الجثث المُتحللة تحت الأنقاض.. وباء جديد يهدد أهالي غزة في الشتاء

ما يقرب من 4 آلاف جثة ما زالت تحت أنقاض العقارات السكنية والمستشفيات التي قصفها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ أحداث 7 أكتوبر وحتى الآن، لم يتمكن الدفاع المدني الفلسطيني بمساعدة الأهالي من استخراجهم، وهو ما يمثل خطرا كبيرا يهدد أهالي غزة، إذ يعمل على انتشار أمراض خطيرة مثل الكوليرا والتهاب الكبد الوبائي والتيفود وغيرها، خاصة مع تحلل هذه الجثث.
حذرت منظمة الأمم المتحدة وعدد من الهيئات الدولية من خطورة انتشار الأمراض في منطقة غزة، بعد تعفن عدد كبير من الجثث تحت الأنقاض، مشيرة إلى أن تحلل الجثث يهدد بتلوث البيئة وانتشار البكتيريا والفيروسات.
وأكد الدكتور إسلام عنان، أستاذ الأوبئة بجامعة مصر الدولية، أن عدم دفن الجثث بشكل صحيح في غزة يؤدي إلى انتشار الأمراض الأوبئة المعدية، ويزيد الخطر عندما يكون هناك جثث الأنقاض، إذ تخرج الميكروبات والجراثيم من الجثث المتحللة إلى البيئة المحيطة وتصيب الآخرين بأمراض خطيرة تنتشر بشكل سريع مما يؤثر على الصحة العامة.
الكوليرا والتهاب الكبد A وE والتيفود والسالمونيلات، 4 أمراض قاتلة وسريعة الانتشار توقع «عنان» انتشارها في غزة من الجثث، وقال ل«المصري اليوم»، إن تلك النوعية من الأمراض تنتشر عبر الماء أو الطعام الملوث، مؤكدًا أن انتقالها من الجثث للأحياء نادر نسبيًا في السنوات الأخيرة بسبب الرعاية الصحية والتدابير اللازمة، ولكن الوضع في غزة يختلف فتراكم الجثث لفترات طويلة تحت الأنقاض مع عدم توافر الرعاية الصحية اللازمة أصبح خطرًا، مطالبًا بسرعة التعامل مع الجثث المتحللة بشكل صحيح وتحت إشراف طبي حتى لا نتفاجأ بكارثة بيئية جديدة.
وحذر أستاذ الأوبئة، أهالي غزة من مرض الكوليرا، بوصفه أكثر الأمراض خطورة ويظهر في فترة الحروب والكوارث وهو سريع الانتشار خاصة بين الأطفال، وبيئة غزة مهيأة لانتشاره، فلا توجد بينية تحتية ولا مستشفيات ولا أدوية ولا نظافة، وأي مرض حتى لو كان بسيطًا مع عدم مواجهته يتحول إلى خطير في ظل غياب التغطية الطبية.
وكشف «عنان» أن فصل الشتاء قد يحد من انتقال بعض البكتيريا والفيروسات، لكن في المقابل يرتفع عدد المصابين بالأمراض التنفسية، التي تؤدي إلى الوفاة، كما حذرت منظمة الصحة العالمية.
في المقابل حذر الدكتور أيمن فودة رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، أهالي غزة من الاقتراب من جثث الشهداء تحت الأنقاض، مؤكدا أن محاولة استخرج الجثث أو الاقتراب منها سينتج عنه أمراض خطيرة لن يستطيع أحد السيطرة عليها، وستتضاعف أعداد الشهداء، بصورة أكبر مما حدث خلال الحرب.
وشدد «فودة» ل«المصري اليوم»، على خطورة التعامل مع الجثث تحت الأنقاض، فإذا كانت أحدها مصابة بالكبد الوبائي أو الإيدز أو غيرها من الأمراض المعدية، ستنتشر العدوى في حال عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية، موضحًا أن الجسم يدخل في مراحل التحلل بعد 36 ساعة من خروج الروح وبعدها يصبح في حالة تعفن، لذا لا يجب الاقتراب من الجثث إلا بعد مرور 6 شهور لتنتهي مراحل التحلل وتصبح الجثة عبارة عن عظام فقط، كما حدث في مدينة بورسعيد بعد العدوان الثلاثي عام 1956.
وحذر رئيس الطب الشرعي الأسبق، من تسرب سوائل الجثث المتحللة إلى المياه الجوفية التي يعتمد عليها الأهالي، لذلك لابد من متابعة الوضع البيئي في غزة لحظة بلحظة حتي لا تحدث كارثة بيئية جديدة.
«ما يحدث في غزه الآن ليس فقط جرائم ضد الإنسانية إنما جريمة ضد البيئة»، وفقًا للدكتورة شيرين فراج أستاذ الهندسة البيئية في جامعة عين شمس، موضحة أن هذه الجريمة لن يكون تأثيرها على أهالي غزة فقط وإنما على دول العالم كله، مطالبة يكافة الدولة المشاركة في مؤتمر cop 28 باتخاذ قرارات عاجلة لمنع الجرائم البشعة التي ترتكب في حق البيئة وأهالي غزة خلال الأيام الأخيرة.
وأكدت «شيرين»، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هي إبادة بيئية وكارثة تهدد الحياة وكوكب الأرض، فلابد من إيجاد حلول في التعامل مع جثث الشهداء واستخراجها بطريقة صحية.
وأكد محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، أنه خلال فنرة الهدنة تمكن رجال الدفاع المدني من استخراج نحو 300 جثة من تحت الأنقاض، مؤكدًا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف جميع آليات التنقيب عن الجثث، ولم يتبق إلا حفار واحد يتم استخدامه حاليًا، مطالبًا بمد غزة بمساعدات طبية ومعدات جديدة من الخارج لمساعدتهم في استخراج الجثث ودفنها بطريقة سليمة.
[image:4:center