهو مادة كيمائية حارقة محرم استخدامها في الجيوش طبقا للبند الرابع في اتفاقية لاهاي. وإلى نص الحوار: - وما الآثار الناجمة عن استخدام هذه النوعية من الأسلحة؟ تم رصد آثار استخدام الفسفور الأبيض المحرم دوليًا في حرق الأرض الزراعية على مساحات كبيرة وتدمير أشجار الزيتون، كما تم رصد حروق في بعض المصابين والشهداء تصل إلى العظام، ودخان قنابل الفسفور الأبيض، فاستنشاق الفسفور الأبيض يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة في القصبة الهوائية والرئة، كما أن هناك أسلحة كيمائية محرمة تم استخدمتها لأول مرة ضد أهالي غزة بعد 7 أكتوبر. - ما هدف إسرائيل من استخدام تلك الأسلحة في حرب غير متكافئة؟ الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات يطبق سياسية تدمير البيئة الفلسطينية ليجعلها غير قابلة للحياة، وهذه النوعية من الأسلحة الكيمائية تحرق الأشجار وتدمر التربة، وتجعل مياه الآبار ملوثة غير صالحة للشرب، والهواء ملوث بدخان الحرائق والغازات السامة، مما يساعد على انتشار أمراض خطيرة تتفشى بسرعة بين الأهالي، مع ضرب البنية التحتية للقطاع الطبي ومنع دخول المساعدات المطلوبة من الخارج. - هل نجح حتى الآن في تنفيذ مخططه؟ بالفعل قصف آبار المياه العذبة تحت الأرض بحجة أنها أنفاق تستخدمها حركة حماس في إخفاء الرهائن، كما قصف شبكة الصرف الصحي وقطع الكهرباء والغاز عن محطات الخاصة بتنقية مياه الشرب، وحرق المزارع وقطع أشجار الزيتون في محاولة لجعل غزة غير صالحة للسكن. - كيف يعيش الأهالي بعد تلوث مياه الشرب؟ هناك شاحنات محملة بالمياه لكنها تكفي أعداد محدودة من أهالي غزة، بينما يحصل بعض الأشخاص في جنوب القطاع على المياه من محطات تحلية تعمل بطاقة 25% فقط، والبعض الآخر يبحث عن مياه صالحة للشرب في الآبار، لكنها تحتوي على نسبة عالية من الملوحة، فهناك نقص حاد في مياه الشرب والمياه الخاصة بالنظافة الشخصية، ومع تراكم النفايات والمواد الصلبة، ظهرت الأمراض والأوبئة بجانب تحلل الجثث تحت الأنقاض. -هل كانت هناك صعوبة في استخراج باقي الجثث خلال فترة الهدنة؟ الأعداد الكبيرة من الجثث الموجودة تحت الأنقاض تحتاج إلى معدات وإمكانيات ووقت كبير لاستخراجها، فالمعدات الموجودة غير كافية في ظل استمرار القصف وسقوط ضحايا كل ساعة، ولابد أن يعرف العالم كله أن تحلل آلاف الجثث تحت الأنقاض يؤدي إلى كارثة صحية في غزة، من الممكن أن نشهدها خلال الأيام المقبلة. - هل هناك تقدير لحجم الخسائر التي لحقت بالبيئة؟ ليس لدينا أي أرقام عن حجم الخسائر البيئية والصحية في غزة، باستثناء بعض التقارير المنشورة من مؤسسات دولية ومحلية، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمات اليونيسف، لكن ما نستطيع أن نؤكده أن الوضع الصحي القادم أصعب، في ظل الدفن الجماعي لجثث الشهداء وما تبقي من أشلاء بعضهم، وذلك في حضور القائمين على البيئة. - ما مدى تأثير الوضع البيئي الحالي على دول الجوار؟ عدد من خبراء البيئة في معظم دول العالم أكدوا أن الوضع في غزة كارثة بيئية تهدد جميع دول العالم، وليس دول الجوار فقط. -هل يوجد حل لمواجهة تلك المخاطر المحتملة؟ طالبنا منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة وعدد من المنظمات الإنسانية والدولية بسرعة تشكيل لجان دورية لتقييم الوضع الصحي والبيئي في غزة، والمطالبة بسرعة وقف الحرب وتوفير كميات من المياه الصالحة للشرب، وتجهيز قوافل طبية لمواجهة الأمراض الكارثية التي قد تحدث في غزة خلال الأيام المقبلة.