أسرة «ضحية بدر»: «قتلوه واستولوا على فلوس العملية» (فيديو)

«تعالوا المستشفى».. يسقط على الأرض فتهرع إليه بناته ال 3؛ يرددن وهن بين حضنه: «شدّ حيلك يا بابا»، بينما يشير إلى جثة شقيقهن وهو مسجى على «تروللى»، ويكرّر «اتنين إخوات قتلوه، ضربوه 5 طعنات، عايزين ياخدوا منه فلوسه بالعافية».
يفلت الرجل السبعينى من يد بناته ال3، ويركض مسرعًا ليحنى جسده ثمّ يُلصق أذنه ناحية قلب ابنه- صاحب ال20 ربيعًا سائق «التوك توك» بمنطقة بدر، كأنه يتأكد من توقف قلبه، ويضيّق عينيه كمن يحاول رؤية شىء ما في العتمة، وإذ به يرى الطعنات بصدر الابن ورقبته التي مزقت جسده حتى الموت.
يبدو الحزن والقهر على وجوه البنات ال 3 وهن يراقبن شقيقهن الوحيد والدماء حوله، والدّموع تتساقط من أعينيهن، يراقبن ملامح وجهه التي كساها الخوف، وكانت الأخت الكبرى «مى» تقف في مكانها لا تقوى على التحرّك نحوه خطوةً واحدة، ومن دون أن تدرى رددت كلماتها التي تشبه هزيًا: «اتصلت بيه وقاللى جاى لك البيت.. وغاب 5 ساعات استغربت لحد ما جالى تليفون إنه اتقتل».
لم تستطع «مى» المقاومة، فسقطت من وقفتها مجهشةً بالبكاء، افترشت الأرض وطفقت تبكى: «أخويا مريض أصلًا عنده صرع، بيخليه يقع ومش قادر يمشى، آخر مرة سقط على كتفه اتخلع، كان جاى لى ينام عندى وتانى يوم يدخل العمليات ليجرى جراحة، وجالى خبره، اتنين إخوات من جيرانا استوقفاه واحد فيهم قاله: (اقف ياض وهات اللى معاك).. أخويا اتضايق، رد عليه: (اجروا من هنا)، ليؤازر الشقيقان بعضهما واحد كتّفه والثانى ضربه بمطوة وموّته».
كانت تلك المرة الأولى التي يغيب فيها «كريم» عن نظر والده، لم يكن هناك من يعوله غيره، يخرج في الصباح للعمل على «توك توك» ويعود إليه ليلاً بأكياس الدواء، فهو لم يدرك الحياة من دونه «ده ضنايا أصغر ولادى، الوحيد اللى عايش معايا، ولادى البنات تزوجن، ومراتى ماتت مش فاضل لى إلا هو، وكان نفسى أفرح بيه قبل ما أموت، شيعت جنازته بدل ما يحمل هو نعشى».
تنظر بعض النّساء من الجيران، كيف يتمتم والد «كريم» وشقيقاته ال 3 «لينا مين من بعدك يا حبيبى»، يطلقن صرخات مدوية، وعندما تروى إحداهن أنه كان يوصل السيدات والعجائز دون مقابل للمشاوير، يبتسم الأب وهو يردد «قلبى وربى راضيين عنك يا ابنى».
جريمة قتل «كريم» أدمت قلوب جيرانه وأسرته، وتروى شقيقتاه «دينا» و«سمر» أن أحلامه كانت بسيطة «نفسه كان يشترى توك توك بالتقسيط بدل من اللى شغال عليه بالأجرة ورديتين، عشان يصرف على نفسه وأبوه»، ذاك ما تحكياه عن أخيهما، يذكرهما بأنه «كان بيرزونا في بيوتنا ويجيب للعيال حاجات حلوة، رغم ضيق ذات اليد».
«خلاص هعيش لوحدى».. يُحدث الأب المكلوم نفسه بذلك، كأنه لم يستوعب صدمة قتل «كريم»، فلم يكف عن قوله «ابنى مات غدر.. غدروا به.. يقتلوه ليه؟، عشان ياخدوا ألف جنيه كانت في جيبه، بتوع العملية».
وتعجّب الأب ممّا شاهده على كاميرات المراقبة «وقفوه وفى غمضة عين غزّوه بالسلاح»، فأراد أن يخرج من أحزانه، وقد نبتت في عقله وقلبه فكرة أن يغادر منزله، وحين تسأله بناته: «هتروح على فين؟، هنا بيتك وسريرك»، كان يهزّ رأسه وهو يفتح عينيه ثم يقول لهن «مش قادر أعيش هنا، في مكان فيه ريحة ابنى قلبى هيتوقف من البكاء عليه»، يطالب «عايز حق ضنايا، كان بيصرف عليا».
يعرف الأهالى أنّ الشقيقين المتهمين «بتوع مشاكل»، و«كريم» كان شاب شقيان على أبوه و«شايل» مسؤولية علاجه، ويؤكدون أنهم ما أن رأوا المجنى عليه سايح في دمه حتى هرولوا إليه والمتهمان يحاولان الهروب من المكان، لكن المباحث ضبطت أحدهما.